في كينيا إبَّان الاستعمار البريطاني اندلعت ثورة كبيرة، عُرفت بثورة «الماو ماو»، أو جيش الحرية والأرض الكيني، وانتهت بخروج المحتل البريطاني، بعد أن قُتل من هذا الشعب المناضل 13 ألف شخص
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصّلاةُ والسّلامُ على نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين. وبعدُ:
كم رجلًا، سواءٌ كان متابعًا جيدًا للأحداث، أو بسيطًا لا يعلم من الأمور إلا ظاهرها؛ يستطيع أن يتخيّل أن إسرائيل من الممكن أن تزول، وأن الفلسطينيين لديهم القدرة على استعادة حريتهم وأراضيهم من النهر إلى البحر دون أن يُنتَقَص منها شبر؟
هل في المخيال الشعبي العربي والإسلامي القدرة على تصوُّر أننا أحرار من التبعية للغرب بكل معارفه، العِلْمية منها والقِيَميَّة، وأننا نملك أفضل مما يملكون، وأن عقولنا أقدر على تقديم أفضل مما يقدّمون؟
قال الدكتور عبد الوهاب المسيري -رحمه الله- في كتابه «الصهيونية والنازية ونهاية التاريخ»: «نحن نذهب إلى أن المشروع الحضاري العربي والإسلامي دخَل طريقًا مسدودًا من البداية حين عرَّف هدفه بأنه «اللحاق بالغرب»؛ فهذا الشعار يعني أن يصبح «الآخر» هو الغاية، ونصبح نحن الوسيلة؛ فنتحوّل إلى بشر من الدرجة الثالثة في معظم الأحوال، ومن الدرجة الثانية في أحسنها؛ لأن مَن يصل متأخرًا يصبح ثانيًا أبدًا؛ إن كان يسير في نفس المضمار. لقد وقعنا ضحية إمبريالية المقولات؛ أي: أننا نتبنَّى مقولات الآخر التحليلية، ثم نراكم المعرفة، وننظر للعالم بل ولأنفسنا من خلالها».
في كينيا إبَّان الاستعمار البريطاني اندلعت ثورة كبيرة، عُرفت بثورة «الماو ماو»، أو جيش الحرية والأرض الكيني، وانتهت بخروج المحتل البريطاني، بعد أن قُتل من هذا الشعب المناضل 13 ألف شخص.
بدأت هذه الثورة بأنْ جمَع زعيم قبائل الكيكويو وميرو وشعب إمبو، أتباعه، وكانوا لا يحملون إلا أسلحة بدائية؛ تتمثل في الحِرَاب والسيوف والسهام، وبعض البنادق، وسألهم سؤالًا واحدًا: مَن منكم يُوقن أننا نستطيع أن نهزم بريطانيا ونُحرِّر أرضنا؟ فجمَع الذي يؤمنون بالفكرة، ثم تخلَّص ممَّن عجزت عقولهم عن تصوُّر النصر؛ لأنهم في رأيه هم السُّمّ القاتِل.