• - الموافق2024/11/05م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
أمانة الكلمة

وكذلك لا نغترّ بمعسول الكلام وكثرة الحديث عن الديمقراطية والعدالة ومحبَّة الناس؛ فالدعاوى كثيرة ترفعها دُوَل وتُردِّدها منابر، ويُكذِّبها واقع الحال!

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصّلاةُ والسّلامُ على نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، وبعدُ:

في هذه الأيام الفضيلة، ومع تسارُع الأحداث من حولنا، وما وقع في سوداننا الحبيب؛ نحتاج إلى وقفة وتفكُّر في أحوال الأمم والشعوب؛ فقد يختبر الله أُمَّةً بمالٍ وسَعَة رِزْق وظهورٍ، وابتلى الله بني إسرائيل بتسلُّط فرعون، واختبرهم بظهورهم على عدوّهم وتَمكينهم؛ فقال -سبحانه وتعالى-: {قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 129].

لقد كان إهلاك عدوّهم وعلوّهم امتحانًا وابتلاء فيه نبرة تهديد، ومثله حديث إمهال الله للظالم الذي يتقلب في النعيم، ويعيش حياة الظَّلَمَة، وما فيها من قتلٍ وتشريدٍ وغَدْر لمدة قد تطول، حتى يأمن مكر الله، ويغمس نفسه في مظلمةٍ تكون سببًا في انحلال أمره وهلاكه؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظّالِمِ، حتَّى إذا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ. قالَ: ثُمَّ قَرَأَ {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}»(متفق عليه).

فمَن غدَر وقتَل ودمَّر واغتصب في الخرطوم لأشْهُرٍ؛ كان يُمارس هذا لعقودٍ في أماكن أخرى. وكذلك لا نغترّ بمعسول الكلام وكثرة الحديث عن الديمقراطية والعدالة ومحبَّة الناس؛ فالدعاوى كثيرة ترفعها دُوَل وتُردِّدها منابر، ويُكذِّبها واقع الحال!

والكلمة أمانة؛ فحتى لو كانت طيبة؛ فهي مربوطة بصدق النية وصلاح العمل؛ فقد أخبر رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- عمَّن سافر سفرًا طويلاً لحجّ أو غيره، وهو مظنة لقبول الدعاء من ناحية الشكل، ولكن مع إخلاص الداعي في التوجُّه فقد تلبَّس بموانع الإجابة؛ قال: «ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟!».

نسأل الله الاستقامة في الأمور كلها.

أعلى