• - الموافق2024/11/27م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
فتنة التبصيم والتصنيم!

إن هذه الفتنة ستقود لطمس معالم الرشاد في الأمة، ذلك أن الحق لا يُعرَف بالرجال أبداً ولا بالدول ولا بالمفاهيم المقبولة من الأقوياء؛ وإنما يكون الحق ما وافق الوحي الشريف في القرآن والسنة ومقاصد الشريعة فقط


الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه، وبعدُ:

لا يكاد أن يوجد كيان بلا مرجعية يحتكم إليها، وهذا الأمر يشمل حتى المنظمات الإجرامية والإفسادية، وسيَّانٌ أكانت القواعد المرجعية مكتوبة أم متعارفاً عليها فقط، فالمهم وجودها، مع منحها قيمة وسلطة يخضع لها الكافة بلا مثنوية، وبمثل هذا الإجراء تسير الأعمال، وتنضبط الإجراءات.

ومن المحزن الذي لا يبلغه وصف أن تبتلى أمة الإسلام بعوائق تحول دون الاستمساك الوثيق بمرجعيتها الشرعية العليا، التي جاءت من رب العالمين، وحملها الروح الأمين، وبلَّغها النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام لصحابته رضوان الله عليهم فمَن بعدهم حتى عمَّت بها الرواية والدراية في أقطار الأرض حتى يومنا.

ويعود سبب ذلكم النكوص المخزي إلى عوامل داخلية وخارجية متشابهة يجمعها الانكسار الحضاري والمعنوي، والضعف المادي، والتشتت والشقاق، والتبعية المقيتة لأسباب خاصة تُرجى، ومصالح ضيقة تُبتغى، وجلُّها محدود بأطر شخصية أو دنيوية، ليس فيها للصالح العام مكان، ولا للآخرة أيُّ اعتبار مؤثر.

فقد تغوَّلت حضارة الغرب عبر الدول الكبرى، والمنظمات الدولية، والاتفاقات الأممية، والمعونات العسكرية والاقتصادية، فجعلت من مفاهيمها وقيمها وأخلاقها أساساً يجب أن يتواءم معه الجميع حتى لو كان الخلاف مع مضامين تلك المفاهيم عميقاً لدرجة استحالة الالتقاء في منتصف الطريق فضلاً عن التطابق!

كما جثم على كثير من بلاد المسلمين أقوام غار من غالبهم كثير من الحياء والإيمان، وأُفرِغ مكانهما ذلُّ الخنوع للآمر البعيد، مع قسوة على المأمور القريب، فعانت ديار المسلمين من أصحاب أسواط ووسائل يريدون من المجتمع المسلم بعلمائه وعوامه التسليم لدرجة تشبه التفويض ببصمة موافقة تامة على طالح أعمالهم قبل صالحها النادر، إضافة إلى تصنيم أشخاصٍ ومفاهيم وأجهزة كي لا يجرؤ أحد على مساءلتها بلطف وأدب فضلاً عن انتقـادها أو الدعوة لمحاسبتها.

إن هذه الفتنة ستقود لطمس معالم الرشاد في الأمة، ذلك أن الحق لا يُعرَف بالرجال أبداً ولا بالدول ولا بالمفاهيم المقبولة من الأقوياء؛ وإنما يكون الحق ما وافق الوحي الشريف في القرآن والسنة ومقاصد الشريعة فقط، وما سوى ذلك من أهواء وحسابات تصادم هذه المرجعية فمردودة على أهلها، وهي مثل الصنم الحقيق بالتحطيم، ولا مناص لخيار الخلق من المشاركة ببصمة في اجتثاث هذه الواقعة من الواقع بالأمر والنهي والفعل الرشيد.


أعلى