"إسرائيل" تهجر الفلسطينيين من النقب
النقب هي منطقة صحراوية تقع في جنوب فلسطين
والقسم الأكبر من سكان النقب هم من العرب البدو الذين بقوا في هذه المنطقة بعد حرب
سنة 1948م، ولقد صادقت الحكومة الإسرائيلية في الفترة الأخيرة على ما يعرف بـ”مخطط
برافر”، والذي يهدف إلى ترحيل ما بين 45 ألفاً إلى 65 ألف بدوي من قراهم العربية
غير أن الحكومة الإسرائيلية قالت: إن المخطط يهدف أساساً إلى “إعادة توطين” عشرات
الآلاف من المواطنين العرب البدو في النقب، وألمحت إلى أن هذا المخطط سيشمل 30
ألفاً من البدو سيتم إخراجهم من قراهم وتجميعهم في بلدات بدوية أقيمت في بداية
سبعينات القرن الماضي.
وبحسب عديد المراقبين فان هذا المخطط
يبقى غامضاً؛ غير أن الأكيد هو مشروع تهجير جماعي جديد سيشمل أكثر من 45 ألف
بدويٍّ في النقب عن قراهم وهدم أكثر من 25 ألف بيت، كما أظهرت ملفات ويكليكس أن
الحديث يدور في إسرائيل عن ترحيل 65 ألف بدوي أي كل سكان القرى غير المعترف بها.
و القرى غير
المعترف بها هي تسمية لقرى عربية بدوية في النقب يزيد عددها عن الأربعين قرية،
ولقد رفضت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ سنة 1945م وحتى اليوم الاعتراف بها؛
ولذلك فإنها تعدُّ جميع المباني الموجودة فيها غير قانونية، وهي تخلو من كافة
الخدمات والبُنى التحتية، والمرافق الصحية والتي يتعين على كل دولة توفيرها
للسكان، وكانت حكومة الاحتلال الإسرائيلي قد شكَّلت لجنة برئاسة المحكمة العليا ومراقب
الدولة السابق أليعازر غولدبرغ للبحث في قضية القرى غير المعترف بها وتقديم
توصيات.
ولقد عملت لجنة
برافر على مدار سنتين ونصف ولكنها وضعت خطة بعيدة كلَّ البعد عن توصيات غولدبرغ
وعن قضايا عرب النقب الحقيقية ورغبتهم في حل قضاياهم، ولم يشارك في عضوية هذه اللجنة
أي عربي أو مندوب عن عرب النقب، ولم تتشاور اللجنة مع أية جهة عربية في النقب
ولقد عارض عرب
النقب مخطط برافر والذي يقضي بإعطاء تعويض مالي فقط للمواطنين البدو، والذين كانوا
يسكنون في هذه المنطقة وتمَّ ترحيلهم عنها في سنوات السبعينات، وتجميعهم في بلدات أقيمت
خصيصاً لهذا الغرض
لقد نجحت
السلطات الإسرائيلية في حصار النقب وتطويقه وذلك منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية
عندما تمَّ إغلاق قِطَاع غزة أمامهم، وكذلك تمَّ إغلاق جنوب الضفة من خلال
بناء جدار الفصل العنصري في جبال الخليل، فضاقت بهم السبل ذلك أن الأسواق
التقليدية لعرب النقب مثل بيع المواشي والحليب كانت متركزة أساساً في الخليل وغزة
ولم يعد باستطاعتهم اليوم الوصول إليها.
وفي شهر تشرين
الثاني الماضي تمَّ توزيع إخطارات بهدم بيوت وقرى وادي النعم؛ وهي أكبر قرية غير
معترف بها في النقب، ويبلغ عدد سكانها ستة آلاف نسمة، وطلبت هذه الإخطارات من
السكان مغادرة بيوتهم ومنحتهم 48 ساعة؛ لكنَّ السلطات لم تقل للسكان أين عليهم أن
يذهبوا، ويبدو أن هذه العملية كانت بمنزلة اختبار لردة الفعل من قبل السكان.
واليوم يتجمع
سكان النقب في منطقة تعادل مساحتها 5٪ من مساحة النقب، ولكن الحكومة الاسرائيلية
تريد ترحيلهم منها؛ لأنها لا تريد أن ترى تواصلا جغرافياً وديمغرافياً بين شطري
الدولة الفلسطينية المستقبلية أي بين الضفة وقِطَاع غزة.
ويحذر
العديد من المراقبين من تفجِّر الأوضاع في النقب؛ لأن الوضع اليوم مشابه إلى حد
كبير للوضع الذي ساد في منطقة الجليل عشية يوم الأرض في سنة 1976م حيث جاء يوم
الأرض آنذاك بعد أن صادرت حكومة الاحتلال الإسرائيلي عشرين ألف دونم في قرى سخنين
وعرابة ودير حنا في الجليل، واليوم يدور الحديث عن مصادرة نصف مليون دونم في
النقب.
إن عرب النقب
يواجهون اليوم مخطط برافر على عدة أصعدة قضائية وسياسية وكذلك دولية حيث تمكن
الفلسطينيون من إحضار عشرات من سفراء الدول الغربية لدى إسرائيل إلى النقب
واطلاعهم على أوضاع العرب فيه، كما زار أيضاً مندوب الأمم المتحدة النقب، ولقد
طالبت لجنة الأمم المتحدة لمكافحة التمييز العرقي حكومة الاحتلال الاسرائيلي
بإلغاء مخطط برافر.
كما زار وفد من
عرب النقب مقرَّ الاتحاد الأوروبي والكونغرس الأمريكي، ودعا إلى مطالبة هذه
الهيئات الدولية حكومة الاحتلال الإسرائيلي بإلغاء هذا المخطط والاعتراف بالقرى
العربية غير المعترف بها.
:: مجلة البيان العدد
300 شعبان 1433هـ، يوليو 2012م.