• - الموافق2024/11/23م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
السيناريوهات المتوقعة لمستقبل غزة بعد طوفان الأقصى

مع قرب دخول الحرب الصهيونية على غزة شهرها الحادي عشر دون رؤية واضحة لقرب انتهائها، وسط تعنت صهيوني معلن، وعدم التوافق على صيغة نهائية لشروط صفقة التبادل بين الطرفين، تتجلى عدد من السيناريوهات لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في القطاع

 

تُظهر مواقف الأطراف الإقليمية والدولية ارتباكاً واضحاً في التعامل مع سيناريوهات مستقبل إدارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد انتهاء معركة طوفان الأقصى، وهو ما أسهم في تعطيل فرص وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، مما يفرض على أصحاب القرار استحضار عدة سيناريوهات لمستقبل إدارة قطاع غزة بعد الحرب التي أكلت الأخضر واليابس، ودمرت كل مناحي الحياة وفرضت واقعا مزريا يتطلب مجموعة من التحديات الكبرى لمواجهته.

السيناريو الأول: إعادة احتلال قطاع غزة عسكرياً:

وفق هذا السيناريو تعيد السلطات الصهيونية فرض احتلالها وسيطرتها العسكرية والسياسية والأمنية الكاملة على قطاع غزة، وتتولى إدارة شؤون السكان كقوة احتلال مباشر، وهو ما يفرض عليها تحمل تبعات القطاع سياسيًا واقتصاديًا وماليًا وهو ما يشكل عليها عبئا كبيرًا، ويفرض عليها توفير متطلبات السكان كونها قوة احتلال مباشر، ومن نتائجه:

1. انفصال سياسي وجغرافي كامل بين الضفة الغربية وبين قطاع غزة، وإنهاء أي دور للسلطة الفلسطينية فيه.

2. خضوع قطاع غزة بالكامل لقوات الاحتلال الصهيوني، وعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الانسحاب في 15 أغسطس 2005

3. استهداف المقاومة وملاحقتها، ومحاولة القضاء عليها ونزع سلاحها وتجريدها من عناصر قوتها، وتحويل قطاع غزة إلى ساحة اشتباك ساخنة.

4. إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة لانتفاء مبررات استمراره.

السيناريو الثاني: فرض إدارة محلية في قطاع غزة تتبع الاحتلال:

ومن خلال هذا السيناريو تعمل سلطات الاحتلال الصهيونية على بناء سلطة محلية بديلة من واجهات وشخصيات عشائرية ومجتمعية مرتبطة بالاحتلال، أو توافق على العمل تحت إدارته وإشرافه، وتمارس دوراً مماثلاً لدور روابط القرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة 1978 كبديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، أو دوراً مماثلاً لدور مليشيا جيش لبنان الجنوبي العميلة في لبنان 1976بزعامة سعد حداد، وهذا ما حاول الاحتلال تطبيقه في شمال قطاع غزة من خلال المخاتير والوجهاء، أو شخصيات مناوئة لحماس والمقاومة من خارج غزة ولكنها فشلت. ومن نتائجه السلبية:

1. تكريس الانفصال الجغرافي بين قطاع غزة وبين الضفة الغربية الخاضعة لإدارة السلطة الفلسطينية، وتكريس واقع جديد بسلطتين موازيتين.

2. إنشاء إدارة عميلة تابعة للاحتلال وخاضعة لمصالحه وأولوياته، تعفيه من أعباء إدارة قطاع غزة كقوة احتلال، وبالتالي السيطرة العسكرية والأمنية المطلقة على قطاع غزة.

3. إخضاع القرار الفلسطيني للتدخلات الخارجية، وإنهاء أي شكل من أشكال السيادة واستقلالية القرار.

4. استهداف المقاومة من قِبَل مليشيات الإدارة المحلية وقوات الاحتلال، وملاحقتها، والسعي للقضاء عليها، ونزع سلاحها، وإنهاء دورها السياسي والمجتمعي.

5. تهيئة الظروف لتفجير حرب أهلية في القطاع بين المقاومة وشرفاء الشعب الفلسطيني من جهة، وبين الإدارة المحلية التي ستُصنَّف فلسطينياً على أنها سلطة عميلة للاحتلال.

6. إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة لانتفاء مبرراته.

السيناريو الثالث: توافق وطني بين السلطة الفلسطينية وشراكة فصائلية: ويتطلب هذا السيناريو:

1. قيام قيادة فتح والسلطة بالتوافق مع الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حماس، على إنهاء الانقسام الفلسطيني سياسيًا وجغرافيًا ووقف تداعياته السلبية على القضية الفلسطينية، وتوحيد الجبهة الداخلية فورا، وبناء شراكة وطنية في مواجهة التحديات والتوصل الى صيغة مشتركة لإدارة شؤون القطاع.

2. تقليص حجم التدخلات الصهيونية والإقليمية والدولية في الشأن الفلسطيني، وقطع الطريق على العديد من الصيغ الصهيونية والإقليمية والدولية المشبوهة والخطيرة، وتعزيز قوة الموقف الفلسطيني في مواجهة الضغوط الخارجية، وإظهار مظلومية الشعب الفلسطيني سياسيًا وإعلاميًا، وتركيز السياسة الخارجية على فرص إنهاء الحصار الصهيوني المفروض على قطاع غزة، وإيجاد حلول قابلة للتطبيق وفرضها بقوة القانون على الطرف الصهيوني.

3. توفير فرصة جيدة لتجاوز التداعيات الإنسانية لحرب الإبادة، وتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار، وتقليل حجم الابتزاز السياسي الإقليمي والدولي مقابل ذلك.

4. المحافظة على دور المقاومة وسلاحها كخيار ضاغط على الاحتلال، وكضرورة وطنية للتحرير وللدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.

وفي هذا الإطار وقع ممثلين عن 14 فصيلا فلسطينيا، من بينهم قادة من حركتي فتح وحماس، وبحضور، وزير الخارجية الصيني، "وانغ يي"، على إعلان بكين في الصين 23تموز/ يوليو، والذي ينص على إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية، مع تبني حكومة مصالحة وطنية مؤقتة لإدارة غزة بعد الحرب، واتفقت الفصائل في الاجتماع على أن يتم تشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة بقرار من الرئيس بناء على القانون الأساسي الفلسطيني، على أن تبدأ بتوحيد المؤسسات الفلسطينية كافة في أراضي الدولة الفلسطينية، والمباشرة في إعادة إعمار قطاع غزة، والتمهيد لإجراء انتخابات عامة بإشراف لجنة الانتخابات المركزية بأسرع وقت وفقا لقانون الانتخابات المعتمد. كما أكدوا على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وإنهائه وفق القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة.

وفي رد الفعل الصهيوني على الاتفاق أبدى وزير الخارجية، يسرائيل كاتس رفض تل أبيب للاتفاق الفلسطيني، قائلا: "إن حماس وفتح اتفقتا في الصين على السيطرة المشتركة على غزة بعد الحرب، لكن في الواقع، هذا لن يحدث"، كما انتقد انخراط الرئيس الفلسطيني فيه.

السيناريو الرابع: إدارة مشتركة بين السلطة الفلسطينية وقوات عربية وإقليمية:

ويقوم هذا السيناريو على توزيع الأدوار، بحيث تتولى السلطة الفلسطينية إدارة الشؤون الإدارية والخدمية، فيما يجري تشكيل إدارة أمنية مشتركة بين السلطة وأطراف عربية وإقليمية، وإشراف الأجهزة الأمنية الأمريكية ورعايتها المباشرة، للتنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال الصهيوني، ويعد هذا السيناريو الأقرب للقبول به صهيونيا وفرضه على الطرف الفلسطيني.

وسيترتب على هذا السيناريو:

1. وقف الحرب على غزة ومعالجة تداعياتها الإنسانية

2. إنهاء الحصار المفروض على القطاع لانتفاء مبررات استمراره.

ومن سلبياته:

1. ترسيخ وتعزيز حالة الانقسام السياسي الفلسطيني، وقطع الطريق على جهود المصالحة والشراكة الوطنية في إدارة شؤون القطاع.

2. إخضاع القرار الفلسطيني والشئون الأمنية بشكل كامل ومباشر للتدخلات الصهيونية والإقليمية والأمريكية.

3. استهداف المقاومة وملاحقتها ونزع سلاحها وإنهاء دورها السياسي والمجتمعي.

4. تهديد حالة الاستقرار في قطاع غزة بسبب وجود قوات إقليمية ودولية في القطاع، والتعامل معها كقوات احتلال.

هذا وكانت دولة الاحتلال قد رفضت وما زالت أي دور للسلطة الوطنية الفلسطينية في إدارة قطاع غزة بمفردها بحجة ضعفها وعدم قدرتها على ضبط الأمور في الضفة الغربية وعدم قدرتها على مجابهة الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة مستقبلا وخوف دولة الكيان من عودة تعاظم قوة حماس من جديد والسيطرة مرة أخرى على قطاع غزة وعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر.

فيما تؤكد الفصائل الفلسطينية على مجموعة من الأولويات التي لا يمكن التنازل عنها ضمن أي اتفاق ومنها: انسحاب الجيش الصهيوني وإنهاء الوجود العسكري في قطاع غزة بشكل كامل، والاحتفاظ بسلاح المقاومة لحماية مصالح الشعب الفلسطيني وسعيه للتحرير، والاحتفاظ بدور سياسي واجتماعي فاعل لفصائل المقاومة في قطاع غزة، وإفشال خطط إقصائها، وتعزيز استقلالية القرار الوطني، ورفض التدخلات الخارجية، وإعادة إعمار قطاع غزة، وتجاوز التداعيات الإنسانية للعدوان، وكسر الحصار المفروض على القطاع منذ سنة 2007.

أعلى