فهم السلف للتعامل مع الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
نستحضر
جميعاً حاجتنا إلى فهم السلف الصالح وجلالة علمهم، فنبحث عن أقوالهم ونقرأ في
مؤلفاتهم ونسترشد بفقههم، وهو أمر مهم لكل باحثٍ عن الحق. غير أن العناية بالجانب
العلمي يجب أن لا تغفلنا عن الجانب الآخر الأكثر أهمية في سيرتهم، والذي نجد
أنفسنا مقصرين فيه أكثر، وهو جانب التعبد لله، والحرص على الصلاة، وقيام الليل،
وكثرة السجود، وقراءة القرآن.
إننا حين
ننقل فتاوى وأقوال سعيد بن المسيب لا بد أن نستحضر معها أنه هو الذي قال محدثاً عن
نفسه:ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة، وما نظرت في قفا رجلٍ في الصلاة منذ
خمسين سنة!
وحين نقرأ
في مرويات الأعمش علينا أن نستحضر أنه من قال عنه وكيع بن الجراح: كان
الأعمش قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى!
بهذا فضلَ
القوم وعظمَ أمرهم وبقيت سيرتهم وحلت البركة في أقوالهم وأعمالهم، هذا العلم الكبير
في عقولهم كان مصحوباً بإيمان عميق في قلوبهم، وإخلاص، تبعه تعبد وصلاة ودعاء، فكان
سبباً لهذا القبول الكبير الذي خصهم الله به.
ما أحوجنا
في أوقات تلاطم الفتن، وكثرة الاختلاف، وتلاحق الأهواء أن نحافظ على علاقتنا بالله،
فالثبات على الأمر ليس مسألة علمية، وإنما استعداد نفسي لا يتهيأ لكل أحد، ويحرم
الله منه من شاء بما كسبت أيديهم.