• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
تأمُّلات بـ

تأمُّلات بـ"فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ"


لقد امتاز الإسلام العظيم بأنهُ دين الرحمة، وهذه الرحمة شاملة لكل شيء وتتجلى من صورها في تعاليم أحكام الشريعة الإسلامية في ذبح الأضحية، وكل ما يحل ذبحة من الطير والحيوانات التي تُعتبر من طيبات الأكل التي أحل الله تعالى أكلها للمسلم.

وعند التأمل بالحديث الشريف عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ"، ستجد فيه الكثير من القواعد التي تنظم عملية الذبح وفق الشريعة الإسلامية.

وفي قوله (عليه الصلاة والسلام):" إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ" أي أن الإحسان الذي أوجبه الله تعالى ليس خاصاً بشيء معين من الحياة؛ بل هو في جميع الحياة، وهذا فيه تأكيد على رحمة الله عزوجل التي وسعت كل شيء.

ويعرف الإحسان في اللغة بأنه ضد الإساءة، وهي مصدر أحسن، حيث قال تعالى:﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾[الرحمن:60]، أي: ما جزاء من أحسن في الدنيا إلا أن يحسن إليه في الآخرة.

وفي النظر لـ" فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ"، و"وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ" فالفرق بينهما أن الأولى أن القتل لا يجعل من الشيء المقتول حلالًا وممكن توضيح المسألة أن هنالك أفعى سامة ستؤذي الإنسان وتقتله إذا تركها فيعمل على قتلها فبهذا القتل لا يجعل أكلها حلالًا ورغم أنها غير مأكولة ومع ذلك يجب الإحسان بالقتل وهذا من رحمة الإسلام العظيم.

بينما ذكر الذبح مع الحيوانات والطيور التي أكلها حلال، وبالتالي فإنه أمر الإحسان في عملية ذبح الأضحية وكل الذبائح التي يحل أكله.

وعند عملية الذبح حتى يتحقق الإحسان فيجب على المسلم قبل الذبح أن يحد الشفرة، ويقصد بذلك السكين بحيث يتم حدُّها من خلال حكها بالمبرد أو بالحجر أو بأشياء أخر يتحقق منها بأن تكون حادة حتى تكون قوية القطع يحصل بها الذبح بسرعة.

وحينما تكون السكين حادة ويتم الذبح بها بسرعة فإن في ذلك رحمة للحيوان أو الطير المأكول، وبالتالي يتحقق بذلك إراحة الدابة وعدم تعذيبها نظرًا لأن عدم جعل السكين حادة فإن ذلك يجعل ذبح الذبيحة فيه تعذيب لها بحيث تأخذ فترة زمنية طويلة يحدث بها ألم للذبيحة.

ويستحب أن لا يحد السكين بحضرة الذبيحة وأن لا يذبح واحدة بحضرة أخرى والترفق بالبهيمة، فلا يضرب بها الأرض، ولا تجر برجلها إلى المذبح؛ لأنه إلحاق زيادة ألم بها من غير حاجة إليها في التذكية أي الذبح.

رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي بالعفو والمغفرة﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف:21].

المصادر:

* المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المشهور بصحيح مسلم، لمسلم بن الحجاج النيسابوري.

* شرح الأربعين النووية لمحمد العثيمين.

*الفقه الإسلامي وأدلته لوهبة الزحيلي.

*لسان العرب محمد بن مكرم المشهور بابن منظور.

 

أعلى