• - الموافق2024/11/23م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الفجوة بين صورة الانتصار الصهيوني في الحرب على غزة ونهايتها الممكنة

التصريحات المستمرة لنتنياهو المصحوبة بشعار "حتى النصر"، لا تعكسها التقارير اليومية عن مقتل جنوده في المعارك البرية، ومقتل رهائن في الغارات الجوية، هنا تبرز فجوة كبيرة بين صورة النصر المتوقعة ونقطة النهاية الممكنة للحرب.


في اليوم الأول من الحرب على غزة، في الثامن من أكتوبر 2023، أعلن رئيس الحكومة الصهيونية، بنيامين نتنياهو، أن الحرب ستستمر حتى الانتصار على حركة حماس، وتحقيق أهدافها المعلنة، المتمثلة في القضاء على حماس، وإعادة الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، وضمان عدم تكرار ما حدث في السابع من أكتوبر.

تناقض واضح:

المتتبع لفصول الحرب وهي تدخل شهرها العاشر، يجد فجوة كبيرة بين التوقعات لصورة انتصار واضحة، وبين نقطة انتهاء الحرب الممكنة الفعلية على الصورة التي يريدها نتنياهو، ويكمن سببها في انعدام علاقة المصطلحات التي تميّز المواجهات (الحروب) بين دولة لديها كل المقومات العسكرية والقتالية، ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية أكبر قوة في العالم، ودعم أوروبي منقطع النظير، في مواجهة فصائل مقاومة ولدت من رحم الحصار، ونشأت من واقع المعاناة، ولا تمتلك من وسائل القتال والحروب إلا الشيء القليل، ولكنها تجيد وسائل استنزاف طويلة الأمد، وتتمتع بالقدرة على التجدد والمواصلة، وهذه الفجوة هي نتيجة لوصف أهداف صعبة  وغير واضحة، ولا يمكن تحقيقها أو تحقيق جزء منها، زد على ذلك حقيقة أن أهداف الحرب المعلنة، ليست متلائمة أو قابلة للتحقق، بعد مرور أكثر من تسعة شهور من ممارسة القتل والتدمير والإبادة الصهيونية بحق الأبرياء والمدنيين الفلسطينيين، وبروز صعوبة في التشخيص بين تحقيق الانتصار المطلوب وبين الفشل في إدراك الانتصار لدى الجمهور الصهيوني، الأمر الذي سيضع مصاعب أمام تحقيق الانتصار أو مجرد الإعلان عنه حتى لو استمرت الحرب وطال أمدها.

 انعدام ثقة:

 

 لقد أظهرت هذه الحرب مرة أخرى مدى الصعوبة التي تواجهها دولة الكيان في إلحاق الهزيمة بالمقاومة الفلسطينية، وعدم قدرتها على استعادة أسراها حتى هذه اللحظة، وهو انتفاء تحقيق أهداف الحرب

الواقع الحالي للحرب الدائرة في غزة، وما يصاحبها من تطورات وتكتيكات من جهة، والتصريحات المتكررة من قبل القادة السياسيين والعسكريين الصهاينة من جهة أخرى باستمرار القتال حتى تحقيق أهدافه، بالتزامن مع عدم ظهور أي صورة انتصار للجيش بعد هذه المدة الطويلة التي استنزفت الجيش الصهيوني بدنيا وعسكريا، دون إدراك الانتصار الوهمي، ينطوي على خطر الغوص في معارك استنزاف طويلة الأمد، وحرب شوارع، دون إستراتيجية خروج منتظم، ما من شأنه أن يكون له عواقب شديدة على الجيش والمجتمع الصهيوني.

 هذا الوضع يثير تخوفًا لدى الجمهور الصهيوني، الذي لا يرى في قيادته السياسية والعسكرية أهلية لقيادة هذه المرحلة، لانعدام الثقة بسبب عدم تحقيق الأهداف المزعومة، رغم طول مدة الحرب، وكثافة النيران، والدعم الأمريكي والأوروبي اللامحدود، ويؤكد أن إمكانية تحقيق الانتصار في الحرب، والذي يعتبر بالغ الأهمية لوجود دولة الكيان واستمرارها في نظر معظم الجمهور الصهيوني، آخذ بالغياب.

فجوات كبيرة:

التصريحات المستمرة لنتنياهو خلال أيام طويلة من الحرب واليأس، المصحوبة بشعار "حتى النصر"، مع تقارير يومية عن مقتل جنوده في المعارك البرية، ومقتل رهائن في الغارات الجوية، إلى جانب صعوبة إظهار مكاسب كبيرة وقابلة للقياس في هذه الحرب، إنما جاءت استجابة لمطلب شعبي بهزيمة حماس، لكنها تبرز فجوة كبيرة بين صورة النصر المتوقعة والواضحة ونقطة النهاية الممكنة للحرب، وترجع هذه الفجوة إلى عدم أهمية المفاهيم المستخدمة، في أهداف الحرب والتي تميز الصراع مع خصم عنيد لا يستسلم بسهولة، ولا يمكن هزيمته أو تحقيق النصر عليه بسهولة، لأنه ببساطة يدافع عن قضية عادلة ويدافع عن حقه في أرضه المسلوبة.

خلافات متفاقمة:

لقد ساهمت هذه الأهداف التي لم تتحقق إلى الآن في زيادة الخلافات وعدم اليقين بشأن الحرب ونهايتها، كما أنها زادت من تعقيداتها، علاوة على ذلك، أنها صعبت التمييز بين النصر الفعلي وتصور الجمهور الصهيوني للنصر، ما يزيد من تعقيد أي إعلان للنصر يمكن من خلاله إنهاء الحرب. وفي واقع يتسم بالالتزام بمواصلة الحرب حتى تحقيق أهدافها، وعدم القدرة على تحقيق هذه الأهداف كما يتم نقلها إلى الجمهور، أو خلق شعور بالانتصار، هناك خطر المراوحة في الصراع دون استراتيجية خروج واضحة ومواصلة القتال دون فهم الغرض منه. مثل هذا السيناريو يمكن أن تكون له تداعيات خطيرة على الجيش والمجتمع الصهيوني.

نهاية عكسية:

في الحروب عادة يحدد السياسيون والعسكريون الصهاينة أهدافًا معلنة، مع علمهم أن القتال والمعارك الجوية والبرية لن تحقق تلك الأهداف، ولكنهم يروجون لها أمام جمهورهم ويؤكدون عليها مرارًا وتكرارًا كخطاب حربي لا يمكن التنازل عنه، ثم يبدأون بالنزول تدريجيًا إلى أهداف أقل كلفة وتحقيقًا، لأنهم يدركون أنه في الحرب ضد الجهات الفاعلة دون الدولة، يصعب تحقيق نصر حاسم عليها ، رغم عدم تكافؤ القوى والقدرات بينهم.

 لقد أظهرت هذه الحرب مرة أخرى مدى الصعوبة التي تواجهها دولة الكيان في إلحاق الهزيمة بالمقاومة الفلسطينية، وعدم قدرتها على استعادة أسراها حتى هذه اللحظة، وهو انتفاء تحقيق أهداف الحرب، كما أن وقف إطلاق النار يعني أيضاً أن نتنياهو لم يحقق "النصر الكامل" الذي كان يروج له على حماس، وهو أحد أهداف الحرب، وهو يعلم أن ذلك سيكون هزيمة بالنسبة له، أما المقاومة، فإن بقاءها يعني  نهاية الحرب على غير الصورة التي يريدها نتنياهو والتي ستعجل بنهاية مستقبله السياسي ونهايته.

 

أعلى