ما يجري اليوم هو تتويج لحالة أمنية تديرها المخابرات الأردنية والصهيونية والأمريكية منذ بداية الثورة السورية هدفها منع نشوء أي حالة مقاومة للإحتلال الصهيوني في المنطقة
منذ بداية الثورة السورية
وتشكيل لواء الكرامة في جنوب سوريا وفصائل مختلفة انطوت تحت مظلة الجيش الحر سعت
واشنطن استثمار نفوذها في المخابرات الأردنية واستثمار علاقتها بالمنطقة لصالح
تحجيم أي حراك يصادم الاحتلال الصهيوني في الجولان والمنطقة بأسرها سواء كان ذلك من
طرف الجماعات الجهادية السورية أو المليشيات الإيرانية التي كانت تتوسع في المنطقة.
لكن عقب سقوط النظام السوري وهيمنة النظام الجديد بقيادة أحمد الشرع الذي يعد من
أبرز قادة الفصائل الجهادية في سوريا وصاحب تجربة عسكرية كبيرة استخدمت واشنطن
سياسة العصا والجزرة لتهجين النظام الجديد من خلال إغراءات بتخفيف العقوبات ومقابل
التصدي لأي محاولة للمساس بأمن الدولة العبرية من خلال طرد الفصائل الفلسطينية مثل
حركة حماس والجهاد الإسلامي وغيرها أو محاربة أي عمليات لتهريب السلاح بين العراق
ولبنان لكن الشرع صاحب طموح السيطرة والسيادة يحاول المناورة إلى أن اصطدم بجدار
صلب فرضته عليه الدولة العبرية التي تطمح في التوسع في جنوب سوريا بعد أن ألغت
إتفاقية الهدنة الموقعة بين البلدين في مايو 1974م، ومدت وجودها البري إلى مساحة
تصل إلى أكثر من 500 كيلومتر مربع في تلك المنطقة لكنها تطمح إلى جعل منطقة
السويداء بمثابة نقطة ردع متقدمة للإشراف الإستخباري على الجنوب السوري وتأمينها
كمنطقة منزوعة السلاح.
ما يجري اليوم هو تتويج
لحالة أمنية تديرها المخابرات الأردنية والصهيونية والأمريكية منذ بداية الثورة
السورية هدفها منع نشوء أي حالة مقاومة للإحتلال الصهيوني في المنطقة، لذلك يواجه
الرئيس السوري احمد الشرع واحد من ثلاثة خيارات بسبب تصنيفه كواجهة لمشروع تركي
يتوسع نفوذه في المنطقة، إما أن يستمر في المواجهة الشاملة مع الدولة العبرية ومن
خلفها الضغط الأمريكي والإقليمي والتهديد بالعقوبات وبالتالي تتحول سوريا إلى جبهة
مفتوحة ضد الاحتلال الصهيوني أو أن يقبل بالقواعد الأمنية التي فرضتها الدولة
العبرية ويسمح بمواصلة تعزيزها لقوة الدروز ليتحولوا لاحقاً لمشروع إنفصالي يهدد
استقرار وسيادة سوريا بغطاء أمريكي وعبري وفي هذه الحالة سيكون عارياً تماماً أمام
أي ضغوط ولن يجد أي دعم عربي أو إسلامي لمواجهته وله في ما جرى خلال تقسيم السودان
عبرة ومايجري في غزة درس.
أما الخيار الثالث والذي
يعمل عليه حالياً بعد أن منعت قواته جبراً من دخول السويداء تحت ضغط وتهديد أمريكي
وصهيوني وصمت عربي أن ينقل الصراع من صراع بين الدولة والمليشيات الدرزية المدعومة
من الصهاينة إلى صراع عشائري بين الدروز والقبائل البدوية في جنوب سوريا ويصبح هذا
الصراع مسار استنزاف للدروز ومشروعهم والدولة العبرية من خلفهم وبالتالي ينأى
بحكومته من التعرض لأي ضغوط بسبب هذا الصراع.
وتعقيباً على ما سبقت يقول
عضو مركز دراسات الأمن القومي الصهيوني، أوفير وينتر، إن الجبهة الجنوبية في سوريا
تجمع الأردن والدولة العبرية في مصالح مشتركة لضمان الأمن في هذا المثلث الحدودي،
ويمكن للأردن أن يكون وسيطاً فعالاً بين دمشق وتل أبيب مقابل أن تضغط الحكومة
الصهيونية على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للإعتراف بالدور المحوري للأردن في رسم
مستقبل سوريا وإشراكه في عمليات التكامل التي تقودها واشنطن في المنطقة.
وبحسب الباحث الصهيوني فإن
إنهيار النظام في دمشق سيجلب للبلدين سيناريوها سيئة تمثل تهديداً مشتركاً للأردن
والدولة العبرية لذلك يجب العمل بسرية تامة للتعامل معه ويشمل ذلك التعاون الأمني
على الحدود وتبادل المعلومات الاستخبارية وتدرس الدولة العبرية بحسب الباحث تشكيل
محور إقليمي معتدل مع حلفاء آخرين وبدعم أمريكي لزيادة نفوذهما على الساحة السورية.