• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
لغز مقتل رئيسي

هل غاب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي عن المشهد بحادث عرضي أم أن الأمر وراءه عملية اغتيال، لا أحد يستطيع أن يجزم، لكن كشف الواقعة بصورة أوضح وتحليل الملابسات المحيطة وردود الأفعال الداخلية والخارجية ربما تقربك إلى معرفة أقرب إلى الحقيقة


تتضارب الروايات حول سبب سقوط مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي حتى من قبل أن يتم العثور عليها.

فهناك من لا يستبعد احتمال تعمد قتل المسئول الثاني في الدولة الإيرانية، والذي كان أقوى المرشحين ليخلف مرشد الثورة، وفي هذا الاتجاه، يكاد يجزم البعض بتورّط الكيان الصهيوني أو تدبير المخابرات الأمريكية أو حتى خلافات داخلية إيرانية في الحادث.

ويبقى أيضًا الاحتمال الآخر ممثلاً في كونها حادثة عادية نتجت عن عوامل أخرى، جوية أو فنية، ولا صلة لها بحادثة إسقاط متعمدة، ولكنها تتعلق بإهمال أو ضعف قدرات الدولة الإيرانية.

وفي خضم هذا التضارب الذي صاحب رحلة البحث عن المروحية، تخرج الحكومة الإيرانية بتصريح تقول فيه، إنها تمر بظروف صعبه ومعقدة، والتي سارعت فور ورود أنباء سقوط طائرة الرئيس، بتنظيم انتشار أمني مكثف في مختلف المدن الإيرانية، في ظل حالة الغموض حول مصير الرئيس إبراهيم رئيسي. والتي تعدت 15 ساعة، لتطلب في النهاية من الأتراك التدخل بمسيراتهم آقنجي بقدراتها الخاصة، وتحدد مكان سقوط الطائرة، لتعلن إيران رسميًا بعد ذلك مصرع رئيسها وثلاثة مسئولين بارزين كانوا يرافقونه من بينهم وزير الخارجية.

ولكن هل يمكن أن يكون هناك من تعمد إسقاط الطائرة؟

لو افترضنا صحة فرضية سيناريو أن هناك من يرغب في إسقاط الطائرة والتخلص من الرجل فإنه يوجد احتمالان لا ثالث لهما:

الأول وهو ضلوع الكيان الصهيوني في عملية الإسقاط، أو تكون هناك جهة داخل إيران ترغب في اختفاء رئيسي.

لكي نختبر تلك الفرضية، يجب علينا التحليل في مسارين:

مسار يتعلق بملابسات الحادثة نفسها، ومسار سياسي يبحث في دوافع ممكنة ومحتملة، يتم فيه تحليل الصراع الموجود في المنطقة والتداخل الإيراني فيه، كما يعرض التجاذبات السياسية داخل الساحة الإيرانية.

وسنكتفي بتحليل مسار ظروف الحادث.

 غموض وتساؤلات حول حادثة السقوط

يبدو من الرواية الإيرانية الرسمية، أنها تميل أو تفضل أن يكون سقوط الطائرة التي كان يستقلها الرئيس الإيراني ناجمًا عن حادث عرضي، وتتحدث وسائل الإعلام الإيرانية، عن أسباب تتراوح من سوء الأحوال الجوية بالإضافة إلى احتمالية وجود إهمال، وأن الطيارين لم يتم تزويدهم بالنشرة الجوية، أو إهمال في إبلاغهم بتطورات الطقس، أو حدوث خطأ بشري من الطيار الذي يتولى قيادة الطائرة.

كما تستدل تلك الفرضية والتي تتعلق بالحادث العرضي، بأن العقوبات الدولية على النظام الإيراني جعلته غير قادر على تجديد أسطوله المدني من الطائرات، أو حتى تزويده بقطع الغيار، وهذا ما علق عليه وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، والذي برر حادث تحطم الطائرة المروحية بأن العقوبات الأمريكية أضرت بسلامة الطيران، وهذا ما تتعمده واشنطن بغرض إيذاء الدول بفرض عقوبات على صناعة الطيران حسب تصريحات لافروف والتي نقلتها وكالة رويترز.

وتشير الإحصائيات، أنه في الوقت الحالي تمتلك إيران حوالي 250 طائرة ركاب، وقد خرجت نحو 200 منها من الخدمة خلال السنوات الماضية، وإن متوسط عمر الطائرات المتبقية أكثر من 25 عامًا، بينما تحتاج البلاد إلى تشغيل 600 طائرة سليمة، نظرًا إلى جغرافيا إيران وعدد سكانها.

أما فرضية سقوط الطائرة بحادث مدبر، فإنها تدور حول كون التحطم ناجمًا عن عمل جرى التخطيط له، سواء بصاروخ اعتراضي أو طائرة مسيرة أو التشويش على الطائرة، أو تعرض المروحية إلى تفخيخ أو إحداث تخريب بها قبل الإقلاع.

وتستند هذه الفرضية إلى عدة مؤشرات:

أن الطائرتين المرافقتين لمروحية الرئيس عادتا بسلام إلى طهران، بالرغم من أن موديلهما أقدم، فيرجع تاريخ إنتاجهما إلى الستينات من القرن الماضي، بينما طائرة الرئيس يرجع تاريخ إنتاجها إلى عام 1979، فالطائرات الثلاثة تعرضت لنفس الظروف الجوية السيئة، فهل يعقل أن تتأثر الطائرة الأحدث بتلك الظروف بينما لا تتأثر الطائرات القديمة بها؟

والطائرات الثلاث كانت ضمن تشكيل، ومن المفترض أن يكون هناك اتصال بينها لتأمين التحليق، وهو الاتصال المسموع لدى الأبراج الجوية، إلا أن هذا لم يحدث، وانقطع الاتصال بمروحية الرئيس الإيراني وحدها.

فالخطأ لا يبدو بسبب عيب فني في المروحيات، ومن المتعارف عليه أن الطيارين يفحصون الطائرات دومًا قبل الإقلاع، خاصة في الطائرات التي تقل شخصيات مهمة.

ويوضح خبراء الطيران أنه بالنسبة للطائرات المروحية، أنه حتى لو توقفت محركاتها ستظل المروحة الرئيسية تعمل بمثابة مظلة يمكن الهبوط بها.

أما الذين يتحدثون عن خطأ تقني من الطيار، فإنهم ينسون أنهم يتحدثون عن طيار الرئيس، وبالتأكيد لديه مهارات عالية، ونسبة الخطأ لديه قليله جدا، فالطائرة التي تقل الرئيس يجب أن يقودها طيار ماهر ومتمكن.

ولا تزال فرضية تعرض طائرة الرئيس لهجوم سيبراني واردة، وهذه النوعية من الهجمات تستطيع تقييد أو تعطيل جميع أجهزة الملاحة بالمروحية وقطع الاتصالات، وهذا يجعل الطائرة ترتطم بأي جسم حولها، كذلك يمكن أن تكون قد تم استهدافها بصاروخ مزود بأجهزة تتبع من مكان ليس ببعيد عن الحدود الإيرانية وليس من الداخل الإيراني.

شهادة تركية

هناك أمر ربما يكون له علاقة بملابسات حادث سقوط طائرة رئيسي، فهناك مشاركة تركية حاسمة في عمليات البحث، حيث طلب الإيرانيون من الأتراك مشاركة الطائرة المسيرة آقنجي والقادرة على العمل ليلاً ورصد التأثيرات الحرارية، ونجحت بالفعل المسيرة في كشف مكان سقوط مروحية رئيسي بعد سبع ساعات ونصف من البحث قطعت خلالها 2100 كيلو متر رغم الأحوال الجوية السيئة، كذلك تواجد 32 عنصراً تركيا متخصصاً في البحث والإنقاذ الجبلي وستّ مركبات مع فرق البحث الإيرانية، وصوروا الطائرة وكيف تشظت إلى ثلاثة أقسام، بل إن وكالة الأناضول التركية كانت تبث على الهواء مباشرة كاميرات الآقنجي أثناء بحثها وتابعها الملايين، ولكن الأمر الذي يثير الاندهاش هو أنه بعد كشف الآقنجي عن مكان الحادث بساعات قليلة، نشر الأتراك إعلانًا مفاجئًا بشكل مكثف عن رادار حديث، له القدرة على مواجهة التشويش الإلكتروني، وربما كانت هذه رسالة غير مباشرة من الأتراك، أنهم يربطون سبب سقوط الطائرة بتشويش حدث على أجهزة الأمان والإرسال والاستغاثة في الطائرة منعها من أداء وظيفتها.

ولكن هذا الاهتمام التركي الكبير يخفي قلقًا من تداعيات حادثة سقوط طائرة رئيسي، ويظهر ذلك في تعليقات أردوغان وأركان حكمه الكثيرة على الحادث ومسارعتهم إلى العرض على الإيرانيين المساعدة، ومن ثم تلبية الطلب الإيراني فورًا بإرسال طائرتهم المسيرة آقنجي، وكذلك تناولت وسائل الإعلام التركية باهتمام بالغ، فهناك خوف من أن يتم استغلال هذا الحدث بطريقة ما تمس تركيا.

وهذا القلق ليس تحليلاً أو استنتاجًا، بل تحدث عنه الإعلامي المعروف إبراهيم قراغول رئيس موقع قناة "تي آر تي" ففي مقال له على الموقع، بعنوان (هل موت الرئيس الإيراني حادث أم عملية اغتيال)، وبعد أن استعرض فرضيات الحدث، رجح الرجل أنه يعتقد شخصيًا أن الحادث مدبر، وأنه يجب التعامل مع ما جرى على أنه تخريب أو اغتيال، وأن التحقيق يجب أن يسير في هذا الاتجاه.

وينتقد الكاتب إيران ويقول إنه لم يكن لأي دولة أن تكون على هذا القدر من قلة الكفاءة والعجز في الوصول إلى موقع الحادث فما بالك بالتحقيق والكشف عن أسبابه.

ويشدد على ضرورة مشاركة تركيا في إجراءات التحقيق لأن نتائج ما جرى سيكون لها تداعيات مستقبلية.

ووصل الكاتب إلى حد القول بأنه يجب على تركيا التحقيق بنفسها حتى لو رفضت إيران إشراكها في التحقيقات.

ويبرر الكاتب ذلك بأن لدينا (أي الأتراك) أشياء تثير قلقنا، فمعرفتنا بأسباب الحادث ستمنع تكراره مرة أخرى.

ويمضي محذرًا من أن إيران قد تستغل الحادث للوصول إلى أهداف خاصة بها، تتعلق بتهديد أذربيجان حليفة تركيا الوثيقة.

الخلاصة

إيران في موقف صعب، إن قالت وهذا هو المرجح، أن سقوط الطائرة كان حادثًا عرضيًا، فسوف يتم توجيه الاتهام لنظامها السياسي بالضعف والترهل والفشل الإداري والتنموي، وضعف القدرة على التعامل مع الكوارث والأزمات.

وإن قالت إن وراءه جهة خارجية، فهي بلا شك ملزمة بالرد على اغتيال رئيسها مما يجعلها عرضة لحرب إقليمية وربما دولية، وحينها ستكون إيران بقدراتها صيدا سهلا للتدمير، وربما يؤول الأمر إلى سقوط النظام. كما لم يعد يجدي اللجوء إلى خيار الرد المسرحي، كما في ردها على اغتيال قاسم سليماني، بعد أن كشفه ترامب وبدت فيه إيران أضحوكة أمام العالم.

ولعل الخيار الأول وهو إرجاعه إلى حدث عرضي، يبدو الخيار الأقل سوء وتكلفة لنظام الآيات في طهران.

 

 

أعلى