• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
قراءة صهيونية لواقع الأحداث في سورية

قراءة صهيونية لواقع الأحداث في سورية


وصفت أوساط صهيونية مطلعة ما يحدث في سورية اليوم بأنه «نهايةٌ عمليةٌ» لحكم الرئيس السوري بشار الأسد، وربما يستغرق الأمر أسابيع أو شهوراً لكن السؤال الأهم هو: كم جثة ستوجد في الطريق؟ زاعمة أنَّه يحاول تصدير أزمته الداخلية إلى «إسرائيل» لصرف الأنظار عن الأعمال التي يقوم بها ضد المتظاهرين، وأن المشاهِد والأصوات التي تصل من سورية تشير إلى أن الطرفين، وصلا مرحلة يشعران فيها بنفاد كل السبل، ولن يتنازلا عن مطالبهما مهما كان الثمن.

وأضافت هذه الأوساط: أن الشعب السوري لم يعد يخاف الخروج للشوارع بجموعه، وبالمقابل فقدت السلطة الردع تجاه إطلاق النار الكثيف نحو صفوف الجماهير، وكلما تقلصت دائرة المؤيدين للأسد، يزداد إحساس الحصار لديهم، وخيبة أملهم، وسيبدون مستعدين للقتال حتى «السوري» الأخير، مقترحة قيام طائرات صهيونية بإنزال الأدوية بمظلات من طائرات صغيرة بدون طيار فوق مدن سورية، باعتباره «استثماراً جيد جداً للمستقبل».

مثلث الأسباب:

قال الكاتب الصهيوني «هافيل أماين»: إن النظر إلى ما وراء الأحداث السورية يعطي صورة أوضح لصانع القرار في تل أبيب لفهم حقيقة ما يجري بالإشارة إلى عدة نَوَاحٍ داخلية وخارجية:

1 - الأوضاع السياسية: العلاقات السورية مع الدول الإقليمية والمجتمع الدولي - تقريباً - سيِّئة، وفي أحسن الأحوال فاترة، إن لم تكن باردة.

2 - الظروف الاقتصادية: في ظل غياب الاقتصاد الرسمي ظهر «الاقتصاد المخفي»، الذي يشكِّل 30 ٪ من الناتج القومي، وبلغ عدد المهرِّبين ممن يديرون الآلة الاقتصادية 50 ألفاً.

3 - الأبعاد الاجتماعية: بسبب تعثُّر الاقتصاد، وغياب السياسة الداخلية - التي لم يكن الأسد مولعاً بها - صار الفساد سمة بارزة في المجتمع، وكانت نتائجه خطيرة على كل المستويات؛ فالنظام القضائي لفظ أنفاسه الأخيرة، وتدنَّى قَدْره، وصار فاسداً وعاجزاً، بسبب سيطرة الأجهزة الأمنية والمحاكم الخاصة التي لا أرضية دستورية لها، والنظام التربوي تدهور بحيث باتت الجامعات السورية بلا قيمة علمية، والعلاقة بين العاصمة دمشق وباقي المدن باتت تُقاس بـ «السرعة الضوئية»؛ فانتشر الفقر والبطالة، بينما بقيت العاصمة منتجعاً للفاسدين الكبار وأصحاب القرار النهائي في الدولة والمجتمع؛ ما عدا مدينة حلب بسبب تنافسها التاريخي مع دمشق، وهيمنة النخبة التجارية السنيَّة والأرمنية فيها، كما دخل الريف في غياهب النسيان؛ رغم مزاعم السلطة أنها جاءت من أجل الفلاحين، وزجَّت كثيراً منهم على مقاعد البرلمان.

الدولة الأمنية:

في المقابل، فإن سورية كانت قبيل اندلاع الأحداث الأخيرة «دولة متوترة ومجتمعاً غاضباً حتى النخاع وفي الوقت نفسه خائفاً محاطاً بالفزع»؛ حيث هدمت أركان الدولة والمجتمع، وتم إرساء 3 دعائم تزيد من انكسار الدولة مستقبلاً، وتقويض أعمدة المجتمع:

الأُولَى: مجموعة من الأجهزة الأمنية أصبحت مراكز قوى تؤثر ظاهراً وباطناً على كل مفاصل الدولة والمجتمع، أهمها المخابرات العامة والمخابرات العسكرية والأمن السياسي والمخابرات الجوية.

الثانية: محاكم تعسفية غير مؤسَّسة دستورياً كالمحكمة العليا لأمن الدولة ومحكمة الأمن الاقتصادي، وتحولت المحكمة الدستورية العليا «وحشاً بلا أنياب» لمحاسبة المتلاعبين بالدستور والمعتدين عليه.

الثالثة: الجيش العقائدي التابع لحزب البعث، والمسيطَر عليه من قِبَل الأسد والضباط المقربين منه.

وينوِّه إلى ملاحظة غاية في الأهمية تخص أداء الدولة السورية في مواجهة الأحداث، وتتعلق بأن بشار الأسد الذي أعلن أكثر من مرة عن الحاجة للتغيير، واجه معارضة قاسية مما يوصفون بـ «الحرس القديم»؛ فكان كلٌّ منهما يحاول أن يسيطر.

شيء واحد غاب عن بشار (أو غيَّبه)، وهو: أن تلك العصبة المسيطرة على الثوابت الثلاثة الراسخة هي التي جاءت به للسلطة لاستمرار النظام الذي أراده والده، وغيَّرت الدستور، كَوْنَ الرئيس يجب أن يكون عمره 40 عاماً في حين أن عمره لم يتجاوز 34 عاماً وقتَ موتِ والده... هذان النقيضان بدءا يخوضان صراعاً ساكناً، لكن ناره تحتد وتشتد شيئاً فشيئاً.

ومع ذلك، فقد كان بشار في البداية عازماً على القيام بالإصلاح السياسي والاقتصادي معاً، لكن ضغط المتشددين البعثيين جعله يركز على الأمر الثاني فقط؛ بحيث أراد «وضع الخبز قبل الحرية»، وأن الديمقراطية وحقوق الإنسان عليهما أن تنتظرا دَورَهما، وأقصى ما توصَّل إليه هو خفض سعر تكلفة البناء أو المازوت، وهذه إجراءات تكون في أية دولة بلغت الديمقراطية وليست آليات لتحقيق الديمقراطية في بلد تعاني من الحكم الدكتاتوري المطلق، ويطالب شعبُها بالديمقراطية!

كما أن بشار بدأ يواجه مرة أخرى ثنائية من النقائض؛ حيث لا يمكن تحقيق الإصلاح الاقتصادي دون أن يكون ذلك موازياً للإصلاح السياسي الشامل؛ لأن المنظومة الاقتصادية في نهاية المطاف تخضع لبيئة مفتوحة سياسياً وقوانين صادرة من أعلى المراكز السياسية لولادة الاقتصاد الحر.

 تراجع الرهان الإقليمي:

لا شك أن مرحلة في حياة سورية قد أوشكت على الانتهاء؛ بالرغم من «الرهان الإقليمي والدولي» على دمشق بسبب استحواذها على بعض الأوراق الهامة مثل: علاقتها بإيران، والتدخل في العراق أو لبنان، وتمسُّكها بحماس وحزب الله، والجبهة الهادئة في الجولان منذ عام 1967م بالرغم من صيحات المقاومة والممانعة، وإيوائها لمنظمات فلسطينية، بدافع السيطرة عليها.

لكن هذا الرهان بدأ يضعف ويفقد بريقه بسبب ثورة الشعب السوري ضد النظام وترهُّل الجبهة الداخلية، كما أن المنـاخ الإقليمـي والدولـي قـد تغيَّـر، أو علـى وشك أن يتغيـر. ولا شك أن النظام السوري يحاول تفعيل هذه الأوراق بكل الطرق والوسائل، والتشبث بها لترويع الدول الإقليمية، والضغط على المجتمع الدولي، لا سيمَّا إذا اقتربت خطاه من غرفة الاحتضار.

ويمكن إرجاع ذلك إلى المأزق الكبير الذي سقط فيه بشار بمحاولته التوفيق بين نقيضين يستحيل أن يجتمعا (التغيير، والاستمرارية)؛ فلا يمكن أن يكون هناك تغيير بدون فك البنية التحتية التي يقف عليها النظام، وإسدال الستار على العقلية الأمنية والعسكرية، وهذا يعني زوال الاستمرارية لصالح التغيير.

وبوجود هذا المأزق، وجد بشار نفسه بين «فكَّي الأسد»، وهو ما يجعل المرحلة القادمة شاهدة على تحقُّق أحد السيناريوهات التالية، أو أكثر منها في الوقت نفسه:

1 - استمرار النزاع على ما هو عليه لفترة طويلة.

2 - تهدئة مؤقتة مع بقاء النظام، إلى أن تنظِّم المعارضة نفسها على كل المستويات، لخوض جولة قادمة وأخيرة. وبالإعلان عن انتهاء «صراع النقائض» قد لا يخبو صوت الشعب إلى أن يتم القضاء على قاتله.

3 - حرب أهلية بين القوميات والطوائف.

4 - تدخُّل دولي بشكل أو بآخر، وقد ينتهي بتدخُّل عسكري.

5 - انقلاب عسكري في غمرة الفوضى والانشقاقات.

 

se� |#;s� H�� -font-family: "Times New Roman";color:black;mso-bidi-language:AR-YE'>هي المحور الأول والأساس الذي يقوم عليه المحور التفسيقي السياسي بكل اتجاهاته[7]، وفي هذه القضية بالضبط تلتقي هذه الاتجاهات كلُّها مع المشروع الصهيوني.

إن ما سمي مغالطة بحُريَّة المرأة، لم يكن القصد منه - كما تدل على ذلك دلائل الواقع الممارس عند هؤلاء وكذا تنظيراتهم وتصريحاتهم - إلا اعتقال المرأة في حدود جسدها. إن المرأة في النظرية الليبرالية ليست إلا متعة مطلقة من أي قيد؛ إنها مشاع جنسي.

وأحسب أن الشيوعية لم تلتقِ مع الرأسمالية كنظرية اجتماعية كما التقت معها في قضية المرأة.

وإنها بعد ذلك لأداة وأي أداة لتفسيق المجتمع. ولقد أجمع عليها المثقفون المنظرون والساسة الممارسون. حتى إن قياس التطرف الديني في بلد ما صار يقاس بمدى حرية المرأة في ذلك البلد، وما تصريحات مسؤولينا عنا ببعيد.

3 - الأسرة:

ويكفي أن أشير - الكلام دائماً للأستاذ الأنصاري - إلى أن الأسرة هي المحضن الوحيد للتدين عندما تفسد كل المحاضن الاجتماعية. إن الأسرة هي المقر الأمين لاستمرار التدين في الناس ومن هنا كان هدمها إنما هو هدم لآخر معاقل الدين في المجتمع

فانظر أيَّ خطر تحتوي عليه دعوى تغيير مدونة الأحوال الشخصية[8]. إن المسألة ليست في الطلاق بيد من يكون؟ ولا في النفقة كيف يجب أن تفرَض؟ ولا في القوامة متى تبدأ ومتى تنتهي؟ و لا في العدل بين الزوجين، كيف يطبق كل ذلك؟ إنما هو أعراض للقضية وليس جوهراً فيها؛ لأن الاجتهاد الشرعي قمين بمراجعة كل ذلك.

إن الجبهة العلمانية إذ ترفع شعارات مثل هذه وأكثر؛ إنما تعمل على هدم المحضن الوحيد الأكثر فعالية والأكثر دفئاً وأمناً للتدين في المجتمع إن الأسرة إذن هي حصن الحركة الإسلامية الممتاز، الذي إن انهدم فلا انتظار بعده[9]

 3 - الشارع:

وهو في الحقيقة إفراز الفساد في ما سبق من عناصر تعليمية، وثقافية، وفنية، وإعلانية، واجتماعية. إنه صالة العرض الدائمة لكل ما ذُكِر وغيره؛ ولذلك فإن إشاعة الفاحشة فيه مقصد سياسي لتكريس منتجات الفجور المؤسسي من ناحية، ولتعويد العين الاجتماعية على مظاهره المقرفة حتى يصبح من المألوف اليومي، فلا تستنكر بعد ذلك فعلياً ثم شعورياً، وهو معنى التطبيع النفسي مع المنكر.

إن الناظر في كبريات مظاهر المنكر في الشارع كمفهوم اجتماعي يجدها منحصرة في الأمور التالية وما سواها يمكن ردُّه إليها وهي: الموضة والخدنية، واللغة، والخمارة، والنوادي الليلية.

كان هذا عرضاً موجزاً لأهم معالم نظرية الفجور السياسي التي هي في الأساس سياسة القصدُ منها الحد من تنامي الصحوة الإسلامية، ومن جهة أخرى ضبط التوازنات عبر آليات الحقل والحقل المضاد، وهي تفسير عملي وعلمي لواقع التدافع في المغرب بين المشروع الحركي الإسلامي والمشروع السياسي بشقيه (الرسمي والعلماني).

  

 


[1] نشرت نظرية الفجور السياسي على صفحات أسبوعية التجديد لسان حركة التوحيد والإصلاح،في ست حلقات ضمن نصف صفحة خصصت للراحل فريد معنونة فقه الدعوة: التدين أولا.ما بين 20بتاريخ 07 أبريل 1999.و ص 13 بتاريخ 02 يونيو 1999.

[2] الفجور السياسي خيار الجبهة العلمانية/الفرونكفونية بالمغرب –التجديد عدد 11 ص 15 بتاريخ 07 أبريل 1999

[3] الفجور السياسي- التجديد، عدد 14،ص14 بتاريخ 28 أبريل 1999م.

[4] كان في الماضي أما الآن فقد تضاعف الدعم الر سمي للمواسم بشكل كبير..

[5] ظاهر الفجور السياسي بالمغرب – التجديد، ع15، ص 17 بتاريخ 5 ماي 1999م.

[6] التجديد، ع 16، ص13 بتاريخ 12 ماي 1999م.

[7] خصص الدكتور الأنصاري لهذا الموضوع كتاباً مستقلا عنون له بـ: سيماء المرأة في الإسلام بين النفس والصورة.

[8] كان هذا قبل إقرار قانون مدونة الأسرة سنة 2004م. التي صادق عليها البرلمان المغربي في فبراير 2006م.

[9] التجديد، ع 18،ص15 بتاريخ 26 ماي 1999م.

 

 

 

أعلى