تقسيم المقسَّم!
الحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على خاتم المرسلين.. وبعد:
فقد مضى أكثر من عام على انفصال جنوب السودان الذي
مرَّ في العالم العربي وكأنَّ شيئاً لم يكن، وسياق المفاوضات الجارية على ولايتي
جنوب كردفان والنيل الأزرق ربما يقود إلى النتيجة نفسها!
أصوات الإخوة في جنوب اليمن ترتفع بقوة للمطالبة
بالانفصال عن الشمال!
أقباط المهجر يدعون بكل رعونة إلى تقسيم مصر،
ويتخذون إجراءات عملية لتنفيذ مشروعهم الانفصالي!
النزعات الانفصالية في العراق وليبيا وسورية
والصحراء المغربية والخليج تصَّاعد يوماً بعد يوم!
إذاً نحن نستشرف مرحلة جديدة لا تقل خطورة عن
اتفاقية سايكس – بيكو الاستعمارية التي مزَّقت الأمة وفرَّقت كلمتها، وتذكي هذه
المرحلة مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية، منها:
أولاً: المكر الكبّار الذي
يمارسه الغرب بهيمنته وسطوته السياسية والعسكرية، مستغلاً ما يسمى حقوق الأقليات
المذهبية والعرقية، وحق تقرير المصير.
ثانياً: الصفويون الذين يستثمرون الأحداث لتمزيق السنة وتفريق كلمتهم واختراق
صفوفهم، ويحدث هذا في العراق وسورية وجنوب اليمن والخليج.
ثالثاً: النزعات العرقية والقبلية التي تستثير الدعوات الجاهلية العنصرية.
رابعاً: الأهواء الحزبية
والتطلعات الشخصية لبعض المسكونين بأهواء الزعامة!
ولخطورة هذه المرحلة رأت مجلة (البيان) أن تستصرخ المسلمين وتذكّرهم بأمر الله تعالى لهم بالوحدة والاجتماع، قال
الله – عز وجل
-: {وَإنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا
رَبُّكُمْ فَاتَّقُون} [المؤمنون: 52]، ولهذا جاء
هذا العدد في مطلع العام الهجري الجديد لاستثارة هذه القضية، فلا سبيل لمواجهة
دعوات التقسيم والتفكيك إلا بتأكيد الآصرة الجامعة في هذه الأمة، {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ
اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]، وندعو العلماء والخطباء والدعاة إلى تحويل هذه الآصرة إلى برنامج عمل
يؤلِّف القلوب ويجمع الصفوف.. نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجمع كلمة المسلمين على
الطاعات، ويعيذهم من الفرقة والاختلاف.