• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
شهادتي .. أحمد أبو الغيط

شهادتي .. أحمد أبو الغيط


يستعرض وزير الخارجية المصري السابق في كتابه الذي يتألف من 13 فصلا  الدور المصري في الكثير من القضايا من عام 2004 حتى 2011 حيث تمت الإطاحة بنظام الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك بعد قيام ثورة 25 يناير  من العام نفسه.

في الكتاب يبين أبو الغيط حجم الاستفادة المصرية من الأموال الخليجية و الليبية و يظهر مبارك  بشخصيته الحقيقية التي يستغل فيها نكبات شعبه لاستعطاف الحكومات الخليجية و يستشهد الوزير السابق على ذلك في كتابه من خلال ضرب عدة أمثلة أبرزها غرق العبارات المصرية و بعدها مباشرة يوفد مبارك شخصيات من رئاسة الجمهورية لطلب أموال من قطر أو السعودية لشراء عبارات جديدة أو أزمة القمح أو حوادث القطارات.

كما يشير أيضا الكاتب إلى إصرار مبارك على رأيه في حل بعض القضايا مثل المعركة الرياضية الشهيرة بين الجزائر و مصر و مباراة كرة القدم التي أقيمت في السودان حيث اقترح الوزير السابق على حد قوله على مبارك إرسال 2000 عنصر من الجيش المصري بملابس مدنية لحماية الجماهير المصرية، لكنه لم يفكر في إمكانية إلغاء المباراة و تقديم اعتذار للجزائريين على ما حدث، وكأن الأمر كان مقصودا لمنح جمال مبارك في حينها شعبية كافية على حساب دماء الأبرياء.

و من الملفت ايضا حديث أبو غيط عن التواجد المخابراتي المصري في العراق أثناء الغزو الأمريكي على العراق. وأشار في كتابه "شهادتي" إلى التعاون الاستخباري السعودي المصري في مكافحة شحنات من المخدرات الإيرانية التي تهرب إلى السعودية.

و بين الكتاب ايضا حجم الجفاء في العلاقة بين مصر مبارك و قطر و نقل الكاتب عن مبارك بأن أمير قطر " قلبه طيب" لكن وزير خارجيته حمد بن جاسم آل ثاني كانت له مآرب أخرى على حد أقوال مبارك الذي ينقلها وزير خارجيته في كتابه.

ولم يغيب الكاتب الدور التي كانت تلعبه سوزان مبارك من خلال الضغط عليه للاستمرار في التمديد لبعض السفيرات و المسؤولات في وزارة الخارجية، وتعرض مبارك لنفس الضغوط.

ويستذكر أبو الغيط أيضا حادثة الهجوم على غزة في 27 ديسمبر 2008 حيث اجتمعت وزيرة الخارجية الصهيونية السابقة تسيبي ليفني مع الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك على انفراد ثم خرجته ممسكة بيد الوزير السابق لتعلن التحرك العسكري الصهيوني ضد قطاع غزة.

ويبدأ المؤلف بالقول إن الرئيس مبارك كانت تحكمه مسألة السن في الكثير من القرارات الخاصة بتعيينات الوزراء والمسؤولين الكبار بصفة عامة، وعندما عرض عليه وزير الخارجية عصمت عبد المجيد -الذي تم اختياره في أبريل عام 91 لتولي أمانة جامعة الدول العربية- ترشيح أحمد أبو الغيط لتولي الوزارة خلفا له، رفض مبارك بدعوى صغر سن المرشح وقتها (49 عاما)، لكنه وافق عليه بعد ذلك، عندما بلغ الثانية والستين من العمر.

ويقرر المؤلف أن الرئيس المصري دائما، سواء عبد الناصر أو السادات أو مبارك، هو الفاعل الرئيس وصاحب القرار التوجيهي المؤثر في كل ما يتعلق بالشؤون الخارجية المصرية، كما أن هناك مؤسسات وأشخاصا يظهرون ويختفون طبقا لإرادة ذلك الرئيس، وعندما تولى أبو الغيط الوزارة اكتشف أن السفير أسامة الباز، وهو الشخص المقرب جدا من مبارك منذ عام 1976، لم يعد يلعب نفس التأثير الكبير في صنع وتنفيذ السياسة الخارجية المصرية، وأن مبارك لم يعد يعتمد عليه كما كان يحدث طوال أكثر من ربع قرن، دون أن يحدثنا المؤلف عن أسباب ذلك.

وفي الأسابيع الأولى للمؤلف في الوزارة تأكد لديه فقدان "مبارك" الاهتمام بالكثير من مسائل السياسة الخارجية وشخصياتها وقضاياها على المستوى الدولي، بينما كان أسيرا لعلاقات مع شخصيات رئيسة، في مقدمتها: الرؤساء الفرنسيون كلهم، والمستشارون الألمان، وكبار مسؤولي إيطاليا، وكان هناك رصيد كبير من التعامل بسبب طول فترة الحكم، ومع ذلك كان هناك أيضا الإحساس بالملل لدى الرئيس.

 ويتحدث في الفصول الستة المؤلف عن رحلة حياته حتى التحاقه بوزارة الخارجية و تكليفه رسميا بمهام وزارة الخارجية، وأهم القضايا التي تعرض لها خلال تلك الرحلة، ومن هذه القضايا: محاولة توسيع عضوية مجلس الأمن الدولي، وطموح عدد من الدول الأفريقية في العضوية الدائمة.

ويتحدث أبو الغيط عن الدور الذي لعبته مصر في الضغط على السودان من أجل القبول بتطبيق القرارات الدولية الخاصة بالتقسيم و توقيع اتفاق "نيفاشا" الكينية في التاسع من يناير 2005، الذي ينص على وقف إطلاق النار بين الجيش السوداني وقوات الحركة الشعبية، وإقامة فترة انتقالية مدتها ستة أعوام، يتعاون خلالها الشمال والجنوب في حكم البلاد ويتولى رئيس الحركة الشعبية "جون قرنق" منصب النائب الأول للرئيس السوداني.

ويقول الكاتب إن مصر، ولعدة سنوات، كانت لا تؤيد مسار المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية، وهي مفاوضات كانت تتم بدعم قوى أفريقية وغربية، لم تثق مصر في حقيقة أهدافها وتوجهاتها، ولم تكن الكنائس الغربية بعيدة عن الشكوك في هذا المجال.

وعقب ظهور الملامح الأولى للإنفصال بدأت مصر في تنمية وتطوير العلاقات مع الجنوب،  من خلال بناء عدة محطات لإنتاج الكهرباء، وإقامة فرع لجامعة الإسكندرية في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان.

ويناقش الفصل الثامن تحديات الحفاظ على مكانة مصر في قارة أفريقيا، وأنه على الرغم من وجود 35 بعثة دبلوماسية في الدول الواقعة جنوب الصحراء، وإنشاء صندوق للتعاون الفني والاقتصادي مع الدول الأفريقية، إلا أن الصورة العامة لم تكن إيجابية، خصوصا في الفترة التي أعقبت محاولة اغتيال "مبارك" في أديس أبابا 1995، وامتناعه بعد ذلك عن القيام بأي زيارة لدولة أفريقية، حتى تم خلعه في فبراير2011.

ويقول الكاتب في الفصل العاشر إن الدبلوماسية المصرية تؤمن بأهمية وحيوية أن تسعى مصر لإقامة مثلث تعاون نشط بينها وبين تركيا وإيران، لخدمة ليس فقط إقليم الشرق الأوسط وتحقيق السلام والاستقرار والتنمية له، بل أيضا لتأمين هذا الإقليم الإسلامي الكبير ضد التدخلات الخارجية.

وبخصوص إيران يقول المؤلف إن العلاقات الكاملة أوشكت على التحقيق في 2003، لكن الأمر توقف فجأة "بعد إحساس الرئيس المصري (مبارك) أن إيران لن تغير نهجها تجاه مصر"، أما الحركة والنشاط اللذان أظهرتهما تركيا في الأعوام الخمسة (2005 -2010) فقد كانا يهدفان إلى الاستفادة الكاملة من الانطلاق الاقتصادي التركي الواسع، وكان هذا النمو الاقتصادي يلقى الإعجاب من المراقبين العرب والمصريين.

ويتعرض الفصل الحادي عشر لتفاصيل علاقات مصر مع كل من دول: الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، ومدى قدرة الدبلوماسية المصرية على الانفتاح على هذه الدول، ويتناول أيضا الحديث عن العلاقات المتنامية مع إندونيسيا وماليزيا وكوريا الجنوبية واليابان والبرازيل.

ويخصص المؤلف الفصل الثاني عشر للحديث عن تحديات التسوية السلمية، مشيرا إلى أن الكيان الصهيوني  شعر بالإهانة في حرب لبنان 2006، وكان حينئذ يسعى للبحث في كيفية رد الاعتبار، من خلال تدمير القدرات العسكرية لحركة "حماس"، ومن ثم تمكين منظمة التحرير من العودة للإمساك بزمام قطاع غزة، وبدأت بعض الدوائر الغربية تطرح إمكانية تسليم إدارة القطاع للجامعة العربية أو مصر، التي رفضت وبحزم كل هذه الأفكار.

ويستعرض الفصل الأخير من الكتاب آخر 45 يوما في فترة حكم مبارك يلخصها بالقول إن الرئيس (المخلوع) لم يكترث في بداية الأمر عندما أخبره مدير المخابرات بالدعوة للمظاهرات يوم 25 يناير ، لكن الأمر تطور بسرعة شديدة في الأيام التالية، وتم الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة برئاسة الفريق أحمد شفيق، كمحاولة لاحتواء الأزمة. مشيرا إلى وجود محاولات لفرض جمال مبارك على البلد لكن المحاولة فشلت لأن القوات المسلحة، وغالبية أجهزة الأمن القومي، لن توافق على ذلك وسيدعمها الشعب.

ويعترف الكاتب أيضا بفشل الحكم في عهد مبارك ويقول في ذلك إن الناتج التركي أربعة أضعاف المصري وبعدد متكافئ من السكان لكن أسباب الفشل في مصر تمثلت في ضعف السياسات وغياب الحزم و فقدان الرؤية الفلسفية الحاكمة للحركة..

أعلى