البغاء في الأعراض هو ارتكاب الفاحشة الكبرى، حيث تكون بالتراضي بين الفاعل والمفعول به مقابل أجر، ولا يجد طرف من الأطراف غضاضة في الإعلان عن ذلك، وهو أمر مشاع ليس مقصورًا على أحد، ويستطيع المفعول به أن يعطي أكثر من شخص إمكانية أن يكون الفاعل إذا دفع الأجرة. وبرغم أن بغاء الأعراض فاحشة منكرة تأباها النفوس السوية إلا أن هناك نوعًا آخر من البغاء لا يلتفت إليه كثير من الناس وهو البغاء السياسي، وهو قريب في مجمله من بغاء الأعراض، حيث يرضخ طرف سياسي (المفعول به) لرغبة طرف آخر (الفاعل)، أو ربما يطلبه ويستدعيه للقيام بالفاحشة السياسية. وما نشهده في أوضاعنا من استعانة البعض بالغرب وأمريكا كي يحققوا لهم بعض ما يريدون في مقابل أن يحققوا لهم كل ما يطلبون هو من البغاء السياسي.
لقد أصبحت أمريكا بفعل الخونة وتصرفات الفاسدين الفاعل الأكبر الذي يرسم ويخطط سياسات بلداننا، ولم يعد الأمريكيون كما كانوا في السابق يستخفون بفعلتهم حفاظًا على ماء وجه الأنظمة، بل صاروا الآن يعلنون ويصرحون بما يريدون والكل راضٍ موافق بما يفعلون ليس لهم هم إلا أن يكون تصرف أمريكا والغرب في صالحهم وضد خصومهم، وكل طرف يحاول أن يسترضي الغرب ويقدم له ما يكون دليلاً على رضوخه التام لمطالبه، فيناقض المعلوم من دينه ويهدم أصوله ويحارب الصادقين من أتباعه ويؤخرهم ويقدم عليهم المناوئين له. ولقد بلغ الصلف الأمريكي مبلغًا لا يتصور حتى إن الكونجرس الأمريكي يجتمع ويقرر قرارات متعلقة بدولنا، وكأن دولنا ولاية من الولايات الأمريكية، حتى إنهم يتدخلون في تعيين الرؤساء واختيار الحكومات! ولا يستحيي البعض منا من التصريح بأن أي رئيس لنا لا بد أن تكون أمريكا واليهود راضين عنه، أو بأن العلاقة مع أمريكا هي علاقة زواج وليس نزوة عابرة.
هذه الحالة المزرية لأوضاعنا لن ينتشلنا منها غير العودة السريعة القوية بلا تردد أو توانٍ إلى ديننا، فاللهم ردنا إليك ردًّا جميلًا.