• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
هل يجوز الجمع بين نية العقيقة والأضحية؟

والضابط في مسألة إشراك النية بين عبادتين أي "أن كل عبادتين يحصل مقصود إحداهما بالأخرى ضمنًا يجوز التشريك بينهما".


الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وبعد،،

يتبادر في أذهان البعض السؤال "هل يجوز للمسلم أن يذبح ذبيحة واحدة وأن يشرك فيها بين نية العقيقة الأضحية؟"، وقبل الإجابة على ذلك لابد من تعريف كلا من العقيقة والأضحية ومعرفة المقصد منهما.

وتُعرف العقيقة بأنها: الذبيحة التي تُذبح عن المولود، يوم أسبوعه، وروت عائشة أن النبي صلّى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين، وقال: "قولوا: بسم الله، اللهم لك وإليك عقيقة فلان".

ودليل مشروعيته أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَمَّى"، وَفِي حَدِيثِ أُمِّ كُرْزٍ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْعَقِيقَةِ ":"عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُتَكَافِئَتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ لَا تَضَرُّكُمْ ذُكْرَانًا كُنَّ أَمْ إِنَاثًا".

وهنالك من عرف العقيقة شرعًا بأنها ما يذبح للمولود عند حلق شعره، وسميت هذه الذبيحة بهذا الاسم، لأنها تقطع مذابحها وتشق، حين الحلق. ويستحبّ تسمية العقيقة نسيكة، أو ذبيحة، وحكمها سُنّة مؤكدة، يطالب وليّ المولود الذي ينفق عليه، ويدخل وقت جواز ذبح العقيقة لدى فقهاء الشافعية (رضوان الله عليهم) بانفصال جميع المولود من بطن أمه، فلو ذبحت قبل تمام خروجه، لا تحسب عقيقة، بل تكون لحماً، ليس له حكم سنّة العقيقة، ويستمر وقت استحبابها إلى البلوغ، ثم بعد البلوغ يسقط الطلب عن نحو الأب، والأحسن عندئذٍ أن يعقَّ عن نفسه تداركاً لما فات، لكن يسنّ أن يعقّ عن المولود في اليوم السابع من ولادته.

وتتمثل حكمة العقيقة بشكر نعمة الله تعالى برزق الولد(ذكر أو أنثى)، وتنمية فضيلة الجود والسخاء وتطييب قلوب الأهل والأقارب والأصدقاء بجمعهم على الطعام، فتشيع المحبة والمودة والألفة، والتلطف بإشاعة نسب الولد ونشره، إذ لابدّ من نشر ذلك وإشاعته، لئلا يقال فيه ما لا يحب، فكانت العقيقة أحسن وسيلة لذلك.

أما الأضحية فتُعرف شرعًا بأنها ما يذبح من النعم تقربًا إلى الله تعالى من يوم العيد إلى آخر أيام التشريق.

ودليل مشروعيتها قوله عزوجل في كتابه العزيز: }وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ{[الحج:36]، وقوله تعالى: }فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ{ [الكوثر:2]، وغيرهما من النصوص.

وحكمها سنة مؤكدة على الراجح، والحكمة من مشروعيتها كما قال أهل العلم: بأنها شرعت لحكم كثيرة منها: شكر الله سبحانه وتعالى على نعمه المتعددة فالله سبحانه وتعالى قد أنعم على الإنسان بنعمٍ كثيرةٍ لا تُعَدُ ولا تُحصى كنعمة البقاء من عام لعام، ونعمة الإيمان ونعمة السمع والبصر والمال؛ فهذه النعم وغيرها تستوجب الشكر للمنعم سبحانه وتعالى، والأضحية صورةٌ من صور الشكر لله سبحانه وتعالى، فيتقرب العبد إلى ربه بإراقة دم الأضحية امتثالاً لأمر الله سبحانه.

وفيها إحياءً لسنة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، حينما رأى في المنام أنه يذبح ولده إسماعيل، ورؤيا الأنبياء حق وصدق.

وإن ذبح الأضحية وسيلة للتوسعة على النفس وأهل البيت وإكرام الجيران والأقارب والأصدقاء والتصدق على الفقراء، وقد مضت السنة منذ عهد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في التوسعة على الأهل وإكرام الجيران والتصدق على الفقراء يوم الأضحى، وعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسْكِ فِي شَيْءٍ".

وبعد ما تبين مفهوم العقيقة والأضحية والمقصد من عبادة كل واحد منهما يجعل الإجابة على سؤال "هل يجوز للمسلم أن يذبح ذبيحة واحدة وأن يشرك فيها بين نية العقيقة ونية الأضحية؟".

والضابط في مسألة إشراك النية بين عبادتين أي "أن كل عبادتين يحصل مقصود إحداهما بالأخرى ضمنًا يجوز التشريك بينهما".

اختلف العلماء بالمسألة والراجح على حسب قول أكثر العلماء أنه لا يجوز التشريك بين العقيقة والأضحية، نظرًا أن مقاصد العقيقة تختلف عن مقاصد الأضحية، وبالتالي لا يحصل مقصود أحدهما بالأخرى ضمنًا.

وهنالك من العلماء من قال بجواز التشريك حيث يرون أن مقاصد العقيقة تتلاقى ضمنًا مع مقاصد الأضحية.

وبالتالي ممكن التوجه للقول المعاصر أن من كان له السعة أي المسلم الغني الذي لديه المقدرة حيث وسع الله تعالى عليه بالرزق فلا يجوز له تشريك بين نية العقيقة ونية الأضحية في الذبيحة الواحدة. وأما المسلم الفقير فله أن يشرك بين نية العقيقة ونية الأضحية في الذبيحة الواحدة(والله أعلى وأعلم).  

المصادر:

*مغني المحتاج في معرفة ألفاظ المنهاج للخطيب الشربيني.

*الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وسننه وأيامه (صحيح البخاري) لمحمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري.

*الفقه الإسلامي وأدلته لوهبة الزحيلي.

*الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي لمصطفى الخن وأخرون.

*السنن الصغيرة لأحمد الخراساني المشهور بالبيهقي.

*المفصل في أحكام الأضحية لحسام الدين عفانة.

*فتوى الدكتور تيسير إبراهيم عميد كلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية غزة.

 

 

 

أعلى