• - الموافق2024/11/05م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
ترامب أم هاريس.. ما تقوله استطلاعات الرأي الأخيرة

ترسم استطلاعات الرأي صورة ذات معالمة واضحة لاختيارات الناخبين وشعبية كل مرشح والشرائح العرقية والعمرية التي تدعمه والأخرى التي تدعم خصمه، لذلك فوظيفتها أكبر من معرفة الداخل الجديد للبيت الأبيض.


على مدار شهور من التنافس الشديد عبر إقامة المؤتمرات وعقد المناظرات أمام الجماهير، تضع حملات الانتخابات الأمريكية أوزارها أخيرًا، لتشتعل المعركة الحقيقية في صناديق الاقتراع، التي ستفرز إما عن رئيس جمهوري للأمريكيين وهو المليادير "ترامب" صاحب (78 عامًا)، أو أول رئيسة امرأة للولايات المتحدة الأمريكية وهي الديمقراطية "كامالا هاريس" صاحبة (60 عامًا)، وهو الحدث الأبرز الذي تتجه الأنظار إليه من الشرق الغرب في آن واحد، ولمحاولة معرفة اسم القادم الجديد للبيت الأبيض عادة ما يتم الاستعانة باستطلاعات الرأي التي تعطي مؤشرات حول ما يفضله ويميل إليه الناخب الأمريكي، ولذلك سيكون لنا وقفة متأنية وعميقة مع استطلاعات الرأي الأمريكية الأخيرة؛ لفهم طبيعة هذا التنافس المحتدم على منصب الرئيس يوم "الثلاثاء المرتقب".

دوافع الناخب الأمريكي للاختيار

معايير اختيار الناخب الأمريكي لأحد مرشحي الرئاسة، تختلف في كل انتخابات عن سابقاتها، وإن كان يجمعها الاهتمام الأكبر بالقضايا الداخلية، على حساب السياسات الخارجية التي يتبناها كل مرشح للرئاسة، ويحتل الاقتصاد أولوية الناخبين الأمريكيين وفق استطلاعات الرأي التي جرت مؤخرًا، وذكر استطلاع أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" وكلية "سيينا"، أن 28% من الناخبين المحتملين يعتبرون الاقتصاد القضية الأكثر أهمية لتصويتهم، وهي النسبة الأعلى بين جميع القضايا.

وأظهر استطلاع رأي آخر أجرته وكالة "أسوشييتد برس" ومركز "نورك" لأبحاث الشؤون العامة، أن الناخبين المسجلين منقسمون تقريبًا بشأن المرشح الذي سيتعامل بشكل أفضل مع مجالات مختلفة من الاقتصاد مثل الوظائف والبطالة.

 

 حسب وصف صحيفة واشنطن بوست الأمريكية فإنه استطلاعات الرأي تشير بشكل عام إلى سباق متقارب بشكل لا يُصدق بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس

واقع الاقتصاد والتضخم

في فترة ولاية الرئيس "جو بايدن"، سجلت الولايات المتحدة خلال يونيو 2022، أعلى نسبة تضخم منذ 41 عامًا، وبالتحديد منذ أكتوبر 1980، عند مستوى 9.1%، وخلال ولايته كذلك رفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة على الأموال الاتحادية إلى أعلى مستوى منذ 23 عامًا، عند نطاق 5.25 - 5.5%، وهو ما قاد إلى ارتفاع لافت في تكاليف الإقراض.

وشهدت أيضًا أسعار غالون السولار "الديزل" في الولايات المتحدة أعلى مستوى لها على الإطلاق، عند 5.5 دولار خلال 2022، كإحدى تبعات الحرب الروسية الأوكرانية.

وكشف إحصاء قامت به منصة STATISTA للمسوح البحثية والإحصاءات ومقرها ألمانيا، أن القضايا الاقتصادية والمعيشية، هي ما يتصدر اهتمامات الناخب الأمريكي هذا العام، مقارنة مع انتخابات 2019-2020.

ويرى 52% من المستطلعة آراؤهم أن التضخم وكلفة المعيشة تمثل أكثر القضايا أولوية للناخب في دورة هذه الانتخابات، مقارنة مع 39% في الانتخابات الأخيرة.

وهو أمر من الممكن أن تدفع ثمنه كامالا هاريس في ظل وعود ترامب بخفض الأسعار خاصة أسعار المحروقات.

التقارب النسبي سيد الموقف

حسب وصف صحيفة واشنطن بوست الأمريكية فإنه استطلاعات الرأي تشير بشكل عام إلى سباق متقارب بشكل لا يُصدق بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.

ففي استطلاع رأي أجرته كلية إيمرسون (يومي 23-24 أكتوبر) ونُشر يوم السبت الماضي، تعادل المرشحان بنسبة 49%، بعد أن كانت هاريس متقدمة بنسبة 49% مقابل 48% قبل أسبوع واحد (هامش الخطأ في الاستطلاع 3 نقاط)، وهذه هي المرة الأولى في استطلاع إيمرسون الأسبوعي التي لا تتمتع فيها هاريس بتقدم منذ أغسطس الماضي.

وفي استطلاع تايمز/سيينا الذي نُشر يوم الجمعة الماضي، وصل ترامب وهاريس إلى طريق مسدود بالتعادل بنسبة 48% بين الناخبين المحتملين (هامش الخطأ 2.2 نقطة)، وهي نتائج غير مشجعة بالطبع لنائبة الرئيس، حيث فاز الديمقراطيون بالتصويت الشعبي في الانتخابات الأخيرة حتى عندما خسروا البيت الأبيض، ويمثل هذا الاستطلاع انخفاضًا في دعم هاريس منذ استطلاع تايمز السابق في أوائل أكتوبر الماضي، والذي أظهر أنها متقدمة بنسبة 49% لصالحها مقابل 46% لصالح ترامب.

تعادل كذلك المرشحان بنسبة 47% في استطلاع CNN/SSRS الذي نُشر يوم الجمعة الماضي (بهامش خطأ 3.1 نقطة)، وهو ما يمثل أيضًا اتجاهًا هبوطيًا لهاريس، التي تقدمت على ترامب بنسبة (48% مقابل 47%) في استطلاع سبتمبر الماضي الذي أجرته المجموعتان.

 

 تتركز أغلب مشاهد "الدراما" في الانتخابات الأمريكية بشكل عام في 7 ولايات تعرف بـ"الولايات المتأرجحة" وهي (أريزونا، وجورجيا، وميشيغان، ونيفادا وكارولينا الشمالية، وبنسلفانيا، وويسكونسن).

استطلاع الرأي الأخير

مع دخول الحملة الانتخابية في أمريكا ساعات الحسم الأخيرة، يتواصل التشويق والتقارب في نتائج استطلاعات الرأي بين المرشحين الجمهوري ترامب والديمقراطية هاريس.

ووفقا لأحدث استطلاعات رأي "رويترز/إبسوس"، تقدمت هاريس بنقطة مئوية واحدة فقط على الجمهوريين بنسبة 44% لصالحها، مقابل 43% لصالح ترامب، على الصعيد الوطني في عموم البلاد، مع الأخذ في الاعتبار أن هامش الخطأ في هذه الاستطلاعات يصل إلى نحو 3 نقاط مئوية في أي اتجاه.

ووفق صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فإن متوسط الاستطلاعات على المستوى الوطني حتى يوم الأربعاء الماضي، تظهر أيضًا تقدم هاريس بنقطة واحدة فقط على ترامب.

ورقة الولايات المتأرجحة

تتركز أغلب مشاهد "الدراما" في الانتخابات الأمريكية بشكل عام في 7 ولايات تعرف بـ"الولايات المتأرجحة" وهي (أريزونا، وجورجيا، وميشيغان، ونيفادا وكارولينا الشمالية، وبنسلفانيا، وويسكونسن).

ففي الوقت الذي يتمتع كل حزب سياسي أمريكي رئيسي بعدد من الولايات التي يعول على الفوز بها، هناك ولايات متقاربة النتائج، يصعب التنبؤ بمن يفوز فيها، ولم ترجح استطلاعات الرأي كفة أي من المرشحين بشكل حاسم في الولايات السبع المتأرجحة حتى الآن. تعرف بالولايات المتأرجحة.

ولذلك يسعى كل مرشح إلى تحديد الفئات المجتمعية في الولايات المتأرجحة، التي يتوجب عليه التركيز على استمالة أصواتها، للفوز بالانتخابات والوصول إلى البيت الأبيض.

وتعتقد حملة هاريس أن جمهورها من الناخبين المتأرجحين الذين يمكن الفوز بهم يصل إلى 10% من الناخبين في الولايات المتأرجحة، وهو عدد أكبر قليلًا مما تراه حملة ترامب لنفسها، وتعول حملة هاريس كثيرًا على النساء الجمهوريات اللواتي يُعتقد أنهن يكرهن ترامب، خاصة بسبب سياساته المتعلقة بالإجهاض.

أما حملة ترامب فتركز على الناخبين السود، بعد أن أشارت أبحاثها بحسب صحيفة نيويورك تايمز إلى أن 25% من الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم هم من السود.

ومن هذا المنطلق يركز كل من ترامب وهاريس جهودهما مع نهاية السباق على هذه الولايات لانتزاع الفوز، خاصة في ظل انتخابات متقاربة للغاية، قد تُحسم نتيجتها بفارق بضعة آلاف من الأصوات.

التصويت العرقي

في المجمل عند النظر في نتائج استطلاع بحسب العرق، يظهر أن ترامب يحتفظ بشعبية قوية بين الناخبين البيض، حيث يتقدم بنسبة 50% مقارنة بـ40% لهاريس، ويتجلى هذا الدعم بشكل خاص بين الرجال البيض، حيث بلغت نسبة تأييد ترامب 54% مقابل 36% لهاريس، أما في صفوف النساء البيض، فقد تقاربت النسب بواقع 46% لترامب و44% لهاريس.

بينما تظهر نتئج استطلاع العرق أيضًا تفوق هاريس بشكل ملحوظ بين الناخبين السود، حيث حصلت على نسبة تأييد من الراجل السود فقط بواقع63% مقابل 19% لترامب، والنساء السوداوات يعطين نسبة تأييد عالية لهاريس بواقع 73% مقابل 7% فقط لترامب.

ويبرز استطلاع الرأي الفروقات الواضحة في التوجهات الانتخابية بين الجماعات العرقية المختلفة، حيث يميل الناخبون البيض لدعم ترامب، في حين تظهر هاريس كخيار مفضل لدى الأقليات العرقية، خاصةً بين الناخبين السود واللاتينيين.

"ولاية العرب" الحاسمة

يشكل الأمريكيون العرب كتلة تصويتية مهمة في ولاية ميشيغان، ولذا حاول كلا المرشحين استمالة هذه الكتلة المهمة، ويقدر عددهم بنحو 392 ألفًا، وفي الولايات المتحدة عمومًا، يُقدر عدد المنحدرين من أصول عربية بنحو 3.7 ملايين نسمة من إجمالي عدد السكان البالغ 337 مليونًا، وفق بيانات المعهد العربي الأمريكي.

وقد تباينت آراء العرب الأمريكيين المشاركين في قمة العرب الأمريكيين التي تم تنظيمها مؤخرا في ولاية ميتشغان الأمريكية، حيث أعرب العديد منهم عن رفضهم التصويت لصالح أي من المرشحين الرئيسيين في الانتخابات، دونالد ترامب أو كامالا هاريس، وقد شارك في القمة، المئات من العرب الأمريكيين، من 26 ولاية، بينهم نحو 50 من قادة المنظمات والمؤسسات العربية في الولايات المتحدة.

وأجمع المشاركون أن أصواتهم في هذه الانتخابات تأثرت كثيرًا بالحرب الإسرائيلية على غزة، التي لا تزال مستمرة منذ أكثر من عام بدعم غير مشروط لإسرائيل من إدارة الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس.

موقف مسلمي أمريكا

أعلن مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، المنظمة المختصة بالدفاع عن الحقوق المدنية والدفاع عن المسلمين في الولايات المتحدة، أن نتائج أحدث استطلاع لتفضيلات الناخبين المسلمين في الانتخابات الرئاسية لعام 2024 تظهر أن 42% يفضلون مرشحة الحزب الأخضر "جيل شتاين" للرئاسة بينما يفضل 41% نائبة الرئيس "كامالا هاريس".

كما أظهر استطلاع الرأي الذي تم على 1449 ناخبًا مسلمًا تم التحقق من هويتهم، وأُجري في المدة من 30 إلى 31 أكتوبر الماضي، باستخدام ملف الناخبين الوطني أن 10% فقط يؤيدون الرئيس السابق دونالد ترامب، وهو الدعم نفسه الذي حصل عليه في استطلاع أغسطس الماضي بنسبة 11%.

ويؤكد الاستطلاع أيضًا بوضوح أن معارضة دعم الولايات المتحدة للحرب على غزة لا تزال تلعب دورًا رئيسيًا في التأثير على تفضيلات الناخبين المسلمين في هذه الانتخابات.

أصوات جيل زد

في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024، سيكون حوالي 41 مليون شاب من جيل زد مؤهلين للتصويت في الولايات المتحدة، ويشمل ذلك حوالي 8 ملايين ناخب جديد بلغوا سن التصويت منذ آخر انتخابات نصفية في 2022، ولهذا يدرك كلا المرشحين أهمية هذه الفئة بالنسبة لهما في هذه الانتخابات.

يعترف ترامب بضرورة التواصل مع جيل زد، الذي نشأ وسط التكنولوجيا والإنترنت، ولذلك استعان الرئيس السابق بأصغر أبنائه "بارون" البالغ من العمر 18 عامًا ومنشئ المحتوى المحافظ بو لودون، للمساعدة في "الوصول إلى جمهور ربما لا يتم التعرف عليه"، حسب ما قاله لودون للمذيع بيرس مورغان.

كما استعان ترامب كذلك بـ "تشارلي كيرك" الناشط السياسي الذي يتمتع بقاعدة جماهيرية كبيرة على منصة تيك توك، ودائما ما يروج للأفكار الجمهورية بين الشباب.

أما كامالا هاريس فاستعانت ب "نوبيا باستيا"، وهي مؤثرة وناشطة من شيكاغو، تعمل على توصيل الرسائل السياسية لحملات هاريس، حيث تركز على أهمية المعلومات الصحيحة والموثوقة من خلال مؤثرين معروفين.

كما استعانت هاريس بمؤثرين آخرين مثل "فيديا" صاحبة حساب كوين سيتي ترندز، التي يتابعها 3.5 ملايين متابع على تيك توك، وشاركت مؤخرًا مقطع فيديو يعبر عن دعمها لهاريس.

كلمة أخيرة

تستعد الولايات المتحدة الأمريكية لخوض انتخابات رئاسية في الخامس من نوفمبر لاختيار الرئيس السابع والأربعين، حيث تتجه الأنظار إلى التنافس الشرس بين المعسكرين الجمهوري والديمقراطي، ومع اقتراب موعد التصويت تشهد الساحة الانتخابية استقطابًا واسعًا وسط حدة المنافسة بين المرشحين وتعمق الفجوة السياسية بين الناخبين، مما ينعكس على توجهاتهم في استطلاعات الرأي، ويجعل من توقع النتائج النهائية أمرًا صعبًا في ظل التغيرات المستمرة، ولكن الأهم في هذا المشهد برمته يكمن في نهج الرئيس القادم للتعامل مع المتغيرات الاستراتيجية خاصة في ظل أحداث مشتعلة بالشرق الأوسط، ولذلك ينتظر الجميع اسم الرئيس القادم الذي سيفرز عنه اختيار الشعب الأمريكي ليحدد ملامح وهوية المستقبل الذي ينتظر المنطقة.

أعلى