• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
هل تغير الموقف الأمريكي من حرب غزة؟

ما سر وراء تصريحات بايدن السلبية تجاه نتنياهو من وقت لآخر؟ وهل ثمة تغير في الموقف الأمريكي من الكيان الصهيوني ومن حملة الإبادة الجماعية والتي يشنها على أهل غزة؟ وإذا حدث هذا التغير بالفعل، فما هي دوافع إدارة بايدن لذلك التغيير؟

 

في كلمة مفاجئة بالبيت الأبيض تم دعوة المراسلين لها في موعد غير اعتيادي، وفي تصريحات غير مسبوقة ونادرة، وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن سلوك الرد الصهيوني في غزة بأنه تجاوز الحد.

واعتبر البعض بأن هذه التصريحات، هي أشد الانتقادات لدولة الاحتلال ولرئيس حكومتها بينامين نتنياهو منذ اندلاع الحرب في غزة.

 وأضاف بايدن إنه ضغط على رئيس وزراء دولة الاحتلال نتنياهو بشدة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث هناك كثير من الناس الأبرياء من النساء والأطفال يتضورون جوعًا وفي أمسّ الحاجة إليها، والكثير من الأبرياء الذين يعيشون في كرب ويموتون، ويجب أن يتوقف ذلك كما قال بايدن.

وفيما يبدو أنه خلط بين الرئيسين المصري والمكسيكي، قال بايدن ردًا على سؤال من أحد الصحفيين، في البداية لم يكن رئيس المكسيك السيسي يريد فتح المعبر للسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وقد تحدثت إليه وأقنعته بأن يفتح المعبر، كما تحدثت مع بيبي (نتنياهو) وأقنعته بفتح الجانب الآخر من المعبر.

ولأول مرة يتحدث بايدن عن أنه يعمل من أجل التوصل إلى وقف مستدام للقتال، وليس هدنة مؤقتة.

 

 أما استراتيجية الولايات المتحدة، فقد تمثلت في بداية الحرب على غزة باتفاقها مع الحكومة الصهيونية في استخدام القوة لإنهاء حماس، والقضاء عليها لجرأتها على محاولة تعديل رؤيتها للمنطقة.

وفي أعقاب تلك التصريحات، قال المتحدث باسم البيت الأبيض، أطلعنا "الكيان الصهيوني" على مذكرة جديدة تلزم الدول التي تتلقى أسلحة أمريكية بضمان احترام القانون الدولي.

لإدراك هل هناك تغير في الموقف الأمريكي، يجب علينا فهم دوافع مساندة أمريكا للكيان الصهيوني في بداية الحرب واستراتيجيتها في هذا الأمر، ثم نقارن موقفها الآن وهل هو على صعيد الأهداف أم الاستراتيجيات أم أن ذلك التغير اقتصر على بعض التكتيكات؟

أمريكا وغزة.. الأهداف والاستراتيجيات

 تنظر الولايات المتحدة إلى ما حدث في غزة وغلافها منذ السابع من أكتوبر باعتبارين: أيديولوجي، واستراتيجي.

بالنسبة للأيديولوجي، فهناك تأثير للعقيدة البروتستانتية والتي يؤمن بها الجنس الأبيض والذين أسسوا أمريكا، والتي من أساسيتها وجود دولة يهودية لبناء الهيكل على أنقاض الأقصى تمهيدًا لنزول مسيحهم.

أما الاعتبار الاستراتيجي، فيكمن في إن الكيان الصهيوني تم زرعه عن طريق بريطانيا ليفصل شرق المنطقة العربية عن غربها، ويحول دون وحدة هذه الأمة ونهضتها لتقود البشرية مرة أخرى كما فعلت في السابق، وبالطبع ورثت أمريكا بريطانيا في قيادة الغرب، وورثت معها مخططاتها وإستراتيجيتها.

 ومن هنا فإن بقاء الكيان الصهيوني عنصر أولوية للأمن القومي الأمريكي تفوق أي عنصر آخر حتى لو كان صعود الصين أو روسيا.

ما فعلته المقاومة الفلسطينية في طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، في أنها تدخَّلت في الإستراتيجية الأمريكية الغربية تلك، والتي تم تطبيقها منذ نحو قرن من الزمان لتقويضها.

وهنا مكمن الغضب الأمريكي، الذي تم ترجمته إلى انحياز غير مسبوق لدولة الكيان الصهيوني.

 أما استراتيجية الولايات المتحدة، فقد تمثلت في بداية الحرب على غزة باتفاقها مع الحكومة الصهيونية في استخدام القوة لإنهاء حماس، والقضاء عليها لجرأتها على محاولة تعديل رؤيتها للمنطقة.

 ولكنَّ تأخُّر حسم الجيش الصهيوني للمعركة، وعدم قدرته على تحقيق تقدم عسكري حقيقي إلا بإبادة البشر والحجر؛ جعل إدارة بايدن تعاني مأزقًا حقيقيًّا يتمثل في وقوعها بين تجاذب عاملين متضادين مع قرب الانتخابات الرئاسية بعد أقل من عام:

 الأول: يتمثل في ضغط رأي عام قويّ، خاصةً داخل شباب الحزب الديمقراطي والتيار اليساري والعربي بداخله، مستنكرًا الموقف الأمريكي الداعم لجرائم دولة الكيان، وهو التيار الذي رجَّح كفة الحزب في الانتخابات الرئاسية السابقة، وهذا ما عبَّرت عنه شبكة إن بي سي الأمريكية بقولها: بسبب غزّة.. إدارة بايدن تُواجه معارضة داخلية غير مسبوقة في تاريخ واشنطن، وتنقل الشبكة عن مسؤولين أمريكيين، أنّ المعارضة للحرب وصلت حتى داخل الحكومة الأمريكية نفسها، تتجاوز أي شيء شُوهِدَ في الإدارات السابقة بسبب دعم واشنطن للكيان الصهيوني في عدوانه على غزة.

 أما العامل الثاني فهو ضغط اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وتغلغله في وسائل الإعلام وتحكمه في الاقتصاد الأمريكي وتمويله لحملات المرشحين.

 هذه الضغوط المتناقضة فضلاً عن حرب أوكرانيا، دفعت إدارة بايدن لإعطاء فترة زمنية لحكومة نتانياهو لإنهاء الحرب، أو إيجاد بديل آخر غير الحرب لاحتواء حماس.

ولكن المهلة تلو المهلة والتي أعطتها إدارة بايدن لنتانياهو، والفشل الصهيوني العسكري لازال واقعا، ونتانياهو مصّر على خطته في إن الطريق الوحيد لإنهاء حماس هو الإبادة الجماعية.

وكما تذكر صحيفة نيويورك تايمز، فإن مسؤولين بالسي آي أيه أبلغوا الكونغرس أن دولة الكيان الصهيوني أضعفت قدرات حماس لكنها لم تقترب من القضاء عليها، فالتقديرات بشأن الخسائر البشرية التي أعلن الجيش الصهيوني أنه ألحقها بحماس ليست دقيقة.

 

وهذا ما دفع إدارة بايدن إلى تغيير استراتيجيتها في التعامل مع الحرب في غزة، وليس أهدافها والتي تتمثل في القضاء على حماس ولكن بطريقة أخرى، فالخلاف في النهاية يتعلق الخلاف حول طريقة إدارة الحرب، ومخاطر توسعها، ومرحلة ما بعد الحرب في غزة.

 هل الخلاف حقيقي؟

تتحدث شبكة إن بي سي الأمريكية نقلا عن مسؤول أمريكي في ان موقف بايدن من الرد العسكري للكيان الصهيوني يعكس انقساما متزايدا بين إدارته ونتنياهو، وهناك خلافات أكثر حدة بين إدارة بايدن ونتنياهو حول عدد الضحايا المدنيين في غزة.

 فمع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية في شهر نوفمبر القادم، يواجه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مأزقا استراتيجيا يتمثل في فرص إعادة انتخابه.

والرجل يواجه عدة تحديات تقلل من حظوظه للفوز في الانتخابات القادمة أبرزها: وجود خصم قوي مثل الرئيس السابق ترامب، ثم الوهن الذي يبدو عليه بايدن، وأخيرا اندلاع حرب غزة والتي تؤثر على شعبيته داخل تكتله الانتخابي والذي قام بالتصويت له في الانتخابات السابقة، فتصاعد وتيرة الحرب ومذابح غزة تدفع شريحة من الديمقراطيين إلى التخلي عن انتخابه، وقد تكون نسبة هذه الشريحة قليلة، ولكنها في الغالب مرجحة عند اقتراب نسب شعبية كل من المرشحين الجمهوري والديمقراطي كما هو العادة.

 وهذا ما دفع إدارة بايدن إلى تغيير استراتيجيتها في التعامل مع الحرب في غزة، وليس أهدافها والتي تتمثل في القضاء على حماس ولكن بطريقة أخرى، فالخلاف في النهاية يتعلق الخلاف حول طريقة إدارة الحرب، ومخاطر توسعها، ومرحلة ما بعد الحرب في غزة.

 ففي ذروة الخلاف مع نتانياهو، حرص البيت الأبيض أن ينقل تصريحا تناقلته وكالات الأنباء، في أن موقف بايدن بشأن الحرب في غزة لم يتغير وكان واضحا أننا نريد أن تُهزم حماس.

وتتحدث التقارير الصحفية الأمريكية عن وضع شهر مارس كموعد أخير لوقف العمليات الكبيرة في غزة، والاقتصار على ضربات مركزة لقيادات المقاومة، ولذلك أرسل الرئيس جو بايدن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز إلى مصر لعقد اجتماعات مع المسؤولين في القاهرة، في أحدث محاولة لإبرام اتفاق بشأن المحتجزين في غزة، كما نقل موقع أكسيوس الأمريكي، وذلك بعد ما يبدو أنه فشل لمبادرة باريس بعد الرد الفلسطيني ورفض الكيان الصهيوني لهذا الرد.

 والسؤال إلى متى سيظل نتانياهو يماطل الأمريكان، والسؤال الأهم إلى متى ستظل إدارة بايدن تصبر على تلك المماطلة؟

 يبدو أن نتانياهو كما تتحدث بعض المصادر الإعلامية الأمريكية، قد بدأ يحشد اللوبي الصهيوني لإسقاط بايدن في الانتخابات القادمة.

وبات بايدن يدرك تلك الحقيقة، ولذلك كما تقول صحيفة نيويورك تايمز أرسل جون فاينر نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي ليجتمع بالجالية العربية في ولاية ميتشجن، ليقول لهم ارتكبنا أخطاء في الاستجابة للأزمة منذ  7 أكتوبر، وكان على إدارة بايدن الإسراع في إدانة تصريحات الكيان الصهيوني والتي شبهت الفلسطينيين  بالحيوانات.

 ولم يكتف بذلك، وكما تنقل هيئة البث للكيان الصهيوني عن مصادر، فإن الولايات المتحدة تستعد لفرض عقوبات على جنود الكيان الصهيوني الذين يعملون في الضفة الغربية.

 وتعلق صحيفة الإيكونومست البريطانية على هذا الخبر، حيث تنقل عن مسؤول في الحكومة الصهيونية قوله: قرار بايدن بشأن المستوطنين هو طلقة تحذيرية والهدف هو نتنياهو.

 ويبدو التهديد بعملية اجتياح رفح، هو اختبار حقيقي للضغط الأمريكي على نتانياهو، وهل ستصدق مقولة الصحفي الصهيوني المعروف جدعون ليفي: "من دون أمريكا لن يستمر الاحتلال الصهيوني حتى بضعة أشهر. لو أن رئيسا أمريكيا أراد إنهاء الاحتلال لانتهى منذ زمن بعيد!"

أعلى