استشراف آفاق الصراع في سورية
المنظور والإطار:
المستشرف الناجح يعالج الواقع ومستقبله من منظور العقل والنقل في إطار الكتاب
والسنة، والمستشرف الفاشل يعالج الواقع ومستقبله من منظور الهوى والأماني في إطار
رغبات البشر ومبادئهم الأرضية.
احتمالات نتائج الصراع:
الأول: أن ينتصر النظام
الحاكم ويُخمد حركة المعارضة.
الثاني: أن تنتصر
المعارضة ويسقط النظام الحاكم.
الثالث: أن يستمر الصراع
لفترة طويلة.
عوامل القوة لدى
المتصارعين:
أولاً: النظام الحاكم:
عوامل القوة لدى النظام الحاكم: الداخلية:
1 - القوة الأمنية، وتضم
الجيش والمخابرات والشبيحة وقوة أمنية داعمة كالشرطة والميليشيات العلوية.
2 - القوى الحزبية، وتضم
المنتسبين لحزب البعث.
3 - دعم أبناء الطائفة
النصيرية (العلوية) للنظام.
4 - سيطرته على الإعلام
المسموع والمرئي.
الخارجية:
1 - الدعم السياسي المعلن
والمفتوح من كل من روسيا والصين ومن في فلكهما.
2 - الدعم السياسي المبطن
من قبل كل من الولايات المتحدة وحلف الناتو ودولة الكيان اليهودي الحريصة جداً على
بقاء واستمرار النظام وعدم استبداله إلا إذا كان البديل أنفع لها كتقسيم سورية إلى
دويلات طائفية.
3 - الدعم السياسي من قبل
جامعة الدول العربية.
4 - الدعم المادي
والعسكري من قبل إيران (عتاداً ورجالاً وأموالاً) ومن قبل روسيا والصين، والدعم
الذي يقدمه حزب الله اللبناني، وخاصة بالرجال.
5 - وقوف جميع شيعة
العالم مع النظام الحاكم ودعمه مادياً ومعنوياً وسياسياً.
عوامل الضعف في النظام
الحاكم:
يمكن إجمالها بما يلي:
1 - عدم سيطرته الكاملة
على قواه الأمنية، حيث لا يزال المنشقون عنها يكثرون يومياً.
2 - التململ في البنية
التحتية للنظام، حيث إن أكثرها يريد الانفكاك عن الحزب لكنه يخشى البطش الأمني.
3 - بدء الانشقاقات
الداخلية في الطائفة النصيرية، وقد أصبح واضحاً ازدياد عزلة عائلة الأسد في
الطائفة.
4 - بدء انفكاك كثير من
المستفيدين من النظام الحاكم عنه حفاظاً على مستقبلهم بعد سقوطه.
5 - انكماش الموارد
الاقتصادية الداخلية.
6 - العبء الثقيل
إنسانياً واقتصادياً، معنوياً ومادياً، الذي ألقته على كاهله ما اقترفته يداه من
البطش والتنكيل والمجازر الجماعية.
7 - إبقاء الجيش السوري
بأكمله تحت الاستنفار لفترة طويلة فاقت العام، ما أدى ويؤدي إلى إنهاكه واستنزاف
روحه المعنوية واستهلاك سلاحه بأنواعه.
ثانياً: المعارضة: عوامل
قوة المعارضة:
عوامل
داخلية:
1 - الشمولية الجماهيرية،
حيث اجتاحت الثورة المدن السورية الكبرى وأريافها وقراها.
2 - انبعاث المعاني
الإيمانية في عموم الحراك الشعبي الثائر، ما أثرى مفاهيم التوكل على الله وانتظار
النصر من عنده وعزز معانيَ الصبر والاحتساب وأفاض روح البذل والعطاء والتكافل
والتعاون والإنفاق في سبيل الله وكرس اللحمة المعنوية.
3 - تهديم أسوار التعصب
على مستوى القبائل والعوائل والمدن والانتماءات.
4 - انهيار جدار الخوف من
السلطة والوقوف بوجهها.
5 - الانشقاقات في الجيش
والحزب، والتي ترتب عليها إنشاء الجيش السوري الحر.
6 - اتساع رقعة المعارضة
المدنية التي قررت حمل السلاح فحملته.
عوامل
خارجية:
1 - التعاطف الجماهيري
الإسلامي.
2 - الدعم العربي والدولي
السياسي الظاهري المؤيد للمعارضة.
3 - الحشد الجماهيري
الإسلامي الشعبي لجمع التبرعات المالية والإنسانية لصالح الشعب السوري.
4 - ما تقوم به بعض
القنوات الفضائية من تغطية إعلامية يومية وعلى مدار الساعة.
5 - انفضاح الدور الباطني
الصفوي أمام العالم الإسلامي والمتمثل في وقوفهم صفاً واحداً مع النظام السوري
الصفوي ضد أهل السنة.
عوامل الضعف في المعارضة:
1 - عدم اتحاد الدافع
لمعارضة النظام، فالدوافع منوعة، منها عقدي، ومنها مادي، ومنها أمني، ومنها
انتقامي وثأري، ومنها شخصي.
2 - عدم وجود قيادة موحدة
للمعارضة في الداخل رغم أن الجهود لإيجادها مستمرة.
3 - عدم وجود مجلس قيادة
في الخارج يعبّر حقيقةً عن ثوار الداخل، إذ إن المجلس الوطني الحالي في وادٍ
والثوار في وادٍ آخر، وهو يقتات على أخبارهم.
4 - ضعف الإمداد المادي
للثوار وعدم وجود دعم حقيقي للجيش السوري الحر سواء بالسلاح أو المال.
5 - وجود المنافقين
(العواينية) بشكل كبير في صفوف الثوار المعارضين.
6 - عجز الثوار عن تأمين
السلامة للنساء والأطفال والشيوخ في حالة القصف التي تقوم بها قوات النظام.
7 - عجز الثوار عن تأمين
المتطلبات العلاجية والإسعافية للجرحى.
تحليل مكونات الصراع:
أولاً: صراع
الإرادات:
تريد سلطة
النظام الحاكم:
1 - إخماد الثورة الشعبية
والعسكرية، وهذا غير مقدور عليه الآن بحسب المعطيات التي على الأرض.
2 - جرَّ المعارضة لوضع
سياسي جديد لا يكون حزب البعث فيه المسيطر، لكن المعارضة لم تقع في هذا الفخ
باعتبار أن هذه التعديلات ما هي إلا تمويهات.
3 - استعمال أقصى درجات
القوة والتصدي باستخدام جميع مكونات آلته الحربية لإخضاع الثورة ولوضع اللبنة
الأولى في نواة دولة علوية مستقلة تنفصل عن سورية الحالية. ولا توجد مؤشرات
ميدانية تشير إلى احتمال نجاحه في المستقبل.
4 - يريد النظام الحاكم
تطويل أمد الصراع إلى الوقت الذي يشعر فيه أن الكفة قد مالت لصالحه بشدة فيفرض
شروطه على الثورة ويجبرها على الخضوع لإملاءاته. هذه الإرادة لها وجهان، إيجابي
لصالح النظام، وسلبي ضده، وأرى أن السلبي أقوى بحسب ما هو حاصل على أرض الواقع.
5 - يريد النظام الحاكم
أن يوظف المجتمع الدولي لصالحه وأن يقف في صفه.. إن الولايات المتحدة وأوروبا
والكيان اليهودي لهم مصالح مهمة في الشرق الأوسط، وهم يرون أن احتمال سيطرة
الإسلاميين على الحكم في سورية واردة بعد سقوط النظام، وهم يخشون من ذلك أشد خشية،
فإذا كانت الثورة تمتلك إمكانية الاستمرار وإسقاط النظام، فإن الوضع الأمثل لهم
(أي للغرب) هو التقسيم؛ بمعنى أن إسقاط النظام خط أحمر. للوصول إلى هذه الغاية
سيتم ترتيب قيام حرب في منطقة الشرق الأوسط يكون أحد أهدافها تقسيم سورية من خلال
قيام الكيان اليهودي أو أمريكا باحتلال منطقة حوران والوصول إلى قلب دمشق عبر
استغلال حالة التفكك الحالية في جيش النظام. وبالتعاون مع النظام الحاكم، وتحت حجة
الأمر الواقع وحقوق الأقليات، ستُقسَّم سورية إلى دويلات أو كيانات ذات طابع
استقلال ذاتي أو كامل، وقد لا يتجاوز ذلك الأشهر القليلة القادمة، وبالتالي فإن
الإرادة العلوية الحاكمة لسورية ستكون سعيدة جداً إذا تحقق لها ما ذكرته في البند
السابق، وهو ممكن بحسب الظروف الدولية المهيأة الآن إذا سلم من المعارضة الشعبية
والرفض المطلق له من قبل تركيا.
ماذا تريد
المعارضة؟
1 - تريد إيجاد دوافع نفسية وإيمانية تمكن الجماهير من الصمود في
حال استمرار الصراع. قوة تأثير تلك الدوافع غير مضمونة بالقدر الكافي إذا طال
الصراع إلى أمد غير محدود، لأنه يرتبط بعدد من العوامل المنوعة التي هي خارج هذه الدراسة.
2 - تريد المعارضة إسقاط
النظام بكافة رموزه ومؤسساته العسكرية والأمنية والمدنية والحزبية. إن هذه الإرادة
مشروعة ابتداء لأن النظام الحاكم في سورية نظام أقلية طائفي باطني مارس جميع أنواع
الظلم على شعبه ووضع المخططات الإعلامية وأوجد المناهج التعليمية التي أراد بها
إخراج هذا الشعب المسلم عن دينه وتحويله إلى شعب عَلماني ليبرالي. إن منبع هذه
الإرادة له جذور تاريخية تمتد في أول شوطها إلى عمق زمني قدره نحو 15 قرناً، أي
(بدء البعثة النبوية)، ثم يوالي أشواطه في أعماق زمنية سحيقة تمتد إلى نوح عليه
السلام ثم آدم أبي البشر. إن هذه الإرادة لا يمكن للنظام القائم اقتلاعها بحال من
الأحوال، لذلك فهي قائمة ومستمرة سواء صمد النظام الحاكم أو سقط.
3 - تريد المعارضة أن تقف
الدول العربية والإسلامية معها، شعوباً وحكومات. إن تنفيذ هذه الإرادة يرتبط
بعوامل ومقتضيات وأسباب لا تملك المعارضة السيطرة عليها.
4 - تريد المعارضة أن
تتدخل الدول الأجنبية في الصراع عسكرياً وفق أربع خطوات:
الأولى:
تأمين ممرات آمنة.
الثانية: تأمين
ملاجئ آمنة على الأرض السورية.
الثالثة: تأمين
حظر جوي يمنع مقاتلات وحوامات النظام من قصف الجماهير.
الرابعة: المساهمة
عسكرياً في ضرب قطاعات جيش النظام التي تقوم بقصف الجماهير، وذلك على غرار
السيناريو الليبي.
هذه الأمور كإرادة ليس
مجمعاً عليها من قبل المعارضة، لكن في حال حدوث ذلك فإن عيون الدول الأجنبية
المتدخلة عسكرياً ستكون مفتحة في اتجاه التقسيم أو تسليم السلطة للعَلمانيين أو
للإسلاميين الذين لا يبتعدون كثيراً عن مسارات العَلمنة، وسيفرضون شروطهم التي هي
في الواقع ستكون لصالح استتباب الأمن للكيان اليهودي.
5 - تأمل المعارضة
الشعبية، وأقصد هنا الجماهير الثائرة، أن يأتيها المدد الرباني وأن يتنزل عليها
النصر الإلهي، وهذا معنى ما يقوله الثائرون: (ما لنا غيرك يا الله) و(لبيك يا
الله). إن انفتاح الباب القدري بالنصر يمر في مراحل جمعها قوله تعالى {أَمْ
حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْـجَنَّةَ وَلَـمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ
خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ}
(أي الفقر) {وَالضَّرَّاءُ}
(أي السقم والألم) {وَزُلْزِلُوا}
(أي نزلت بهم البلايا نزولاً شديداً وعنيفاً) {حَتَّى
يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إنَّ
نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]. إن
المرحلة الآن هي مرحلة الزلزال الشديد مع استمرارية وجود البأساء والضراء.
6 - لقد جرت السنن
الربانية في نصره لعباده أنهم إذا استنفذوا الأسباب المادية والمعنوية الإيجابية
وأخلصوا الدعاء له والاستنجاد به واستغاثته وحده وانقطعت أمالهم عن أسبابهم وتعلقت
بما عند الله، فعندها يأتيهم الفرج والنصر بمسارات قدرية تكون في أغلب الأحيان
منفكة ومستقلة عن أسبابهم، كما فلق الله البحر لموسى فانتصر بنو إسرائيل على
فرعون، وكما بعث الله الريح والملائكة لتهزم المشركين في غزوة الأحزاب، قال تعالى {وَمَا
النَّصْرُ إلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْـحَكِيمِ}
[آل عمران: 126]، وقال تعالى: {إن تَنصُرُوا اللَّهَ
يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]، {إنَّ
اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْـمِيعَادَ} [آل عمران: 9]. وغالباً
ما يأتي النصر من حيث لا يحتسب المنتظرون له. إن تطويل فترة انتظار مجيء النصر
فيها حِكَم ربانية كثيرة.
لا يأتي النصر المعني إلا
إذا كان الثوار يريدون تحكيم الإسلام بعد إسقاط النظام الحاكم، وأن تكون الشريعة
الإسلامية هي مصدرهم الوحيد والفريد في جميع التشريعات بلا استثناء. إن من المؤسف
أننا لم نرَ ذلك جلياً في شعارات الثوار. ينبغي أن يتطور شعار إسقاط النظام فحسب
إلى شعار (نريد إسقاط النظام ونريد تحكيم الإسلام).
الخلاصة في صراع
الإرادات: إن حرب الإرادات بين الطرفين: النظام الحاكم والمعارضة ممثلة في الثوار،
سجال، غير أن الإرادة المنبعثة من الإيمان بنصر الله يملكها الثائرون ولا يملكها
النظام، وهذه الإرادة الإيمانية مع ما يصاحبها من إصرار على تحكيم الشريعة
الإسلامية هي التي ستطيح به إن شاء الله تعالى.
ثانياً: صراع الإمكانات:
إمكانات النظام الحاكم:
يمتلك النظام إمكانات
دولة تساندها دول، أهمها:
•
طائفة عددها نحو 10% مستعدة للدفاع عن الحكم الذي تسيطر عليه.
•
جيش جرار صنعه على عينه.
•
إمدادات حربية مكونة من الرجال والعتاد موضوعة تحت تصرفه من قبل إيران وروسيا.
•
موارد مالية، حيث إن جميع المدخولات الاقتصادية تحت تصرفه.
•
جميع مكونات البنية التحتية بما فيها المستشفيات ومحطات توليد الكهرباء والمياه
والوقود.
•
قوة داعمة على المستوى العسكري كحزب الله اللبناني.
•
يمتلك أيضاً جهازاً أمنياً قمعياً فريداً تتشعب شرايينه لتغطي جميع سورية.
ولا يزال النظام الحاكم
يستخدم تلك الإمكانات التي ذكرتها ليمد مساحة المجازر ولنشر الدمار وليتحقق شعار
(يا ســـفاح يا بشار يا بعثي يا جزار).
إمكانات المعارضة (الثوار):
تنقسم إمكانات المعارضة
إلى قسمين:
الأول:
عسكري، وهو الجيش السوري الحر، ويفتقر إلى السلاح والذخيرة، وإمكاناته المادية
ضعيفة للغاية ولا تقوى على مجابهة الآلة العسكرية للنظام. الخلاصة في خانة صراع
الإمكانات العسكرية: إن الوضع العسكري الآن هو لصالح النظام، وأما في إطار
المستقبل فإننا نسأل الله تعالى أن تحدث انشقاقات جماعية في جيش النظام على مستوى
الفرق وهذا وحده هو الذي سيدعم ويثقل كفة الجيش السوري الحر.
الثاني: مدني،
وهو الجماهير الثائرة. لقد قدمت هذه الجماهير أعداداً هائلة من القتلى (نحسبهم إن
شاء الله أو أكثرهم شهداء عند الله)، وهي لا تزال مستعدة لتقديم المزيد. وبعد مرور
نحو سنة ونيف على بدء الثورة، فإن الوقت قد حان الآن لتكون الإمكانات الجماهيرية
هي المقابلة للإمكانات العسكرية للنظام الحاكم.
الخلاصة في صراع الإمكانات
المادية والعسكرية:
إن الإمكانات المادية
والعسكرية والحزبية هي في صالح النظام الحاكم بما يفوق مئات المرات ما لدى
المعارضة (الثوار)، لكن يستطيع الثوار موازنة ذلك والتغلب عليه بالثقة بوعد الله
الصادق وعملياً بالزحف الجماهيري الهادر على مؤسسات النظام وأركانه ودعائمه. إن
الإمكانات المادية والعسكرية لدى النظام الحاكم هي الآن بين يديه يوظفها كيفما
يشاء، أما الإمكانات المادية الحاسمة للصراع لدى الثوار فهي مأمولة وليست جميعها
بين أيديهم حالياً.
ثالثاً: صراع الحوافز لتحقيق الأهداف:
أهم الحوافز لدى النظام الحاكم:
1 - شعور النظام أن ظهره
يستند إلى الطائفة العلوية المسيطرة على الجيش ومفاصل الدولة الأمنية والمدنية بما
فيها الحزب.
2 - الدعم المادي القوي
والفاعل الذي يحصل عليه من إيران ثم روسيا والصين.
3 - الدعم الخفي الذي
يحصل عليه النظام من الكيان اليهودي وأوروبا وأمريكا.
4 - توظيف شرائح من أهل
السنة لتكون في صفه، وذلك من خلال تأثيره الإعلامي.
أهم الحوافز لدى المعارضة (الثوار):
1 - الثقة بنصر الله تعالى وازدياد التعلق بحبائل الإيمان.
2 - الانتقام للقتلى
(نحسبهم شهداء والله حسيبهم) والأرامل والأيتام والمشردين والشيوخ والأقرباء
والأصدقاء.
3 - لم يبقَ لدى الثوار
ما يخسرونه فقد خسروا إلى الآن كل شيء.
4 - ترنح النظام الحاكم
وبدء تفكك مفاصله، والانشقاقات في صفوفه عسكرياً ومدنياً وحزبياً.
5 - تواصل ازدياد الكتائب
المسلحة في الجيش السوري الحر ووصول بعض الدعم المادي والعتادي له.
6 - اتساع الرقعة
الجماهيرية المشاركة في الثورة.
7 - الإصرار على إسقاط
النظام الحاكم الكافر وإقامة النظام الإسلامي العادل.
الخلاصة في صراع الحوافز:
كلا الطرفين لديه حوافزه
الفاعلة، لكن إذا استثنينا حافز الثقة بالله لدى الثوار، فإن باقي الحوافز لدى
النظام الحاكم أكثر فاعلية، غير أن الثقة بالله تعالى وبنصره هي المرجحة في نهاية
المطاف.
النتيجة:
بناءً على ما سبق بيانه
من مكامن القوة والضعف، وكذا ما ذكرناه في صراع الإرادات والإمكانات والحوافز
للوصول للأهداف لكلا الطرفين، فإن الاحتمال الثالث يتبوأ مكانة بارزة في ساحة
الواقع ما لم تحصل أحداث في إطار المسار القدري الخارج عن الأسباب المـُعدَّة من
أيٍّ من الطرفين.
الاحتمال الثالث: استمرار
الصراع لفترة طويلة:
إذا وصل الطرفان: النظام الحاكم
والمعارضة، إلى قناعة بعدم إمكانية الحسم لأيٍّ منهما، ستتم مفاوضات في ظل استعراض
كل فريق لقوته على الأرض، وبما أن السلطة الحالية لها اليد الطولى فستكون هي
الأقوى في المفاوضات، وستكون الثورة بعيدة عن تحقيق أهدافها إلا ربما إذا كان ذلك
على المدى البعيد.. فإذا كان الأمر كذلك فهذا يعني أن على الثوار إعادة النظر في
الاستراتيجية الحالية بشكل جذري ليتمكنوا من تحقيق الاحتمال الثاني، وهو الانتصار
على النظام الحاكم، وينأوا بأنفسهم عن الاحتمال الثالث لأنه سيضيع جميع المكاسب
التي تحققت إلى الآن أو يؤخر استثمارها.
شمس البشائر السننية
رغم كل ما جاء في هذه
الدراسة من معوقات أمام احتمال انتصار الثورة السورية، إلا أنها ستنتصر بإذن الله
تعالى، وذلك للأسباب السننية التالية:
1 - ادّعاء منازعة الله
تعالى في وحدانيته، وقد انفرد طاغوت الشام بذلك من بين جميع
الطواغيت المعاصرين. وقد جرت سنة الله تعالى أن من ادّعى هذا
الادعاء فإن الله تعالى يقصمه ويأخذه أخذ عزيز مقتدر ويجعله عبرة للمعتبرين وموعظة
للمتعظين. وليس طاغوت الشام بأشد بأساً ولا أعظم جنداً
من فرعون فتناولته سنة الله في المتألهين والمتكبرين والمتجبرين، قال تعالى: {فَأَخَذَهُ
اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى} [النازعات: 25].
2 - الظلم: لم
يستبق طاغوت الشام وزبانيته نوعاً من أنواع الظلم في أحلك سواده وأشد بأسه وأوسع
تأثيره في إهدار كرامات الرجال وعفاف النساء وبراءة الأطفال إلا وفعلوه واقترفوه
دون أن ترف لهم عين، فما أقسى قلوبهم وأجف أفئدتهم وأحنق صدورهم، إن كان لهم أصلاً
قلوب أو أفئدة أو حتى صدور!! وقد جرت سنة الله تعالى
في إزهاق ظلم الظالمين وجعلهم تاريخاً في أخبار الغابرين، قال تعالى: {فَقُطِعَ
دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْـحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: ٥٤]،
وقال تعالى: {وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ
بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: 165].
3 - الحكم بالطاغوت: لقد
نحّى طاغوت الشام وحزبه شريعة الله تعالى من حياة الناس وحاربوها أشد محاربة
واستعلنوا بالكفر والطغيان وأنزلوا العذاب الشديد والتنكيل والوعيد بكل من دعا إلى
تحكيم شريعة الرحمن ورفع راية الإسلام، فستتناولهم سنة الله في إزهاق الكافرين
وجعل الغلبة والانتصار لعباده المؤمنين، قال تعالى {إنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} [آل
عمران: ٤]،
وقال تعالى {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ
الْـمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47].
الخلاصة:
فما ذكرناه من السنن
الربانية فيمن تأله وظلم وحكم بالطاغوت جميعها منطبقة انطباقاً كاملاً على طاغوت
الشام وطائفته وحزبه، فلو لم تكن ثمة ثورة ضد هذا النظام الحاكم فإنه حريٌّ أن
يندثر ذليلاً مهزوماً مدحوراً تحت وطأة إحاقة سنن الله تعالى به وأخذها بتلابيبه
وخنقه وتدميره وجعله عبرة للمعتبرين، فكيف وقد ثار الناس بقضهم وقضيضهم عليه بعد
أن نالهم من بطشه وظلمه ما نالهم، فإنه حري إن شاء الله أن يقر الله عيونهم ويفرح
قلوبهم ويسعد صدورهم، قال تعالى {قَاتِلُوهُمْ
يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ
وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ 14 وَيُذْهِبْ غَيْظَ
قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 14 - 15].
شمس البشائر النبوية
أبشروا يا أهل الشام
بالنصر المبين والعلو والتمكين بما بشركم به النبي الأمين عليه أفضل السلام وأتم
التسليم باستحقاق ديار الشام لبركة رب العالمين. وهذه
باقة مختارة من أزاهير الدوحة النبوية أسوقها بشرى للثوار في بلاد الشام من
المؤمنين الأبرار.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم
بارك لنا في شامنا، بارك لنا في يمننا. قالوا يا رسول الله: وفي
نجدنا؟ قال: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في
يمننا... الحديث) أخرجه
البخاري. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني
رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي، فنظرت فإذا هو نور ساطع عمد به إلى الشام،
ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن في الشام) صححه الألباني. وأخرج
أحمد وغيره (عُقرُ دار المؤمنين بالشام) صححه
الألباني. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا
يزال أهل الغرب (هم أهل الشام، قاله الإمام أحمد) ظاهرين
على الحق حتى تقوم الساعة) أخرجه مسلم. إن
هذه الطائفة من الأحاديث النبوية وغيرها تزف البشرى لأهل الشام بأن منتهى ما يستقر
عليه حالها هو هيمنة المؤمنين وارتفاع كلمة المجاهدين وانتصار فئة المسلمين
الصادقين.
فإذا نظرنا بشكل عام إلى
هذه الدراسة مع ما سقناه فيها من تفاصيل فإن الاحتمال الثالث وإن طال فإن مرده إلى
الاحتمال الثاني وهو انتصار الثوار وسقوط النظام الحاكم في سورية الآن، قال تعالى {وَلَقَدْ
كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا
عِبَادِيَ الصَّالِـحُونَ} [الأنبياء: 105]،
وقال تعالى {الَّذِينَ إن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ
أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْـمَعْرُوفِ وَنَهَوْا
عَنِ الْـمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج: 14].. هذه
هي النية والهدف الذي ينبغي أن يكون مصاحباً لحركة الجماهير الثائرة في سورية
ليتحقق لهم النصر، فعليهم ملازمة الصبر واللجوء إلى الصلاة، قال تعالى {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إنَّ اللَّهَ
مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: ٣٥١]،
{وَاللَّهُ
غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 21].
* لقراءة البحث كاملاً يراجع قسم البحوث في موقع
مجلة البيان على الرابط:
http://albayan.co.uk/article2.aspx?ID=2181
::"البيان" تنشر ملف شامل ومواكب
لأحداث الثورة السورية ..