إستراتيجية الجنرال قاسم سليماني الجديدة في العراق
بعد تطور الأحداث العسكرية والأمنية في العراق
ومنذ سيطرة ثوار العشائر والدولة الإسلامية "داعش" على الأنبار واجزاء كبيرة
من محافظة صلاح الدين، وضع الحرس الثوري الإيراني إستراتيجية جديدة للعمل في العراق وفق المتغيرات والتحولات العسكرية
والأمنية التي تشتهدها الساحة العراقية الأن .
وشكلت هزيمة الجيش العراقي الذي فشل أمام التنظيمات
المسلحة الإسلامية والقومية (النقشبندية وثوار العشائر) دافعاً قوياً للحرس الثوري
الإيراني متمثلاً بجناحه الخارجي فيلق قدس على تعويض الخسائر التي تكبدها التحالف الشيعي
-المتشكل من أهم الأحزاب السياسية الشيعية في العراق- وذلك من خلال إعادة هيكلية القوات
العسكرية العراقية. وكشفت الأحداث السياسية والعسكرية والأمنية الجارية في العراق وتحركات
فيلق قدس الإيراني أن الأجندة الإيرانية تعمل حالياً على توسيع نفوذها على الصعيدين
العسكري والسياسي في إطار شامل وخطط لتعزيز دورها المستقبلي في العراق ولتفادي هزائم
اضافية على الهزائم التي لحقت بحلفائها من أحزاب الشيعية في البلاد.
ويبدو إن الرجل الأكثر غموضاً في الشرق الأوسط
وإيران الجنرال قاسم سليماني لم يعد يثق بالجيش العراقي كقوة عسكرية تستطيع إن تحافظ
على مكاسب إيران وحلفائها في العملية السياسية العراقية في مواجهة إي حدث عسكري طارئ
كما حصل في الموصل، حيث أنهارت كافة القطاعات العسكرية في أول إختبار حقيقي للجش العراقي
في مواجهة المسلحين هناك .
ومن أهم الاستراتيجيات التي وضعها الجنرال قاسم
سليماني ويعتزم تطبيقها، تأسيس ميليشيات مسلحة في العراق على غرار ميليشيات حزب الله
في لبنان، وتعمل هذه الميليشيات المسلحة بشكل منظم في إطار الجيش والقوات الأمنية العراقية
ويتم توزيعها على المحافظات العراقية لتأخذ مكانة الجيش العراقي الحالي مستقبلاً.
وقد يستخدم الجنرال قاسم سليماني تجربة تشكيل قوات
التعبئة الإيرانية التي تسمى في إيران بقوات الباسيج وهي قوات عسكرية شعبية تابعة للحرس الثوري الإيراني
تشكلت من المتطوعين الإيرانيين للقتال ابان الحرب الإيرانية ـ العراقية وكان لها دوراً
بارزاً في الثمانينيات القرن الماضي بتلك الحرب. وايضاً شاركت في قمع الكثير من الإحتجاجات
الطلابية والقومية والعمالية في عموم إيران .
ويرى سلمياني إن الفرصة الذهبية مؤاتية الأن ،
وإن الإحتقان الطائفي في العراق يشكل بيئة خصبة للمتطوعين الشيعة للقتال ضد المناهضين
للوجود الإيراني في العراق . وكما أن الفتاوى المرجعية الدينية في النجف ستساهم في
تعبئة الشارع العراقي الشيعي القاضب من وجود دعش الأن للتطوع في هذه القوات شبه النظامية
.
وكلفت استخبارات الحرس الثوري الإيراني اللواء
حسين همداني أحد كبار قادة فيلق قدس التابع للحرس الثوري الإيراني مسؤولية الإشراف الموقت على الملف العراقي ومتابعة
التطورات العسكرية والأمنية هناك .
وزار اللواء حسين همداني العراق مؤخراً ومارس دوره
الجديد عبر الإشراف على سير عمل تشكيل المليشيات المسحلة الشيعية وتدريبها من أجل عدم
خروج الأمور من نطاق السيطرة الإيرانية في بغداد ، ويعتبر اللواء حسين همداني من أعضاء
ومؤسسين الحرس الثوري الإيراني من عام 1980 م . وقد شارك همداني في الحرب العراقية
الإيرانية وكان من قادة الجبهة الغربية في إيران حينها . وعندما حصلت الإضطرابات في
عام 2009 في إيران أصبح قائدا للحرس الثوري في طهران لقمع المحتجين على نتائج الإنتخابات
وتم إدراج إسم اللواء حسين همداني في قائمة العقوبات الدولية ضد إيران .
وأعتقد سوف تستطيع استراتيجية قاسم سليماني تحقق
نجاحها العسكري والسياسي في أكثر المحافظات في جنوب العراق بسبب عدة عوامل ومن أهمها
تشتت الموقف العربي تجاه العراق، حيث لا يمتلك العرب الأن أي استراتيجية أو خطاب سياسي
واضح تجاه الأزمة العراقية واستثمرت إيران هذا الفراغ العربي في العراق بشكل جيد وأصبحت
المؤسسات الإيرانية تنفذ كل مشاريعها السياسية والأمنية والثقافية والدينية في العراق
في ظل غياب الرؤية العربية الشاملة تجاه العراق .