من أخلاق المترفين
الترف لون مــن ألوان الفتنــة التـي قـد يبتلى بها بعــض الناس؛ فهــو يجعل القلب عرضة للتقلُّــب والفساد، ويدفعه إلى الدَّعــة والركون إلى الدنيا والاغــترار بزخــارفها وأهوائها، ويصرفه عـن الذكـر وطـاعة الله عز وجل. وعندما يتسلل الترف أو بعض أنواعه ومظاهره إلى الأوساط الدعوية، فإنه يُقعِدها عن المعالي، ويشدها عن المكارم، ويجعلها تتعلق بالصغائر وتوافه الأمور، وتُستَهلَك طاقات الدعاة في البحث عن المباحات والتوسع في الملهيات والصوارف. ومن أخلاق المترفين: ضَعْف الجدِّية والالتزام في الأعمال الدعوية، والميل إلى الاتكالية، والاعتماد على الآخرين؛ ولهذا ليس غريباً أن تشيع البطالة الدعوية في محاضن المترفين؛ فالترف بيئة خصبة لنمو الفتور والعجز. ونحسب أن التربية الربانية الجادة المتوازنة من أعظم ما يهذِّب السلوكَ الإنسانيَّ، ويجعله يسمو بقلبه وفكره بعيداً عن تلك الصوارف والعوارض. إنَّها مهمة شاقة تتطلب جهداً كبيراً ونَفَساً طويلاً؛ فالدنيا كما وصفها النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خَضِرَة حلوة»؛ لكننا عندما نضع التربية في أعلى الأولـويات ستكــون الثمـرةُ يانعـةً مبـاركةً، وعندها نستطيع أن نرى إنساناً جديداً؛ زَكَـت نفسه وسَمَت مشاعره، وأصبحت الدنيا في يده لا في قلبه، وكان له نصيب وافـر مـن قـول النبـي - صلى الله عليه وسلم -: «نِعْمَ المال الصالح للرجل الصالح».