مع أنّ وجود هذا الاعتراض (المسمَّى بالحق!!) بحدِّ ذاته يطعن في مبادئ العدل، ويُؤسِّس قاعدة للتحيُّز والاصطفاف؛ حتى عاثت دُوَل عديدة فسادًا في الأرض تحت حماية مظلة «الفيتو».
الحمدُ لله ربّ العالمين،
والصّلاة والسّلام على نبيِّنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعدُ: فإن الفصل
السابع من ميثاق منظمة الأمم المتحدة يُعدّ مِن أهمّ بنود تأسيسها؛ لأنه يتعرَّض
لقضية حِفْظ الأمن والسِّلْم الدوليين، ويختصّ بنَشْرهما والدفاع عنهما، ودَفْع
الظلم والاعتداء. وهذا أحد أهداف المنظمة، ومن بواعث إنشائها. والمسؤول عن تحقيق
هذا الهدف الجميل -سَبْكه ولَفْظه- هو مجلس الأمن؛ بما له من يدٍ طويلة ضاربة.
وحتى يَستخدم مجلس الأمن
صلاحياته، بناء على هذا الفصل؛ لا بد أن يخلو أيّ قرار يُصْدره المجلس من اعتراض
أيّ دولة من الدول الخمس الكبرى التي تتمتع بحقّ النقض
«الفيتو».
مع أنّ وجود هذا الاعتراض
(المسمَّى بالحق!!) بحدِّ ذاته يطعن في مبادئ العدل، ويُؤسِّس قاعدة للتحيُّز
والاصطفاف؛ حتى عاثت دُوَل عديدة فسادًا في الأرض تحت حماية مظلة
«الفيتو».
أشهر الأمثلة على ذلك:
جرائم دولة الاحتلال اليهودي
«إسرائيل»
في أرض فلسطين الإسلامية العربية المحتلة منذ بضعة عقود، على مرأى ومسمع من العالم
أجمع، بلا أيّ حراك عَملي نافع، وإنما يُكتَفَى بصيحات تخدير، وإجراءات يَغلب عليها
الشكلية؛ فهي لا تُنْقِذ مُحاصَرًا، ولا تشفي جريحًا، ولا تُطْعِم جائعًا، ولا
تَحْمي مُهدَّدًا، ولا تُحافظ على ملك أو تراث، ولا ينجو بها مُقدَّس، أو يبقى معها
شيء ذو قيمة.
بناء على ذلك؛ لا يُستغرب
حين يبرز سؤال ممَّن يراقب هذا الوضع بحيادية ومنطقية، وهذا السؤال يأتي على أقسام:
- هل هذا الفصل يخصُّ
أقوامًا دون آخرين؟
- هل ما يَصْدر عن دولة
الاحتلال متوافق معه؟
- هل لدولة الاحتلال
استثناءات؟
- هل الشعوب المسلمة
والعربية المبتلاة بالإبادة والتهجير أكثر ممَّن سواهم يشملهم هذا الفصل، أم هم
هَمج لا قيمة لهم، ولا نصيب لهم من حقوق الإنسان، والخلاص منهم يُخفِّف الأعباء عن
الأرض ومواردها؟!
إن الإجابة بـ«نعم»
كفيلة بانهيار الفصل السابع والميثاق برُمّته، وجعله نصًّا للتاريخ بلا قيمة، وإنما
لدراسة حقبة من حِقَب الظلم والظلام. وإذا كانت الإجابة بـ«لا»؛
فلماذا لا تتَّخذ الأمم المتحدة ومجلس أمنها ما يمنع الدول الباغية من العدوان
العنيف الذي تأنف من تجاهُله النفوس المعتدلة التي تحتفظ بذرة من بقايا الفطرة؟!
لماذا لا يتحرَّك
«العالم
الحُرّ»
و«الشرعية
الدولية»
لمنع حالات تهديد السِّلْم والإخلال به، وتحاشي وقوع العدوان، كما في موادّ الفصل
السابع من المادة رقم (39) حتى المادة رقم (51)؟ أم أن
«إسرائيل»
عَصِيَّة على العقوبة ورفع الحصانة؟ أو أنهم يكذبون علينا ويستخفّون بنا؟
أيًّا كان الجواب؛ فما
أحرى مَن يستحيي مِن أرباب
«القانون
الدولي»
أن ينجو بنفسه من المشاركة في هذه الجرائم التي تُدنِّس الساكت، فضلًا عن المسانِد
لها والوالغ فيها!