• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
التصعيد العسكري الأخير ضد قطاع غزة

التصعيد العسكري الأخير ضد قطاع غزة

قدَّرت المحافل الصهيونية المتابعة للتطورات عن كثب أن جيش الاحتلال لو أراد شنَّ هجوم كاسح على غزة، فسيعلم كيف سيقوم بذلك؛ حتى لو تعلق الأمر بهجوم تحذيري رمزي لليؤكد لحماس ماذا سيحدث في قطاع غزة لو هاجمها؟ مؤكدةً أن ردَّ الجيش على مهاجمة الحافلة لن يؤثر على التطورات العسكرية والسياسية القادمة في قطاع غزة، وسيستمر إطلاق الصواريخ، ملمِّحة إلى أن ما يحصل حالياً في غزة هو عبارة عن عملية «رصاص مسكوب مُصغرة».

وقد أجمع مراقبون إسرائيليون على أن الجيش اعتبر حادثة الحافلة بمثابة «إشارة صفراء» للانطلاق نحو عملية عسكرية محدودة ضد حماس في غزة؛ حيث سيقوم بردٍّ قوي ضد غزة لمنع تصعيد الأمور مرة أخرى.

أسئلة بدون إجابة:

لقد رأى المراقبون الإسرائيليون أن عملية الحافلة، شكلت تحدياً كبيراً جداً للمؤسسة العسكرية، لكن السؤال الأساسي هو: هل كان مطلِق الصاروخ يعلم بأن الإسرائيليين الذين كانوا على متن الحافلة، قد نزلوا منها أم لا؟

ففي حال كان يعلم فإن هذا يعني أن حماس أرادت توجيه رسالة ليس إلا، دون أن تتسبب في دحرجة الأوضاع نحو مواجهة شاملة وواسعة في قطاع غزة، والتلويح بأن لديها خيارات واسعة ومؤلمة؛ إنْ تجاوز الجيش الإسرائيلي «خطوطه الحمراء».

أما في حال كان لا يعلم، فهذا يعني أن حماس أرادت توجيه ضربة قاصمة للجيش الصهيوني وجباية «أثمان باهظة» منه، والذهابَ بعيداً في رفض المعادلة التي يحاول فرضها دون أي اكتراث بالأثمان التي قد يدفعها.

ويخلص هؤلاء إلى أن ما جرى خلال الأيام الأخيرة يؤكد أنه يمكن للتقديرات الخاطئة أن يكون لها دور في التسبب بتصعيد قد لا يكون مرغوباً به لكل الأطراف، كما أن أي ضربة عسكرية مؤلمة يرى فيها الطرف المستهدَف تجاوزاً حاداً لخطوط حمراء يرسمها، قد يدفعه إلى الرد المؤلم، ومن ثَمَّ الذهاب نحو تدحرُج تصاعدي؛ على الرغم من أن حرصهما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى لجمه.

في الوقت نفسه، فإن الصاروخ المضاد للدبابات من طراز «كورنيت» الذي أُطلِق باتجاه دبابة، وأخطأ هدفه تماماً، ليصيب حافلة تُقِل طلاباً، كشف مجموعة حقائقَ أساسية جديدة تقف أمام الجيش، وذلك على النحو التالي:

1 - تبيَّن أنه في حال أراد الجيش شنَّ هجوم على حماس في غزة، فسيعلم كيف يقوم بذلك؛ حتى ولو تعلَّق بهجوم تحذيري رمزي ليؤكد لحماس ما سيحدث في قطاع غزة لو هاجمها.

2 - الخطوات العسكرية التي من المفترض أن يقوم بها الجيش «الإسرائيلي»، ينبغي أن تُنسَّق أو تتم من خلال «فكر سياسي إستراتيجي»، أو بـ «خطوات سياسية على الأرض»؛ لأن حكومة إسرائيل والجيش لا يقدِّمان ردوداً على التطورات السياسية المصرية تجاه الفلسطينيين، فإن ردَّ الجيش الإسرائيلي على مهاجمة حافلة الطلاب بصاروخ مضاد للدبابات لن يؤثر على التطورات العسكرية والسياسية القادمة في قطاع غزة، وسيستمر الإطلاق على كل الأحوال.

3 - عملية الجيش في قطاع غزة هي دليل على «رصاص مسكوب مصغَّرة»، بمعنى آخر: «حرب نيران بدون هجمات برية».

4 - ومن الناحية العملياتية، فإن قصف الأهداف الفلسطينية وقع على امتداد جبهة واسعة تمتد من مطار رفح وحتى الأطراف الشمالية لمدينة غزة، في الوقت الذي وقع فيه الاختيار على خان يونس ودير البلح على أنهما ساحتات فلسطينية رئيسية لتلقِّي معظم الضربات، وتم اختيار منشأتين مركزيتين تابعتين لكتائب القسام في مدينة غزة؛ حيث جرى إطلاق صواريخ على خان يونس من الجو والأرض، وهو ما أدى لتدمير أجزاء كبيرة من المدينة، وإصابة شبكة الكهرباء، والمولِّد، وخزانات الوقود.

التكتيك القتالي:

في الوقت الذي تؤكد فيه المستويات السياسية والعسكرية أن هدف الجيش «الإسرائيلي» هو وقف عمليات حماس، وتحديد قائمة انتقام رداً على إطلاق الصواريخ، فإن هناك أجواء لا تقل إصراراً تسود داخل حماس تريد أن تضع قواعد جديدة حول الإجراءات الميدانية التي يقوم بها الجيش على امتداد السياج الأمني.

وفي الوقت الذي تعمل فيه «كتائب القسام» حالياً طبقاً لتكتيك «حزب الله» في لبنان، فإن المواجهة العسكرية في قطاع غزة التي بدأت بإطلاق صاروخ مضاد للدبابات من قِبَل حماس على حافلة طلاب، تحولت خلال يومين إلى مواجهة غير متوقعة للجيش الصهيوني، ليس فقط مع حماس، ولكن مع حزب الله أيضاً.

وقد واصل الجيش تكتيكه الذي يعتمد على توجيه ضربات جوية ومدفعية ضد القطاع، بهدف كسر رغبة القتال لدى حماس، لكنها ردَّت بإطلاق أكثر من 70 صاروخاً وقذيفة هاون باتجاه أهداف إسرائيلية، وهي بذلك زادت من حجم النيران التي تطلقها بنسبة 25%.

وتزعم المصادر الاستخباراتية أنَّ توجُّه حماس في تحديد الهدف التالي في القتال، يتمثل في «خلق وضع في قطاع غزة يشبه الوضع السائد على الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان»؛ ففي المنطقة الحدودية بين إسرائيل ولبنان لا توجد «حلقة أمنية»، ولا يستطيع أن يتدخل الجيش «الإسرائيلي»، كما يستطيع اللبنانيون التحرك بحرية على امتداد السياج الأمني.

لكن الوضع على امتداد السياج الأمني داخل قطاع غزة مختلف، فقد أعلن الجيش الإسرائيلي عنه بشكل أحادي الجانب مطلع عام 2009م مع انتهاء عملية الرصاص المسكوب، ويبلغ عرضه 500م، ويُصرُّ على عدم دخول أي شخص إلى هذه المنطقة، وخاصة أن منظمات المقاومة الفلسطينية تستخدمها منطلقاً إلى داخل إسرائيل لتنفذ عملياتها.

كما لا يسمح الجيش الإسرائيلي بدخول المزارعين الذين يعملون في أراضيهم، وتزعم حماس أنها ليست على استعداد لقبول القيود التي يفرضها الجيش، وخاصة أن الأمر يتعلق بـ 15% من مساحة الرقعة الزراعية المستصلحة في القطاع.

وهكذا تهدد حماس حالياً بأنه في حال لم يتم إلغاء هذا الحزام، فإن الحرب على امتداد السياج الأمني ستستمر. والآن من الواضح جداً أن إطلاقها لصاروخ الحافلة جاء عملياً ليشكل «طلقة البداية» المتعمَّدة التي تنذر ببداية الحرب على المنطقة الأمنية الصهيونية في قطاع غزة.

ولأن حركة المقاومة الإسلامية حماس في هذه المرحلة على ثقة بأن الجيش الصهيوني لن يُدخِل قوات برية إلى قطاع غزة، فإنها على استعداد لمواصلة معركة تتلقى خلالها ضربات وخسائر، ولكن هناك 250 ألف إسرائيلي في محيط قطاع غزة والمدن الكبرى حول المنطقة يتلقون القذائف، وهو ما يؤكد أن هذه المرحلة لن تشهد «وجود حسم»، لكن هذا الأمر سيتم لو قرر أحد الطرفين رفع سقف المواجهة العسكرية في قادم الأيام.

 

أعلى