• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
التقارير المكذوبة.. لمراسلي

التقارير المكذوبة.. لمراسلي "البنتاغون" في المغرب

New Page 1

لم تخلف وزارة الخارجية الأمريكية الموعد لإصدار تقاريرها حول الحريات الدينية والسياسية.. في عدد من دول العالم ومن بينها المغرب، كما أن مراكز البحوث والدراسات في الولايات المتحدة وغيرها من دول الغرب تخصص الأموال الطائلة لاستقصاء وتتبع أخبار الواقع المغربي خصوصا ما كان له تعلق بالواقع الديني والحركات الإسلامية؛ ولأجل ذلك توظف عددا من المراسلين والباحثين والدارسين لهذا الغرض، فتنجز تقاريرها بناء على ما يجمعه مراسلوها من أخبار ومعلومات وحوادث.

والولايات المتحدة الأمريكية لم تكتف بإصدار تلك التقارير التي يكون لها الأثر البارز في توجيه سياسات بعض الدول، خصوصا التي انخرطت معها في مشروع مكافحة الإرهاب كالبلدان المغاربية، بل أنشأت موقعا إلكترونيا يسمَى "مغاربية" يعنى بتتبع تلك الأخبار والواقع الديني والحقوقي والاجتماعي في هذه البلدان.

فعند قراءة الجهة القائمة على موقع "مغاربية"؛ والمشرفين عليه؛ نجد ضمن خانة "من نحن" المعلومات التالية:

"موقع مغاربية ترعاه القيادة الأمريكية الإفريقية، وهي القيادة العسكرية المشتركة المسؤولة عن تعزيز ودعم الجهود الأمريكية لتشجيع الاستقرار، والتعاون، والرخاء في المنطقة".

موقع مغاربية هو مصدر أنباء ومعلومات مركزي يتناول قضايا المغرب العربي بثلاث لغات: العربية، والفرنسية، والإنكليزية. ويهدف موقع مغاربية لتقديم تغطية إخبارية دقيقة ومتوازنة ومتطلعة للتطورات في المغرب العربي.

يستقي الموقع ستة أيام في الأسبوع آخر الأنباء من مختلف أرجاء المنطقة كما تنقلها وسائل الإعلام المحلية والدولية. وهو يقدم تحليلات ومقابلات، وتعليقات يعدها مراسلو مغاربية المدفوعي الأجر في المنطقة".

والقيادة الأمريكية الإفريقية قوات موحدة مقاتلة تحت إدارة وزارة الدفاع الأمريكية وهي مسئولة عن العمليات العسكرية الأمريكية وعن العلاقات العسكرية مع 53 دولة إفريقية في إفريقيا عدا مصر 1.

فموقع "مغاربية" يشتغل بإشراف "البنتاغون" (وزارة الدفاع الأمريكية) بواسطة قوات "أفريكوم"، ما نستفيد منه أن القوات العسكرية الأمريكية لا تهتم فقط بالجانب العسكري ومواجهة الهجومات الإرهابية في المنطقة -على حد زعمها-، بل لها عمل فكري وثقافي تجند له شبكات من المراسلين مدفوعي الأجر لتقديم التقارير الصحفية والتحليلات والتعليقات حول الأحداث المهمة في المنطقة؛ والتي تساق بشكل يخدم الأيديولوجية والسياسة الأمريكية.

كما يبشر المشرفون على الموقع بأن "تغطية مغاربية تتميز بإلمامها بأعماق القضايا المحلية- أهم الفاعلين، والأحداث والحساسيات التي قد تبعث على تطورات ذات مغزى- ممزوجة بمقاربة تلمس مختلف خصائص المنطقة. وهو موقع يتناول الاتجاهات ويطرح الحلول والنجاحات التي يمكن أن تشكل نماذج يُحتذى بها لتحقيق التقدم عبر مختلف أنحاء المنطقة".

 فهل هذا الادعاء يصمد أمام بعض التقارير والمقالات التي يعدها مراسلون مدفوعي الأجر لحساب الموقع التابع للقيادة الأمريكية الإفريقية؟

عند قراءة عدد من المقالات المنشورة في الموقع يعلم القارئ المحايد أن الموقع في ظل الظهور والحضور القوي لـ"الإسلاميين" في الواقع الدعوي والفكري والسياسي في هذه الدول فإن مراسلي هذا الموقع يسلطون الضوء عليهم بشكل كبير، خصوصا التوجه السلفي الذي يشكل عائقا كبيرا أمام المشروع الأمريكي، والأمر لا يقف عند حد تسليط الضوء على تصرفات الأفراد والأخطاء التي يمكن أن تقع منهم، والعمل على تضخيمها واستغلالها لضرب مصداقية هذا التيار الإسلامي القوي، بل يصل الأمر إلى حد نشر أخبار مزيفة وإلصاق تهم بهذا التيار الواسع الانتشار، بالرغم من أن السلفيين بريئين من تلك التهم براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، وإليكم هذا النموذج:

نشر موقع "مغاربية" بتاريخ 11 مايو 2012م مقالا تحت عنوان "سلفيون يهاجمون فتاة في الرباط بسبب ملابسها"، ومما جاء في المقال: "احتدم النقاش من جديد في الآونة الأخيرة بالمغرب حول الحريات الفردية بعد تعرض فتاة ترتدي لباسا قصيرا عصريا بسوق بالعاصمة الإدارية الرباط إلى اعتداء من قبل أشخاص وُصفوا بالسلفيين.

وقال شهود عيان لمغاربية بأن الفتاة تعرضت للرجم والضرب لأنها ترتدي لباسا يكشف أجزاء حميمية من جسدها حسب المعتدين".

ففي نص المقال يقول الكاتب إن الاعتداء كان من طرف أشخاص وصفوا بالسلفيين، وفي العنوان نجد الجزم بنسبة الهجوم إلى السلفيين، وهو تلبيس واضح من طرف كاتب المقال، يستفاد منه أن من اكتفى بقراءة العنوان كعادة الكثير من القراء، سيفهم بأن السلفيين هم المعتدون على الفتاة ولن يتبادر إلى ذهنه ذاك التشكيك المفهوم من كلمة "وصفوا" في نص المقال، وهو تلبيس ناتج عن أن الصحفي المعد لهذا المقال (التقرير) اعتمد في إنجازه على خبر يومية الصباح المغربية المغالط، الذي اعتمدته العديد من وسائل الإعلام العلمانية منها خاصة، كما اعتمدته الجمعية الحقوقية "بيت الحكمة" في بيانها الذي نسب بدوره حالة الاعتداء إلى بعض الإسلاميين من التيار السلفي كما جاء في البيان (ج الأحداث ع:4612).

 

فهل يصح أن أفرادا سلفيين هم الذين اعتدوا على فتاة الرباط ونزعوا ثيابها؟

نشرت جريدة الصباح العلمانية بتاريخ السبت الأحد 10-11 مارس 2012م (ع:3704) مقالا تحت عنوان: "سلفيون اعتدوا على فتاة ونزعوا ثيابها"، ومما جاء في تصديره: "..أن فتاة متبرجة تعرضت.. لهجوم واعتداء غير مسبوقين من طرف مجموعة من الأفراد بـ «سويقة» بالرباط، يشتبه في انتمائهم إلى التيار السلفي".

لقد اعتمد صحفي الصباح أسلوب التعمية والتدليس لأنه رغم شكّه في انتماء المعتدين للتيار السلفي صرّح في العنوان بأن المعتدين هم سلفيون، ضاربا عرض الحائط بالاحتمال الضعيف عن انتمائهم كما حكته له مصادره المطلعة (المجهولة عندنا) التي تعتبر هي مصدر الخبر، ومعلوم منهجية من لا مِهَنيّة ومصداقية عنده في نسبة الحوادث خصوصا إذا كان معد الخبر أو التقرير ممن يحمل إيديولوجية معادية لتيار معين.

وهذا ما حصل مع "كويتب" الصباح في نسبة الاعتداء للسلفيين، وهو محض كذب وتلفيق وتزوير للحقائق لأجل تشويه صورة السلفي في مجتمعه المغربي، وأنه يعتمد العنف ويمارس العدوانية ضد أصحاب المخالفات الشرعية، وأن السلفيين أسسوا فرقا من شرطة الأخلاق، وغير ذلك من التهم الزائفة والمكذوبة التي لا يتورع من لا نزاهة له ولا خلق ولا دين في رمي الأبرياء بها.

بعد نشر هذا الخبر مباشرة قام الأستاذ مصطفى الحسناوي بإجراء تحقيق وإعداد روبرتاج مصور في مكان الحادثة، حيث التقى بمجموعة من الباعة الذين شهدوا حالة الاعتداء على الفتاة، والذين نفوا نفيا جازما أن يكون قد اشترك أحد السلفيين أو "الإخوانيين" أو مجرد مشاركة ملتح في الحادثة، بل أكدوا أن الذين اعتدوا على الفتاة التي كانت ترتدي ثيابا عارية مستفزة هم مجموعة أطفال وشباب ينتمون إلى تلك المنطقة، وهم شباب متهور وصل بهم الأمر حد تعريتها من ثيابها.

ثم نشر الروبرتاج في موقع اليوتيوب2 وعرض في أشهر جريدة إلكترونية مغربية "هسبريس" بتاريخ 16 مارس 2012م، وقبله بيوم واحد (في فترة المونتاج) نشر معدّ الروبرتاج مقالا على الموقع نفسه وعلى جريدة السبيل تحت عنوان "جريدة الصباح والكذب الصراح"، بيّن فيه كذب هذا الادعاء، ثم نشر مقال آخر في الموضوع نفسه بقلم الأستاذ نبيل غزال بتاريخ فاتح أبريل 2012م في المنبرين المذكورين سابقا.

وتبين بعد ذلك أن المقال الذي نشرته يومية الصباح لم يكن بناء على معاينة مكان الحادثة واستقصاء الشهادات من شهود العيان الذين كانوا متواجدين ومعاينين للحادثة كما جاء في الخبر، كما تقتضي ذلك المهنية والمصداقية، وإنما اقتصر الأمر على مزايدات وتخرصات لا حقيقة لها.

وهنا يرد سؤال:

لماذا تتعمد الجرائد العلمانية الكذب على السلفيين والإسلاميين عموما؟

لن أجيب على السؤال، لأن سلسلة تواصل الكذب في هذه الحادثة لا زالت متواصلة، وإلحاق هذه التهمة بالسلفيين سيصير أمرا دوليا، ففي يوم 11 ماي 2012م سينشر موقع "مغاربية" مقالا بعنوان "سلفيون يهاجمون فتاة في الرباط بسبب ملابسها"، وتحته عنوان صغير كتعليق جاء فيه: "اعتداء إسلاميين على شابة بالعاصمة المغربية يثير مخاوف حول انتهاك الحريات المدنية"، وهو أمر مستغرب؛ فرغم كل ما نشر من: روبرتاج بالصوت والصورة، والمقالات في الجرائد، وما جرّ ذلك من نقاش كان المتهِم فيه دائما يصطدم بحقيقة أن الأمر مكذوب من أصله، فإن مراسل موقع "مغاربية" التابع للبنتاغون أصر على نشر مقاله بعد مرور قرابة شهرين، ومعاودة الكذب فيه على السلفيين ونسبة الاعتداء لهم، وهو ما نفهم منه بأن المراسل المدفوع الأجر لم يكلف نفسه بدوره زيارة مكان الحادثة واستقصاء حقيقة ما وقع، ثم إنه رغم بيان كذب ادعاء صحفي الصباح الذي اعتمد مراسل البنتاغون على خبره، فإنه نشر الخبر يشمل لا مصداقية مركبة: من حيث عدم المصداقية في كتابة المقال من أصله؛ وفي تعمد نشره رغم بيان كذب نسبة الاعتداء للسلفيين.

 

فهل هكذا تعد التقارير التي تعتمدها الإدارات والمؤسسات الأمريكية؟

إن نشر الكذب على التيارات الإسلامية وإلصاق كل نقيصة بهم، أساسه هو تشويه صورتهم أمام مجتمعاتهم، وتنفير الناس منهم، ومن دعوتهم القائمة على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، على أساس تصحيح المعتقد من كل شائبة وشرك، وتصحيح العبادة من كل مخالفة وبدعة، والحرص على التدين السني الوسطي الذي يجعل أحكام الإسلام شرعة حياة في كل المناحي والأحوال.

إن مصداقية التقارير التي تعدها وزارة الخارجية الأمريكية ومراكز البحث والدراسات مشوهة بغض النظر عن الإيديولوجية التي تحكمها، لأنها تقوم على اعتماد مثل هذه التقارير المكذوبة، ووزارة الخارجية الأمريكية دون شك تعتمد ما تنشره الصحافة الوطنية3 وهي مليئة بمثل هذه الأكاذيب إلا القليل منها.

كما أنه من المستغرب أن نجد بني جلدتنا من المغاربة يكذبون على مواطنيهم ويلصقون التهم بهم لأجل الاسترزاق واكتساب أموال الغرب المحارب للهوية الإسلامية الصحيحة، والذي يدعو حكومات الدول الإسلامية لنشر التصوف البدعي القائم على البدع والخرافات، وأحيانا ممارسات شركية، من أجل مواجهة انتشار التدين الصحيح4؟!!

ومن صور تعميم الإدارة الأمريكية لهذا التشويه المتعمد على الصعيد الدولي لأجل الظفر بمزيد من الدعم الغربي والعربي لسياستها الإرهابية في مواجهة التطرف الإسلامي -كما يحلوا لها أن تصف التيارات السلفية-، فقد عمدت هذه الإدارة إلى استغلال قوة الشبكة العنكبوتية في نشر وتعميم الأخبار، حيث صار خبر موقع "مغاربية" يعرض في خدمة إعلانات "جوجل"، بحيث يقرأه الكثير من مرتادي الشبكة، لأنه ينشر في كم هائل من المواقع التي تستفيد من تلك الخدمة، وهذه الجريمة (الكذب؛ وتعميم نشره) هي التي جعلتني أنشط للرّد على هذه الفضيحة الأخلاقية والمهنية التي يشترك فيها المراسلون مدفوعي الأجر، والإدارة الأمريكية التي تستفيد من تقاريرهم المغلوطة..

والخلاصة هي أن الإدارة الأمريكية تعتمد على مجموعة من الأخبار المكذوبة في تقاريرها وخلاصاتها التي بها توجه سياساتها الخارجية التي تحمل الدول عليها، فهل سيرضخ المغرب لتوجيهات وخلاصات التقارير الأمريكية المبنية على معلومات محرفة في سياسته الداخلية؟؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- موقع ويكيبيديا.

2- تحت عنوان "جريدة الصباح والكذب الصراح"، وهذا هو الرابط: http://www.youtube.com/watch?v=-N1-bbFeAas

3- الأمر نفسه بالنسبة لجريدة "أخبار اليوم المغربية" في خبرها المعنون بـ: "سلفي يقتل يهوديا بحي الملاح بفاس"، وهو ادعاء مكذوب، لأن القاتل هو شاب مختل عقليا وحليق ومهووس بزيارة الأضرحة؛ كما جاء في تصريح والده، وهو ما ينافي كونه سلفيا أو إسلاميا أو حتى عاقلا.. (انظر مقطع "هل قتل سلفي يهوديا فعلا كما ادعت أخبار اليوم؟" على اليوتيوب http://www.youtube.com/watch?v=Z3vYVEU0-rs&feature=plcp).

4- تقرير مركز "راند" الصادر سنة 2007م.

 

أعلى