• - الموافق2024/11/23م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
مهندس خطة الجنرالات.. جنرال أم مجرم حرب

تتعدد المخططات الصهيونية لتثبيت أقدامهم في أوطان ليست أوطانهم واحتلال أراضي غيرهم، ومن أبرز تلك الخطط التي لم تلق الاهتمام بالقدر المناسب خطة "يورا آيلاند" الجنرال الإسرائيلي، المقرب من نتنياهو ومنظر الحرب الإسرائيلية على غزة


تتعدد الجرائم والاعتداءات التي قام بها الصهاينة، ولا يزالون يوجهونها إلى أهل غزة، والتي صنفتها أجهزة العدالة في الأمم المتحدة المختلفة بجرائم حرب، بالرغم من عجزها عن تطوير تلك الإدانة إلى فعل حقيقي يتم بها محاسبة هؤلاء المجرمين.

وفي إطار هذا الإجرام برز اسم مجرم آخر، وهو جنرال سابق في جيش دولة الاحتلال يُدعى الجنرال غيورا آيلاند، تصفه هيئة البث "الإسرائيلية" الرسمية (كان) بأنه منظر الحرب على غزة. 

ويعود اسم هذا الجنرال إلى الظهور مجددا، غداة نشر كلمة لرئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ألقاها أمام أعضاء في الكنيست الصهيوني يوم الاثنين الماضي، ذكر فيها نتانياهو أنه يدرس ما تسُمى خطة الجنرالات لفرض حصار على شمال غزة، والتي اقترحها غيورا آيلاند.

تأتي دراسة تلك الخطة من قِبَل نتانياهو، بعد أن انهارت خططه السابقة بشأن السيطرة على غزة، ومحاولة تحقيق أهدافه في غزة والتي تمحورت حول تحرير الأسرى الصهاينة من قبضة رجال المقاومة، والقضاء على حماس عسكريًا، أو على الأقل إضعافها، الأمر الذي لم يتحقق، وبدا فيها رجل الكيان القوي عاجزا.

ولم يتبق لجيش الكيان من شيء ليفعله في غزة، إلا الاستمرار في حملة الإبادة وقتل الأطفال والنساء وهدم بيوتهم عليهم، انتقامًا من المقاومة وحاضنتها الشعبية.

ولكن هذا ليس الموقف الوحيد للجنرال آيلاند الذي يعرض فيه هذه المخطط، فلهذا الرجل مواقف أخرى منذ ما يقرب منذ عشرين عامًا تدور كلها حول تجويع وطرد وقتل أهل غزة.

فمن هو هذا الرجل؟

 

واستهدف مخطط آيلاند اقتطاع مناطق من سيناء تشمل جزءا من الشريط الممتد بنحو 24 كيلومترا على طول شاطئ البحر المتوسط من رفح غربا حتى العريش، بالإضافة إلى شريط يقع غرب كرم أبو سالم جنوبا، ومقابل هذه الزيادة تعطي إسرائيل لمصر منطقة جنوب غرب النقب

الميجر جنرال غيورا آيلاند، من مواليد عام 1952، أي يبلغ الآن من العمر 72 عاما، ونشأ في (موشاف كفار هيس) وهي مستعمرة صغيرة تقع في قلب فلسطين المحتلة، والتحق بالجيش الصهيوني، ووصل إلى رتبة لواء، ثم خرج منه ليشغل بعده منصب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وبعد تقاعده من المناصب الرسمية، عمل كباحث مشارك أول في معهد دراسات الأمن القومي الصهيوني والذي عُرف اختصارا (INSS)، والرجل مشهور بأنه صديق مقرب من بنيامين نتنياهو، ومستشاره في شأن الحرب على غزة.

كان أول ظهور لفكر آيلاند في بداية العام 2000، حيث اقترح هذا الجنرال الصهيوني الذي كان وقتها يشغل منصب رئيس قسم التخطيط في جيش دولة الكيان ورئيس مجلس الأمن القومي، مقترحًا يدور حول تهجير الفلسطينيين، وأن يبدأ تنفيذ المخطط اعتبارا من العام 2005.

تتضمن تفاصيل المشروع مضاعفة مساحة غزة ثلاث مرات، وذلك بضم 600 كيلومتر مربع أو أكثر من سيناء لتوطين الفلسطينيين بقطاع غزة بها، مع منح قطاع غزة في حجمه الجديد إمكانية إنشاء مطار دولي على بعد 25 كيلو متر مربع من الحدود مع إسرائيل، فضلاً عن بناء مدينة جديدة تستوعب مليون شخص على الأقل.

واستهدف مخطط آيلاند اقتطاع مناطق من سيناء تشمل جزءا من الشريط الممتد بنحو 24 كيلومترا على طول شاطئ البحر المتوسط من رفح غربا حتى العريش، بالإضافة إلى شريط يقع غرب كرم أبو سالم جنوبا، ومقابل هذه الزيادة تعطي إسرائيل لمصر منطقة جنوب غرب النقب.

وهذه الخطة جرى عرضها على مصر من خلال حكومة الكيان الصهيوني وجانب الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت.

ففي تسريب صوتي للرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، أكد أن رئيس الوزراء الصهيوني الحالي بنيامين نتنياهو جدد له اقتراح توطين الفلسطينيين في سيناء لتخفيف العبء والتكدس السكاني في قطاع غزة. وقال مبارك إن نتنياهو التقى به وكان معه خريطة، وتحدثا في عدة أمور، وفوجئ مبارك بنتنياهو يقول له إنهم يرغبون في نقل الفلسطينيين إلى هذه المنطقة، مشيرا بيده إليها على الخريطة، ليضيف مبارك أنه اكتشف أن المنطقة المشار إليها هي سيناء. وأوضح مبارك أن نتنياهو كان يهدف من عرض الاقتراح جس نبضه، ولذلك واجهه بحسم، وقال له لقد حاربنا من أجل هذه الأرض، ما تقوله سيتسبب في حرب جديدة بيننا وبينكم، فرد نتنياهو قائلا لا نريد حربا جديدة، وأغلق الملف.

ولكن بعدها بفترة وجيزة، جدد دنيس روس، المبعوث الأمريكي الأسبق على الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك العرض مرة أخرى، والجديد في المقترح الأمريكي بتقديمه المقابل، وهو دفع 12 مليار دولار ومساحة من الأراضي في النقب، ولكن مبارك أصر على الرفض.

عودة الظهور

منذ طوفان الأقصى، عاد اسم "غيورا آيلاند" للظهور مرة أخرى، ليكتب مقالين:

الأول بتأييده لتهجير أهل غزة إلى سيناء، أي تطبيق فكرته القديمة والتي رفضها رئيس الوزراء الصهيوني شارون وأصر على الانسحاب من غزة، ولكن بعد الطوفان أضاف آيلاند لمسته الإجرامية.

ففي خضم الحديث عن تهجير أهل غزة إلى سيناء، اقترح آيلاند إرغام الفلسطينيين على التهجير بأسلوبين: التجويع بمنع الامدادات الغذائية، وفي نفس الوقت تشديد القصف عليهم.

الجنرال كان يتكلم بصراحة مفرطة بدون لبس ولا ألاعيب سياسة، وكأنه يقول عن نفسه أنه مجرم غير الآخرين الذين يصرحون بعكس ما يبطنون.

أما المقال الثاني، فكان بعنوان (المشكلات العميقة في الجيش ظهرت، وهي تحتاج إلى عقيدة أمنية جديدة)، يناقش فيه الأخطاء التي وقعت بها فرقة غزة في جيش الكيان الصهيوني في عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، مركزاً على الخلل الدفاعي، إذ يعترف آيلاند بأن الجيش الصهيوني ليس جيداً في الاستراتيجية الدفاعية، ولكن الأهم فيما يطرحه أنه يعتبر أن الخطأ المركزي لدى الجيش، وخلفه المستوى السياسي، هو انتهاجهم استراتيجية الاحتواء لكل من حزب الله في لبنان والمقاومة في قطاع غزة.

لذلك يرى الجنرال آيلاند أنه بات على "إسرائيل" أن تخوض حرباً طويلة لمحاولة تدمير تلك الإمكانات العسكرية.

وفي هذا الصدد يدعو آيلاند إلى إضافة مرتكز جديد إلى العقيدة العسكرية الإسرائيلية بما يتعلق بالقوى المقاومة اللادولاتية (أي القوى العسكرية خارج نطاق الدولة)، وهو عدم السماح لها بزيادة قوتها العسكرية.

مع العلم بأن وظيفة العقيدة العسكرية الصهيونية منذ قيام دولة الكيان، هي قيادة التفكير الاستراتيجي والعملياتي بكل ما له علاقة بتنظيم وهيكلة الجيش، بحيث تشكل الأساس الثابت الذي تبنى عليه سياسات الأمن لكل الحكومات الصهيونية.

وقد تم تأسيس تلك العقيدة منذ قيام الكيان الصهيوني عام 1948 على ثلاث مرتكزات رئيسة: الإنذار المبكر، والردع، والحسم، وهدفها المركزي هو خلق حالة ردع متراكمة لدى العرب على المدى القصير يمنعهم من التفكير في مهاجمتها. وعلى المدى البعيد تهدف النظرية إلى إجبار العرب عن التخلي عن فكرة زوال "إسرائيل" وتدميرها. بمعنى آخر، إن منع الحرب أو على الأقل تأجيلها قدر الإمكان هو قمة أهداف العقيدة العسكرية الصهيونية.

خطة الجنرالات

ولكن لماذا ضم نتانياهو هذا الرجل إلى اللجنة الجديدة؟ ما هو دوره بالتحديد؟ ما هي الخطة التي يحملها هذا الشخص ويريد نتانياهو تطبيقها في الفترة القادمة في قطاع غزة؟

لا شك أن فكر الرجل يتمحور عامة حول همومه بمستقبل الكيان انطلاقا من قياس وضعه الحالي.

واستدعاء هذا الجنرال إلى المجلس الذي شكله نتانياهو هذا الأسبوع، يوضح خطورة هذا الرجل، والأهم يبين أن مشاريعه الاستراتيجية التي أعلنها من أربعة عشر عاما ولا يزال يكتب عنها قد أصبحت الآن مطروحة على الطاولة السياسية الرسمية في الكيان الصهيوني، وهي محور نقاشات صانعي القرار في دولة الاحتلال.

ولكن ماذا يطرح آيلاند هذه المرة؟

في الأيام الماضية دار الحديث إعلاميا عن خطة الجنرالات، وقد عُرفت بهذا الاسم بالرغم من أن صاحبها هو الجنرال آيلاند، ولكنه عرضها على كبار جنرالات الجيش الصهيوني، وهي بمثابة آخر محاولة لنتانياهو للخروج بفكرة عسكرية جديدة تحقق أحلامه وأهدافه التي عجز عن تحقيقها..

فما هي فحوى تلك الخطة الجديدة التي يدرسها نتانياهو للسيطرة على غزة؟

وفقا لصحيفة ذا تايمز أوف إسرائيل العبرية، ففي تلك الجلسة المغلقة التي عقدها نتانياهو مع الجنرالات، فإن آيلاند قال في الاجتماع "علينا أن نقول لسكان شمال غزة أن أمامهم أسبوعا واحدا لإخلاء المنطقة، التي ستصبح بعد ذلك منطقة عسكرية، منطقة يكون فيها كل شخص هدفا، والأهم من ذلك، لا تدخل أي إمدادات إلى هذه المنطقة".

بعد انقضاء أسبوع الإخلاء، يفرض الجيش الصهيوني حصاراً مطبقاً على شمال غزة ويعده منطقة عسكرية مغلقة بالكامل يمنع على الفلسطينيين الاقتراب منها أو البقاء فيها، وكذلك تمنع تل أبيب تدفق المساعدات الإنسانية أو الطعام إلى تلك المنطقة.

بحسب الخطة، فإن مقاتلي المقاومة سيكون أمامهم خيارين: إما التحول إلى مدنيين وإلقاء سلاحهم أرضاً والمغادرة إلى جنوب غزة، أو الموت على يد القوات الصهيونية التي من المقرر أن تشن عمليات عسكرية واسعة بعد انتهاء مدة إخلاء شمال غزة، وسيتم التعامل مع السكان المتبقين في شمال القطاع على أنهم عناصر من حماس، والجوع حتى الموت سيكون مصيرهم.

وزعم آيلاند أن الحصار ليس مجرد تكتيك عسكري، ولكنه يتوافق أيضًا مع القانون الدولي. وقال: ما يهم زعيم حماس يحيى السنوار هو الأرض والكرامة، وبهذه المناورة، فإنك تسلب منه الأرض والكرامة.

وبعد فترة من الحصار، يقول آيلاند على الجيش الإسرائيلي أن يشن هجوماً عسكرياً كبيراً يقضي فيه على كل البشر الموجودين هناك، ثم يسيطر على المنطقة بصورة كاملة.

من وجهة نظر الجنرال غيورا آيلاند، فإن هذه الخطة تمكن الجيش من القضاء على حركة حماس، إذ يمكن بعد تنفيذ الخطة في شمال غزة، التوجه وتنفيذها في أجزاء أخرى من القطاع، مثل رفح وخان يونس ودير البلح، وهكذا تكون انتهت حماس عن الوجود.

هكذا يقود الجنرال الدموي مجرم الحرب آيلاند الفكر الصهيوني للتخلص من عقدة غزة العصية على الصهاينة.

وبإذن رب العباد سيفشل كما فشلت جميع مخططاته السابقة.

أعلى