المبحث الثاني: قواعد علمية في الرد على المبتدعة 2-2
الرئيسية - أصول
وقواعد منهجية
ثانياً: ما كان مشروعاً لم يُترك لمجرد فعل أهل البدع:
من القواعد الموضوعية العزيزة التي أكدها
ابن تيمية: أن المعيار الذي توزن به الاجتهادات والآراء هو ميزان الشرع، فما دلَّ
عليه الكتاب والسنة أخذنا به وإن قال به بعض المخالفين، وما رده الكتاب والسنَّة رددناه
وإن قال به بعض الموافقين.
قال ابن تيمية: «الذي عليه أئمه الإسلام:
أنَّ ما كان مشروعاً لم يُترك لمجرد فعل أهل البدع: لا الرافضة ولا غيرهم، وأصول
الأئمة كلهم توافق هذا منها: مسألة التسطيح التي ذكرها، فإنَّ مذهب أبي حنيفة
وأحمد: تسنيم القبور. أفضل، كما ثبت في الصحيح أنَّ قبر النبي صلى
الله عليه وسلم كان مسنماً[1]، ولأن ذلك أبعد عن
مشابهة أبنية الدنيا، وأمنع عن القعود على القبور، والشافعي يستحب التسطيح لما روي
من الأمور بتسوية القبور، فرأى أن التسوية هي التسطيح، ثم إنَّ بعض أصحابه قال:
إنَّ هذا شعار الرافضة فيُكره ذلك، فخالفه جمهور الأصحاب، وقال: بل هو المستحب وإن
فعلته الرافضة.
وكذلك الجهر بالبسملة هو مذهب الرافضة، وبعض
الناس تكلَّم في الشافعي بسببها، وبسبب القنوت، ونسبه إلى قول الرافضة والقدرية؛
لأنَّ المعروف في العراق أنَّ الجهر كان شعار الرافضة، وأنَّ القنوت في الفجر كان
من شعار القدرية الرافضة، حتى أنَّ سفيان الثوري وغيره من الأئمة يذكرون في
عقائدهم ترك الجهر بالبسملة، لأنَّه كان عندهم من شعار الرافضة، كما يذكرون المسح
على الخفين لأنَّ تركه كان شعار الرافضة، ومع هذا: فالشافعي لـمَّا رأى أنَّ هذا
هو السُّنَّة كان ذلك مذهبه وإن وافق الرافضة..».
ولتأكيد هذه القاعدة يذكر شيخ الإسلام ابن
تيمية قصة لطيفة، قال فيها: «وكذلك أحمد بن حنبل يستحب المتعة - متعة الحج - ويأمر
بها، حتى يستحب هو وغيره من الأئمة - أئمة أهل الحديث - لمن أحرم مفرداً أو قارناً
أن يفسخ ذلك إلى العمرة ويصير متمتعاً، لأنَّ الأحاديث الصحيحة جاءت بذلك، حتى قال
سلمة بن شبيب للإمام أحمد: يا أبا عبد الله قوّيت قلوب الرافضة لـمَّا أفتيت أهل
خراسان بالمتعة!، فقال: يا سلمة كان يبلغني عنك أنَّك أحمق، وكنت أدفع عنك، والآن
فقد ثبت عندي أنَّك أحمق، عندي أحدَ عشرَ حديثاً صحيحاً عن النبي صلى
الله عليه وسلم، أأتركها لقولك؟!».
وبعد هذا التقرير يُشير شيخ الإسلام ابن
تيمية إلى فائدة دقيقة في غاية الأهمية، فيقول: «إذا كان في فعل مستحب مفسدة راجحة
لم يصر مستحباً، ومن هنا: ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات إذا صارت
شعاراً لهم، فإنَّه لم يترك واجباً بذلك، لكن قال: في إظهار ذلك مشابهة لهم، فلا
يتميَّز السُّني من الرافضي، ومصلحة التميز عنهم لأجل هجرانهم ومخالفتهم، أعظم من
مصلحة هذا المستحب وهذا الذي ذهب إليه يُحتاج إليه في بعض المواضع إذا كان في
الاختلاط والاشتباه مفسدة راجحة على مصلحة فعل ذلك المستحب، لكن هذا أمر عارض لا
يقتضي أن يُجعل المشروع ليس بمشروع دائماً؛ بل هذا مثل لباس شعار الكفار وإن كان
مباحاً إذا لم يكن شعاراً لهم، كلبس العمامة الصفراء، فإنَّه جائز إذا لم يكن
شعاراً لليهود، فإذا صار شعاراً لهم نُهي عن ذلك»[2].
ثالثاً: إثبات محاسن الخصم وعدم جحدها إذا تبيَّن صحتها وثبوتها
عنهم:
من تمام العدل والإنصاف: الاعتراف بمحاسن
الخصم إذا كانت هذه المحاسن ثابتة عنهم، ولا يجوز إنكارها أو تجاهلها لمجرَّد
المخالفة، لكن في الوقت ذاته يجب أن توزن تلك المحاسن بغيرها من المساوئ، وتوضع في
إطارها الصحيح، وتؤخذ الأعمال بمجموعها، دون أن تجرَّد من منطلقاتها ودوافعها
الظاهرة، ولا يجوز أن تذكر المحاسن مجردة عن المساوئ، حتى لا يغتر بها العامة
والجهلة.
قال ابن تيمية: «وكلُّ من سوى أهل السُّنَّة
والحديث مِن الفرق فلا ينفرد عن أئمة الحديث بقول صحيح، بل لا بدَّ أن يكون معه من
دين الإسلام ما هو حق، وبسبب ذلك وقعت الشبهة، وإلا فالباطل المحض لا يشتبه على
أحد، ولهذا سمي أهل البدع: أهل الشبهات، وقيل فيهم: إنَّهم يلبسون الحق بالباطل،
وهكذا أهل الكتاب معهم حق وباطل... وهذه حال أهل البدع كلهم فإنَّ معهم حق وباطل»[3].
وقد ذكر ابن تيمية بعض محاسن الرافضة
لثبوتها عنهم، ولكنَّه قارن هذه المحاسن بمحاسن غيرهم، وذكرها مع ذكره لمساوئهم
ومخازيهم، ومن ذلك قوله: «والرافضة فيهم من هو متعبّد متورّع زاهد، لكن ليسوا في
ذلك مثل غيرهم من أهل الأهواء، فالمعتزلة أعقل منهم وأعلم وأدين، والكذب والفجور
فيهم أقل منه في الرافضة، والزيدية من الشيعة خير منهم: أقرب إلى الصدق والعدل
والعلم، وليس في أهل الأهواء أصدق ولا أعبد من الخوارج، ومع هذا فأهل السُّنَّة
يستعملون معهم العدل والإنصاف ولا يظلمونهم، فإنَّ الظلم حرام مطلقاً كما تقدَّم،
بل أهل السُّنَّة لكلِّ طائفة من هؤلاء خير من بعضهم لبعض؛ بل للرافضة خير وأعدل
من بعض الرافضة لبعض.
وهذا مـمَّا يعترفون هم به، ويقولون: أنتم
تنصفوننا ما لا يُنصف بعضنا بعضاً.. ولا ريب أنَّ المسلم العادل أعدل عليهم وعلى
بعضهم من بعض»[4].
وقال في موضع آخر: «وينبغي أيضاً أن يُعلم
أنَّه ليس كل ما أنكره بعض الناس عليهم يكون باطلاً؛ بل من أقوالهم أقوال خالفهم
فيها بعض أهل السُّنَّة ووافقهم بعض، والصواب مع من وافقهم؛ لكن ليس لهم مسألة
انفردوا بها أصابوا فيها، فمن الناس من يعدُّ من بدعهم: الجهر بالبسملة، وترك
المسح على الخفين: إمَّا مطلقاً وإما في الحضر، والقنوت في الفجر، ومتعة الحج،
ومنع لزوم الطلاق البدعي، وتسطيح القبور، وإسبال اليدين في الصلاة، ونحو ذلك من
المسائل التي تنازع فيها علماء السُّنَّة، وقد يكون الصواب فيها القول الذي
يوافقهم، كما يكون الصواب هو القول الذي يخالفهم، لكن المسألة اجتهادية، فلا تُنكر
إلا إذا صارت شعاراً لأمر لا يسوغ، فتكون دليلاً على ما يجب إنكاره، وإن كانت
نفسها يسوغ فيها الاجتهاد، ومن هذا وضع الجريد على القبر، فإنَّه منقول عن بعض
الصحابة، وغير ذلك من المسائل»[5].
وقال أيضاً: «وقولهم في الشرائع[6] غالبه موافق لمذهب أهل
السُّنَّة، أو بعض أهل السُّنَّة، ولهم مفردات شنيعة لم يوافقهم عليها أحد، ولهم
مفردات عن المذاهب الأربعة قد قال بها غير الأربعة من السلف وأهل الظاهر وفقهاء
المعتزلة وغير هؤلاء، فهذه ونحوها من مسائل الاجتهاد التي يهون الأمر فيها، بخلاف
الشاذ الذي لا يُعرف أن لا أصل له، لا في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى
الله عليه وسلم، ولا سبقهم إليه أحد»[7].
وهذا المنهج مطرد عند ابن تيمية - رحمه الله
تعالى - في تعامله مع عامة المبتدعة، فها هو ذا يردّ على المعتزلة في مواضع
كثيرة، ولكنه يقارن بين حال المعتزلة وغيرهم من الغلاة، فيقول: «فإنَّ فيهم من
العدل والدين والاستدلال بالأدلَّة الشرعية، والرد على الرافضة ما أوجب أن يدخل
فيهم جماعات من أهل العلم والدين، وإن انتسبوا إلى مذهب بعض الأئمة الأربعة كأبي
حنيفة وغيره، بخلاف الرافضة فإنَّهم من أجهل الناس بالمنقول والمعقول، ومن دخل
فيهم من المظهرين للعلم والدين باطناً فلا يكون إلا من أجهل النَّاس أو زنديقاً
ملحداً»[8].
رابعاً: قد يجتمع في الشخص الواحد موجبات المدح وموجبات الذم:
من التوازن العلمي والمنهجي عند أهل السنة
أنهم يرون أن الشخص الواحد تكون له حسنات وسيئات، فتجتمع فيه موجبات الحمد وموجبات
الذم؛ فيحمد على إحسانه، ويذم على إساءته، والعبرة بالغالب.
قال ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: «..
مـمَّا يتعلق بهذا الباب أن يُعلم أنَّ الرجل العظيم في العلم، والدين، من الصحابة
والتابعين ومن بعدهم إلى يوم القيامة، أهل البيت وغيرهم، قد يحصل منه نوع من
الاجتهاد مقروناً بالظن، ونوع من الهوى الخفي، فيحصل بسبب ذلك ما لا ينبغي اتباعه
فيه، وإن كان من أولياء الله المتقين.
ومثل هذا - إذا وقع - فتنة لطائفتين: طائفة
تعظِّمه فتريد تصويب ذلك الفعل واتباعه عليه. وطائفة تذمُّه فتجعل ذلك قادحاً في
ولايته وتقواه؛ بل في برِّه وكونه من أهل الجنَّة، بل في إيمانه حتى تخرجه عن
الإيمان، وكلا هذين الطرفين فاسد.
والخوارج والروافض، وغيرهم من ذوي الأهواء
دخل عليهم الداخل من هذا، وسلك طريق الاعتدال عظَّم من يستحق التعظيم وأحبه
ووالاه، وأعطى الحقَّ حقه، فيُعظِّم الحق، ويرحم الخلق، ويعلم أنَّ الرجل الواحد
تكون له حسنات وسيئات، فيُحمد ويُذم، ويثاب ويعاقب، ويُحب من وجه، ويُبغض من وجه،
هذا هو مذهب أهل السُّنَّة والجماعة خلافاً للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم»[9].
وفي موضع آخر يذكر ابن تيمية أنَّ المسلم
إذا كانت له حسنات كثيرة فإنَّها تغمر سيئاته القليلة، فها هو ذا يقول في معرض
مناقشته للرافضة في عصمة الأئمة: «وأولئك اعتقدوا أنَّ الإمام له حسنات كثيرة تغمر
سيئاته، وهذا ممكن في الجملة، فإنَّه يمكن أن يكون للمسلم حسنات تغمر سيئاته»[10].
خامساً: عدم مقابلة الباطل بالباطل:
لا يجوز للمسلم أن يقابل الباطل بالباطل،
وذلك لأنَّ المسلم العادل صاحب منهج متميِّز مطرد لا يتزعزع أبداً، يزن الأمور
جميعها بموازين شرعية لا تؤثر فيها أهواء النفس وحظوظها، فالرافضة مثلاً إذا
كفَّروا أبا بكر وعمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنهما - فلا يقابل هذا الباطل
بتكفير علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - أو أحد الأئمة الاثني عشر.
قال ابن تيمية: «وليس للإنسان أن يكذب على
من يكذب عليه، ولا يفعل الفاحشة بأهل من فعل الفاحشة بأهله؛ بل ولو استكرهه رجل
على اللواطة لم يكن له أن يستكرهه على ذلك، ولو قتله بتجريع خمر أو تلوّط به، لم
يجز قتله بمثل ذلك، لأنَّ هذا حرام لحق الله تعالى، ولو سبَّ النصارى نبينا، لم
يكن لنا أن نسبَّ المسيح، والرافضة إذا كفروا أبا بكر وعمر فليس لنا أن نكفر
عليَّاً»[11].
وقال أيضاً: «والخوارج تكفِّر أهل الجماعة،
وكذلك أكثر المعتزلة يُكفِّرون من خالفهم، وكذلك أكثر الرافضة، ومن لم يُكفِّر
فسَّق، وكذلك أكثر أهل الأهواء يبتدعون رأياً ويُكفِّرون من خالفهم فيه، وأهل
السُّنَّة يتبعون الحق من ربهم الذي جاء به الرسولصلى
الله عليه وسلم، لا يُكفِّرون من خالفهم فيه؛ بل هم أعلم
بالحق وأرحم بالخلق، كما وصف الله به المسلمين بقوله: {كُنتُمْ
خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل
عمران: ٠١١]،
قال أبو هريرة: كنتم خير الناس للناس»[12].
وقال في وصف الرافضة: «ولا يوجد في جميع
الطوائف لا أكذب منهم، ولا أظلم منهم، ولا أجهل منهم، وشيوخهم يقرون بألسنتهم،
يقولون: يا أهل السُّنَّة أنتم فيكم فتوة لو قدرنا عليكم لما عاملناكم بما
تعاملونا به عند القدرة علينا»[13].
فابن تيمية ها هنا يبني معياراً في الإنصاف
يعتمد على ركيزتين: اتباع الحق بدليله، ورحمة الخلق. وهذا المعيار في الناس عزيز
لا يرتقي إليه إلا أهل التجرّد، وتأمل معي هذا الموقف العجيب الذي حكاه ابن تيمية
عن الرافضة قائلاً: «وأهل السُّنَّة نقاوة المسلمين، فهم خير النَّاس للناس، وقد
عُلم أنَّه كان بساحل الشام جبل كبير، فيه ألوف من الرافضة يسفكون دماء النَّاس،
ويأخذون أموالهم، وقتلوا خلقاً عظيماً، وأخذوا الخيل والسلاح والأسرى وباعوهم
للكفار النصارى بقبرص، وأخذوا من مرَّ بهم من الجند، وكانوا أضرَّ على المسلمين من
جميع الأعداء، وحمل بعض أمرائهم راية النصارى، وقالوا له: أيّما خير: المسلمون أو
النصارى؟!، فقال: بل النصارى، فقالوا له: مع من تُحشر يوم القيامة؟!، فقال مع
النصارى، وسلّموا إليهم بعض بلاد المسلمين. ومع هذا: فلمَّا استشار بعض ولاة الأمر
في غزوهم، وكتب جواباً مبسوطاً في غزوهم، وذهبنا إلى ناحيتهم، وحضر عندي جماعة
منهم، وجرت بيني وبينهم مناظرات ومفاوضات يطول وصفها، فلمَّا فتح المسلمون بلدهم،
وتمكن المسلمون منهم، نهيتهم عن قتلهم وعن سبيهم، وأنزلناهم في بلاد المسلمين
متفرقين لئلا يجتمعوا»[14].
وهذا من كريم صفات هذا الإمام الجليل، وحسن
عدله وحكمته، فليس المقصود التشفي والانتقام، وإنما المقصود: كف أذاهم، ومنع
شرورهم، وقمع باطلهم.
القاعدة الثالثة:
التفريق بين طوائف الرافضة وعدم تعميم الأحكام:
تفرَّقت الرافضة إلى فرق متعددة وطوائف
مختلفة، تتفق في أشياء وتختلف في أشياء أخرى، وقد ذكر ابن تيمية أنَّ الرافضة من
حيث العموم ثلاث طوائف، وهي:
1 - الغالية.
2 - السابَّة.
3 - المُفضلة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله
تعالى -: «وهم ثلاث طوائف: طائفة غلت فيه [يعني: علي بن أبي طالب] وادعت فيه
الإلهية، وهؤلاء حرَّقهم بالنار، وطائفة سبَّت أبا بكر، رأسهم عبد الله بن سبأ،
فطلب عليّ قتله حتى هرب إلى المدائن، وطائفة كانت تفضله، حتى قال: لا يبلغني عن
أحد فضَّلني على أبي بكر وعمر إلا جلدتُه جلد المفتري»[15].
وذكر ابن تيمية في كتابه: (منهاج السُّنَّة
النبوية) أطرافاً متفرقة من معتقدات بعض فرق الرافضة المختلفة، كالبيانية
والمغيرية والمنصورية والخطابية.. وغيرهم[16].
وإذا وجد هذا التباين والاختلاف فليس من
العدل أن يُنسب قول لبعضهم ثم يُعمَّم على جميع الفرق والطوائف، وعلى هذا المنهج
الدقيق المنضبط سار شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: (منهاج السُّنَّة النبوية)،
مع أنَّه ركَّز فيه على الشيعة الإمامية، لأن ابن المطهر الحلي الذي ردَّ عليه ابن
تيمية كان إماميَّاً.
قال ابن تيمية في بداية كتابه - بعد أن ذكر
شيئاً من مخازي الرافضة وعجائبهم -: «وقول القائل: إنَّ الرافضة تفعل كذا وكذا،
والمراد به بعض الرافضة، كقوله - تعالى -: {وَقَالَتِ
الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْـمَسِيحُ ابْنُ
اللَّهِ} [التوبة:
30]، {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ
مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} [المائدة:
64]، لم يقل ذلك كلُّ يهودي، بل قاله بعضهم. وكذلك قوله - تعالى -: {الَّذِينَ
قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ}
[آل عمران: 173]، المراد به جنس الناس، وإلا فمعلوم أنَّ
القائل لهم غير الجامع وغير المخاطبين المجموع لهم»[17].
وقال أيضاً: «وممَّا ينبغي أن يُعرف: أنَّ
ما يوجد في جنس الشيعة من الأقوال والأفعال المذمومة وإن كان أضعاف ما ذكر، لكن قد
لا يكون هذا كله في الإمامية الاثني عشرية ولا في الزيدية، ولكن يكون كثير منه في
الغالية وفي كثير من عوامهم، مثل ما يُذكر عنهم من تحريم لحم الجمل، وأنَّ الطلاق
يُشترط فيه رضا المرأة، ونحو ذلك مـمَّا يقوله بعض عوامهم، وإن كان علماؤهم لا
يقولون ذلك، ولكن لـمَّا كان أصل مذهبهم مستنداً إلى جهل، كانوا أكثر الطوائف
كذباً وجهلاً»[18].
وقال في معرض كلامه عن الأئمة، وزعم الرافضة
عصمتهم وأنَّهم في ذلك كالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -: «فهذه خاصة الرافضة
الإمامية التي لم يشركهم فيها أحد - لا الزيدية الشيعة، ولا سائر طوائف المسلمين -
إلا من هو شر منهم كالإسماعيلية الذين يقولون بعصمة العبيديين المنتسبين إلى
محمَّد بن إسماعيل بن جعفر، القائلين بأنَّ الإمامة بعد جعفر في محمد بن إسماعيل
دون موسى بن جعفر، وأولئك ملاحدة منافقون، والإمامية الاثنا عشرية خير منهم بكثير،
فإنَّ الإمامية مع فرط جهلهم وضلالهم فيهم خَلْق مسلمون باطناً وظاهراً، ليسوا
زنادقة منافقين، لكنَّهم جهلوا وضلَّوا واتبعوا أهواءهم، أمَّا أولئك فأئمتهم
الكبار العارفون بحقيقة دعوتهم الباطنية زنادقة منافقون، وأمَّا عوامهم الذين لم
يعرفوا باطن أمرهم فقد يكونون مسلمين، وأمَّا المسائل المتقدمة فقد شرك غير الإمامية
فيها بعض الطوائف، إلا غلوهم في عصمة الأنبياء لم يوافقهم عليه أحد أيضاً، حيث
ادَّعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم
لا يسهو، فإن هذا لا يوافقهم عليه أحد فيما علمت، اللهم إلا أن يكون من غلاة
جهال النساك، فإن بينهم وبين الرافضة قدراً مشتركاً في الغلو وفي الجهل والانقياد
لما لا يعلم صحته، والطائفتان تشبهان النصارى في ذلك، وقد يقرب إليهم بعض
المصنِّفين في الفقه من الغلاة في مسألة العصمة»[19].
وهذا المنهاج مطرد عند شيخ الإسلام ابن
تيمية - رحمه الله تعالى - في حديثه عن الفرق الأخرى، فها هو ذا يقول في الكتاب نفسه
عن طائفة الفلاسفة: «وأمَّا الفلسفة مطلقاً أو إثباتها فلا يمكن؛ إذ ليس للفلاسفة
مذهب معيَّن ينصرونه، ولا قول يتفقون عليه في الإلهيات والمعاد والنبوات والشرائع؛
بل وفي الطبيعيات والرياضيات؛ بل ولا في كثير من المنطق. ولا يتفقون إلا على ما
يتفق عليه جميع بني آدم من الحسيات المشاهدة والعقليات التي لا يُنازع فيها أحد،
ومَنْ حكى عن جميع الفلاسفة قولاً واحداً في هذه الأجناس، فإنَّه غير عالم
بأصنافهم واختلاف مقالاتهم؛ بل حسبه النظر في طريقة المشائين أصحاب أرسطو
كثامسطيوس والإسكندر الأفروديسي وبرقلس من القدماء، وكالفارابي وابن سينا
والسهرورديّ المقتول وابن رشد الحفيد وأبي البركات ونحوهم من المتأخرين، وإن كان
لكلِّ من هؤلاء في الإلهيات والنبوات والمعاد قول لا يُنقل عن سلفه المتقدمين، إذ
ليس لهم في هذا الباب علم تستفيده الأتباع، وإنَّما عامة علم القوم في الطبيعيات،
فهناك يسرحون ويتبجَّحون، وبه وبنحوه عظَّم من عظَّم أرسطو، واتبعوه لكثرة كلامه
في الطبيعيات، وصوابه في أكثر ذلك، وأمَّا الإلهيات فهو وأتباعه من أبعد النَّاس
عن معرفتها».
وقال في موضع آخر: «وأمَّا الخلاف الذي بين
الفلاسفة فلا يحصيه أحد لكثرته ولتفرقهم، فإن الفلسفة التي عند المتأخرين -
كالفارابي وابن سينا ومن نسج على منوالهما - هي فلسفة أرسطو وأتباعه، وهو صاحب
التعاليم: المنطق، والطبيعي، وما بعد الطبيعة، والذي يحكيه الغزالي والشهرستاني
والرازي وغيرهم من مقالات الفلاسفة هو من كلام ابن سينا[20].
والفلاسفة أصناف مصنَّفة غير هؤلاء؛ ولهذا
يذكر القاضي أبو بكر في (دقائق الكلام)، وقبله أبو الحسن الأشعري في كتاب: مقالات
غير الإسلاميين - وهو كتاب كبير أكبر من مقالات الإسلاميين - أقوالاً كثيرة
للفلاسفة لا يذكرها هؤلاء الذين يأخذون عن ابن سينا. وكذلك غير الأشعري، مثل: أبي
عيسى الورَّاق، والنوبختي، وأبي عليّ، وأبي هاشم، وخلق كثير من أهل الكلام
والفلاسفة»[21].
القاعدة الرابعة:
التثبت في النقل عن المبتدعة:
التثبت في النقل عن المبتدعة من الأمور
المهمة التي يجب الالتزام بها، فلا يجوز أن يُنسب للإنسان ما لم يقله، حتى لو كان
مبتدعاً مفترياً للكذب محارباً لأهل السُّنَّة، فهذا من الظلم المذموم الذي حرَّمه
الله - تعالى -، وبيان حال المبتدع وانحرافه ممكن - ولله الحمد والمنَّة - ومتيسر
بغير هذا الطريق، فضلالهم بيِّن، وانحرافهم ظاهر، قال الله - تعالى -: {وَلا
يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ
لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨].
وفي هذا الباب يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
«فالكذب على الشخص حرام كله، سواء أكان الرجل مسلماً أم كافراً، براً أم فاجراً،
لكن الافتراء على المؤمن أشد؛ بل الكذب كله حرام»[22].
وقال أيضاً: «والظلم محرَّم في كل حال، فلا
يحلّ لأحد أن يظلم أحداً ولو كان كافراً»[23].
فالتثبت في النقل علامة مهمة على النزاهة
والأمانة والصدق، ولن يستقيم البحث العلمي إلا بذلك، وقد برزت هذه الصفة المنهجية
عند شيخ الإسلام ابن تيمية بروزاً ظاهراً في ردِّه على المبتدعة عامة، ومنهم ابن
المطهر الرافضي، فها هو ذا في الكتاب كله يُصدِّر ردّه على ابن المطهر بنقل كلامه
بنصه، فيقول: قال الرافضي كذا وكذا، ثم يتبعه بعد ذلك بالمناقشة والردّ. وزاد من
دقة الأمر ووضوحه أنَّ المحقق الدكتور محمد رشاد سالم - رحمه الله تعالى - رجع إلى
النسخة المطبوعة في إيران لكتاب منهاج الكرامة، وقارن بينها وبين ما أثبته ابن
تيمية.
وهذه الطريقة في المناقشة والردّ في غاية
المنهجية والعلمية لأسباب عديدة، منها:
1 - تدلُّ على الدقة والأمانة في النقل، فلا
يُنسب إلى القائل إلا ما ثبت عنه.
2 - تعصم الإنسان - غالباً - من سوء الفهم،
وتحميل الكلام ما لا يحتمل.
3 - تدين الخصم من قلمه فلا مجال لإنكار ذلك
أو التبرؤ منه.
ولهذا يذكر ابن تيمية أنَّ من تمام المعرفة
بأقوال النَّاس نقل ألفاظهم بدقَّة، فيقول: «وكثير من النَّاقلين ليس قصده الكذب،
لكن المعرفة بحقيقة أقوال الناس من غير نقل ألفاظهم، وسائر ما به يُعرف مرادهم قد
يتعسَّر على بعض الناس، ويتعذَّر على بعضهم»[24].
وهو يطالب ابن المطهر الرافضي بذلك أيضاً،
فعندما اتهم الرافضي أهل السُّنَّة بأنهم حشوية ومجسِّمة قال معترضاً عليه: «من
أراد أن ينقل مقالة عن طائفة فليُسمِّ القائل والنَّاقل، وإلا فكل أحد يقدر على
الكذب، فقد تبيَّن كذبه فيما ينقله عن أهل السُّنَّة»[25].
ولـمَّا نقل ابن المطهر عن الشهرستاني قوله:
«وبالجملة كان الحقُّ مع عليّ، وعليّ مع الحقِّ»، قال ابن تيمية تعليقاً على ذلك:
«والنَّاقل الذي لا غرض له: إمَّا أن يحكي الأمور بالأمانة، وإمَّا أن يُعطي كل ذي
حقّ حقَّه»[26].
ولهذا ذمه ابن تيمية على عدم تثبته وتحريه
في النقل عن أهل السُّنَّة، فقال: «هذا المبتدع أخذ يشنِّع على أهل السُّنَّة فذكر
مسائل لا يذكر حقيقتها ولا أدلتها، وينقلها على الوجه الفاسد، وما ينقله عن أهل
السُّنَّة خطأ أو كذب عليهم أو على كثير منهم.
وما قُدّر أنه صدق عن بعضهم فقولهم فيه خير
من قوله؛ فإن غالب شناعته على الأشعرية ومن وافقهم، والأشعرية خير من المعتزلة
والرافضة عند كل من يدري ما يقول، ويتقي الله فيما يقول»[27].
وفي موضع آخر ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن
ابن المطهر الرافضي أخذ ينقل عن أهل السُّنَّة: «مقالات لا يقولها إلا بعضهم مع
تحريفه لها، فكان في نقله من الكذب والاضطراب ما لا يخفى على ذوي الألباب»[28].
القاعدة الخامسة:
هجر المبتدعة هو من باب العقوبات الشرعية:
قال ابن تيمية: «ردّ شهادة من عرف بالكذب
متفق عليه بين الفقهاء، وتنازعوا في شهادة سائر أهل الأهواء: هل تقبل مطلقاً أم
ترد مطلقاً أم ترد شهادة الداعية إلى البدع؟ وهذا القول الثالث هو الغالب على أهل
الحديث، لا يروون الرواية عن الداعية إلى البدع ولا شهادته، ولهذا لم يكن في كتبهم
الأمهات، كالصحاح والسنن والمسانيد، الرواية عن المشهورين بالدعاء إلى البدع، وإن
كان فيها الرواية عمَّن فيه نوع من بدعة كالخوارج والشيعة والمرجئة والقدرية؛ وذلك
لأنهم لم يدعوا الرواية عن هؤلاء للفسق كما يظنه بعضهم، ولكن من أظهر بدعته وجب
الإنكار عليه بخلاف من أخفاها وكتمها، وإذا وجب الإنكار عليه كان من ذلك أن يهجر
حتى ينتهيَ عن إظهار بدعته، ومن هَجْره ألَّا يؤخذ عنه العلم ولا يُستشهد.
وكذلك تنازع الفقهاء في الصلاة خلف أهل
الأهواء والفجور: منهم من أطلق الإذن، ومنهم من أطلق المنع، والتحقيق أنَّ الصلاة
خلفهم لا ينهى عنها لبطلان صلاتهم في نفسها، لكن لأنهم إذا أظهروا المنكر استحقوا
أن يُهْجَروا وألَّا يُقدَّموا في الصلاة في المسلمين، ومن هذا الباب ترك عيادتهم
وتشييع جنائزهم، كل هذا من باب الهجر المشروع في إنكار المنكر للمنهي عنه.
وإذا عرف أنَّ هذا هو من باب العقوبات
الشرعية: علم أنَّه يختلف باختلاف الأحوال من قلة البدعة وكثرتها، وظهور السُّنَّة
وخفائها، وأنَّ المشروع قد يكون التأليف تارة والهجرانُ تارة أخرى، كما كان النبي صلى
الله عليه وسلم يتألف أقواماً من المشركين مـمَّن هو حديث
عهد بالإسلام ومن يخاف عليه الفتنة، فيعطي المؤلفة قلوبهم ما لا يعطي غيرهم.
قال في الحديث الصحيح: (إني لأعطي رجالاً
وأدع رجالاً، والذي أدع أحب إليّ من الذي أعطي رجالاً لما جعل الله في قلوبهم من
الهلع والجزع، وأدع رجالاً لما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير، منهم: عمرو بن
تغلب)[29]، وقال: (إني لأعطي الرجل
وغيرهُ أحب إليّ منه خشية أن يكبَّه الله على وجهه في النار)[30] - أو كما قال - وكان
يهجر بعض المؤمنين، كما هجر الثلاثة الذي خُلفوا في غزوة تبوك؛ لأن مقصوده دعوة
الخلق إلى طاعة الله بأقوم طريق، فيستعمل الرغبة حيث تكون أصلح، والرهبة حيث تكون
أصلح.
ومن عرف هذا تبيَّن أن له من ردَّ الشهادة
والرواية مطلقاً من أهل البدع المتأولين فقوله ضعيف، فإن السلف قد دخلوا بالتأويل
في أنواع عظيمة. ومن جعل المظهرين للبدعة أئمة في العلم والشهادة لا يُنكر عليهم
بهجر ولا ردع فقوله ضعيف أيضاً. وكذلك من صلى خلف المظهر للبدع والفجور من غير
إنكار عليه ولا استبدال به من هو خير منه مع القدرة على ذلك فقوله ضعيف، وهذا
يستلزم إقرار المنكر الذي يبغضه الله ورسوله صلى
الله عليه وسلم مع القدرة على إنكاره، وهذا لا يجوز. ومن
أوجب الإعادة على كل من صلى خلف كل ذي فجور وبدعة فقوله ضعيف، فإن السلف والأئمة
من الصحابة والتابعين صلوا خلف هؤلاء وهؤلاء لما كانوا ولاة عليهم؛ ولهذا كان من
أصول أهل السُّنَّة: أن الصلوات التي يقيمها ولاة الأمور تصلى خلفهم على أي حال
كانوا، كما يُحج معهم ويُغزى معهم»[31].
- المبحث الثاني: قواعد
علمية في الرد على المبتدعة 1-2
- المبحث الثاني: قواعد
علمية في الرد على المبتدعة 2-2
[1] أخرجه: البخاري
(2/103).
[2] (4/149 - 155).
[3] (5/167 - 168).
[4] (5/157 - 158).
[5] (1/44).
[6] لعله يعني: الشرائع
الفقهية.
[7] (2/369).
[8] (4/135 - 136).
[9] (4/543 - 544)، وانظر:
(6/198 و 203)، ومن أراد الزيادة في هذا المبحث فيمكنه مراجعة كتابي: (منهج أهل
السُّنَّة والجماعة في تقويم الرجال ومؤلفاتهم)، نشر مجلة البيان.
[10] (4/521).
[11] (5/244).
[12] (5/158).
[13] (4/121).
[14] (5/159 - 160).
[15] (7/510 - 511)، وانظر:
(1/306 - 307).
[16] انظر: (2/234 - 242،
395، 477، 502، 514، 626) و (3/8 - 12، 470 - 485)، وغيرها.
[17] (1/36 - 37).
[18] (1/57).
[19] (2/452 - 453).
[20] (1/357 - 358).
[21] (5/282 - 283)، وقد
ذكر ابن تيمية فائدة دقيقة في معرفة ردود المبتدعة على بعضهم بعضاً، فقال: «وعلم
الإنسان باختلاف هؤلاء وردِّ بعضهم على بعض، وإن لم يعرف بعضهم فساد مقالة بعض، هو
من أنفع الأمور، فإنَّه ما منهم إلا من قد فصَّل مقالته طوائف،فإذا عرف ردّ الطائفة
الأخرى على هذه المقالة عرف فسادها، فكان في ذلك نهى عـمَّا فيها من المنكر
والباطل، وكذلك إذا عرف رد هؤلاء على أولئك، فإنَّه يعرف ما عند أولئك من الباطل،
فيتقي الباطل الذي معهم.
ثم من بيَّن الله له الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم -
إمَّا أن يكون قولاً ثالثاً خارجاً عن القولين، وإمَّا أن يكون بعض قول هؤلاء وبعض
قول هؤلاء، وعرف أنَّ هذا هو الذي كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وعليه
دلَّ الكتاب والسُّنَّة - كان الله قد أتمَّ عليه النعمة إذ هداه الصراط المستقيم،
وجنَّبه صراط أهل البغي والضلال، وإن لم يتبيَّن له: كان امتناعه عن موافقة هؤلاء
على ضلالهم، نعمة في حقه، وأعتصم بما عرفه من الكتاب والسُّنَّة مُجملاً، وأمسك عن
الكلام في تلك المسألة، وكانت من جملة ما لم يعرفه» (5/281 - 282).
[22] مجموع الفتاوى
(28/223).
[23] المرجع السابق
(19/44).
[24] (6/303).
[25] (2/413).
[26] (6/362).
[27] (1/444).
[28] (2/221).
[29] أخرجه البخاري: (2/10
- 11).
[30] أخرجه البخاري:
(1/10)، ومسلم (1/132 - 133).
[31] (1/62 - 66).