إنَّ الواجب الأهمّ أن تُحرَس السُّنَّة بالحقّ والصِّدق والعَدْل، ومَن حقَّق ذلك «ظهرت له البراهين، وقوي به اليقين، وازداد به إيمان المؤمنين، وأشرق نوره في صدور العالمين»
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصّلاةُ والسّلامُ على نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِه
وصحبِه أجمعين، وبعدُ:
إنَّ مِن أهمّ المهمات، وأوجب الواجبات على العلماء والدعاة والمصلحين: الدفاعَ عن
العقيدة، وردّ سهام المُبطِلِين وكيد المنحرفين وأصحاب الأهواء.
ولكنَّ هذا الواجب لا يتمّ ولا يكمل إلا بواجب أهم؛ وهو ما سمَّاه شيخ الإٍسلام ابن
تيمية «تمييز المحروس قبل حراسته»[1]؛
لأنه لا بُدّ أن يكون المحروس هو نفس ما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه بَلَّغَه لأُمّته.
فأما إذا كان المحروس فيه ما يُوافِق السُّنَّة، وفيه ما يُخالِفها؛ فكان تمييزه
قبل حراسته أَوْلَى مِن الذَّبّ عما يُناقِض السُّنة؛ لأنَّ حاجة المؤمنين إلى
معرفة الحق المُوافِق للكتاب والسُّنة ومذهب الصحابة والسلف ليُصدِّقوا به،
ويُكذِّبوا بنقيضه، ويعتقدوا موجبه، قبل حاجتهم إلى الذَّبّ عن ذلك، والردّ على مَن
يخالفه.
ومن هنا نفهم كيف أن بعض المُدافعين عن الإسلام والسُّنة فتحوا بابًا لأهل البدع
والانحراف ليَطْعَنُوا في عقيدة أهل السُّنة والجماعة، أو يجدوا ثغرات يُبرِّروا
بها انحرافاتهم. والسبب أنَّ المتكلم الذي يقول: «إنه يَذُبّ عن السُّنّة» قد خالَف
السُّنَّة؛ إمَّا جهلاً، أو لهوًى، أو التزم لوازم باطلة حَاكَم إليها النصوص أو
الآراء أو الأشخاص، فرَدَّ باطلًا بباطلٍ، وربما قابَل البدعةَ ببدعةٍ، فنتَج عن
ذلك الخطأُ والظلمُ.
وعليه؛ فإنَّ الواجب
الأهمّ أن تُحرَس السُّنَّة بالحقّ والصِّدق والعَدْل، ومَن حقَّق ذلك
«ظهرت
له البراهين، وقوي به اليقين، وازداد به إيمان المؤمنين، وأشرق نوره في صدور
العالمين»[2].
[1] درء تعارض العقل والنقل: 7/182.
[2] الجواب الصحيح: 1/64.