نهاية الأسبوع الماضي أفاد تصريح صحفي صدر عن
مجلس الأمن القومي الأمريكي أن السفير السعودي في أمريكا "عادل الجبير"
كان هدفاً لمحاولة اغتيال ينفذها عناصر تلقوا أموال من الحرس الثوري الإيراني
قدموا من المكسيك. و استغل الحدث حيزاً كبيراً في وسائل الإعلام الغربي، واعتبره
البعض جرماً إيرانياً يستحق العقاب لأنه ينبأ بأن إيران تخطط لإثارة حرب في
المنطقة من أجل إنقاذ موقف الرئيس السوري "بشار الأسد" في ظل ثورة عارمة
تطالب بإسقاطه وإسقاط نظامه المعروف بولائه لإيران.
وعلى إثر ذلك اعتبر النائب عن حزب الله في
البرلمان اللبناني "حسن حب الله"
سوريا الحصن الحصين للمقاومة ومواجهة الإمبريالية على حد وصفه، مؤكداً بأن حزب
الله لن يقف مكتوف الأيدي إذا ما تعرضت سوريا
لمكروه وفي تلك الحالة ستكون كل الاحتمالات مفتوحة.
وبحسب تصريحاته التي نشرتها وكالة أنباء
فارس فأكد أن ما يحدث بسوريا سوف تؤثر تداعياته علي المنطقة بأسرها وبالتالي
لا يمكن لحزب الله أن يلتزم الصمت حيال هذه الهجمة العالمية التي تنوي النيل من محور
(المقاومة) في المنطقة.
تحركات عسكرية
ولم يتوقف التحرك الإيراني عند حد التصريحات
الإعلامية فقد حرك الجيش الإيراني أسطوله الحربي 16 المكون من بارجة "جماران"
الحربية برفقة بارجة "بندرعباس" اللوجستية إلى مضيق باب المندب والمياه الدولية
في البحر الأحمر تحت ذريعة حفظ أمن الممرات المائية في خليج.
و أكد الأدميرال "محمود موسوي" نائب
العمليات البحرية في الجيش الإيراني أن البحر الأحمر يقع خلف خليج عدن ووفقا لخطة عمل
الأسطول 16 ستصل البارجتين إلى المياه الدولية للبحر الأحمر بعد اجتيازهما مضيق باب
المندب.
وواصلت إيران تهديداتها لمنطقة الخليج العربي
حيث صرح عضو اللجنة البرلمانية لشؤون الأمن
القومي والسياسة الخارجية "محمد كريم عابدي"، إن بإمكان إيران احتلال السعودية
بكل يسر، لو أرادت ذلك.
ونقلت تصريحات عن عضو مجلس خبراء القيادة "آية
الله عباس الكعبي" قوله بأن موسم الحج هذا العام سيشهد مظاهرات واسعة جداً لإعلان
ما سماه البراءة من المشركين والتضامن مع الثورات العربية.
وأضاف "عابدي": "السؤال الذي أتوجه
به هو: هل يرى أن لديهم قدرة الرد على إيران؟ ألا يعرف أن في وسع إيران، متى ما عزمت،
أن تسلب الأمن في السعودية؟". وأضاف: "يجب على المسؤولين السعوديين تحمل
ضريبة الاتهامات التي ساقوها ضد إيران".
وشدد النائب الأصولي على "أن القوات العسكرية
الإيرانية قادرة، في حال عزمت طهران على اتخاذ أي خطوة ضد السعودية، على احتلال أراضي
المملكة بكل يسر".
ومن جانبه أعلن وزير الخارجية الإيراني "علي
أكبر صالحي" الاثنين أن إيران "مستعدة للنظر" في الاتهامات الأميركية
حول تورط طهران في مخطط لقتل السفير السعودي في واشنطن.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن "صالحي"
قوله "نحن مستعدون للنظر في القضية بهدوء ولو أنها أثيرت بشكل مصطنع ونحن طلبنا
من الولايات المتحدة أن تعطينا المعلومات الضرورية".
ووجهت إيران رسالة إلى السلطات الأميركية من خلال
السفارة السويسرية في طهران طلبت فيها معلومات حول إيراني أميركي موقوف في الولايات
المتحدة بعد اتهامه بمحاولة تنفيذ المخطط. كما طلبت إذناً لزيارة قنصلية للمشتبه به.
تحذيرات سعودية
لم تكتفِ المملكة العربية السعودية بالوقوف
موقف المتفرج إزاء التصريحات الإيرانية التي تنبأ بوجود نوايا لإثارة شغب خلال
موسم الحج في هذا العام وصرح الأمير "خالد الفيصل"، أمير منطقة مكة المكرمة،
أن المملكة ستطبق أنظمة وإجراءات صارمة لمنع الحجاج من أي أمر يخل بأمن الحج، مشدداً
على ما قاله الأمير "نايف"، النائب الثاني لرئيس المجلس الوزراء وزير الداخلية،
بأن من أهم مسؤوليات المملكة العربية السعودية الحفاظ على راحة الحجاج وسكينتهم وأمنهم،
وأن المملكة لن تسمح بأي حادث يعكر صفو الحج، أو يكدر خواطر الحجاج.
وحذر الأمير "خالد" في مؤتمر بجدة من
أن السعودية لن تقبل بأي عبث أو شغب أو فوضى في موسم الحج أو في غيره، وستطبق العقوبات
على المخالفين.
وكان وزير الخارجية السعودي الأمير "سعود
الفيصل" قد صرح في تصريحات أعقبت الإعلان عن محاولة عناصر مخابراتية إيرانية
بالتعاون مع عصابة مكسيكية اغتيال السفير السعودي في واشنطن " بأن إيران
ستدفع الثمن على هذه الخطوة".
وحذر
أثناء تواجده في النمسا إيران من القيام بأي إجراء تتخذه ضد المملكة.وتابع قائلاً
إن أي إجراء تتخذه طهران سيقابله رد فعل محسوب من السعودية.
وقال إن الهدف واضح تماماً وهو أن إيران تريد إفساد
العلاقات الطيبة وزعزعة استقرار العلاقات الدولية. وأضاف أن السعودية لم تكن تعتقد
أبداً أن إيران يمكن أن تتخذ خطوة كهذه وتخطط لهجوم كهذا.
وانبرى حزب الله اللبناني للدفاع عن إيران في
ظل المأزق التي أوقعت نفسها فيه، ووصف نائب الأمين العام لحزب الله "نعيم قاسم"،أن
(محاولة اغتيال السفير السعودي) غير صحيحة، وذكر أن الهدف من ذلك تشويه صورة إيران.
وقال :" إن إيران الدولة هي اليوم أقوى مما
كانت عليه عند نشأتها وأقوى في حضورها وقوتها والصحوة الإسلامية أقوى وأصلب، وأنه مع
تحقيق النجاحات سنواجه تحديات أصعب وأكبر'.
ولا يمكن تفسير ما يحدث إلا في سياق وحيد هو
أن إيران التي تعيش مأزق بسبب الضغوط التي تتعرض لها بسبب الملف النووي، وكذلك
اقترابها من فقدان حليفها الوحيد في الشرق الأوسط بعد حزب الله وهو النظام السوري
الذي تعتبره حلقة الوصل مع العالم الإسلامي، والضغوط الداخلية التي تتعرض لها
وخصوصاً بعد تصريحات "علي خامنئي" مرشد الجمهورية بأنه يمكن إلغاء
الانتخابات المباشرة لرئيس الجمهورية وذلك في تهديد واضح للرئيس الإيراني "أحمدي
نجاد"، فيمكن من خلال هذه الضغوط نستنتج أنها تريد اندلاع حرب تعيد من خلالها
ترتيب صفها الداخلي، و تسمح لحليفها حزب الله بالتدخل بشكل مباشر في الملف السوري
وخصوصا إذا تعرض النظام السوري إلى تدخل عسكري دولي لوقف الجرائم الذي يرتكبها بحق
شعبه منذ عدة شهور لقمع المطالبين بالحرية.