الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، وبعد:
[إننا على علم أن اللورد «روبرت سيسيل» (رئيس اتحاد عصبة الأمم)، قد تنبأ في خطاباته التي ألقاها في الولايات المتحدة، داعماً عصبة الأمم بأنها في نهاية أمرها ستجعل من القدس مقراً رئيساً لها].
حقيقةٌ سطرتها صاحبة كتاب «الثيوقراطية الباطنية» عام 1933م، ثم جاء قرار تقسيم فلسطين بعدها بأربعة عشر عاماً ليؤكد أنها لم تكن مجرد دعاية. لقد جاء في قرار الجمعية العمومية 181 الذي صدر عام 1947م، ما نصه: «تنشأ في فلسطين الدولتان المستقلتان (العربية واليهودية)، والحكم الدولي الخاص بمدينة القدس». فجوهر التقسيم إذن ثلاثة أمور: دولة يهودية، ودولة فلسطينية، وقدس دولية مستقلة لا يحكمها أحد من هاتين الدولتين، كما صرح بذلك قرار التقسيم فيما بعد.
كانت هذه صيغةً مواتية للفاتيكان، جديرةً بأن يدافع عنها، فهي كفيلة على الأقل بمنع التصرف اليهودي والإسلامي في القدس.. لذا صرحت صحيفة «كيفيلتا كاتوليكا» - لسان الفاتيكان الرسمي – في (فبراير 1951م)، بأنه «من الضروري أن نضغط على ممثلي الأمم المتحدة من الدول الكاثوليكية كي يشكلوا جبهة صلبة تدافع عن تدويل القدس، كما أقرته الأمم المتحدة...». فلما أَعلنت إسرائيل القدس «عاصمة موحدة وأبدية»، اعترضت الفاتيكان بشدة، وأكد البابا يوحنا بولس الثاني ضرورة أن يكون للقدس «وضعها الدولي الخاص والمضمون».
ولقائل أن يقول: إن هذا التنقيب في ذاكرة التاريخ لم يعد ذا أهمية في واقع الأرض المقدسة.
ويجاب عن هذا بأن قرار التقسيم وتدويل القدس لا يزال سارياً، كما أكدت ذلك الجمعية العمومية في دورتها السادسة والستين، بتاريخ 26 /1 /2012م - أي قبل عامين فقط. فالقول بأن قرار التقسيم من أحافير التاريخ لا يقول به متابع لشأن القدس؛ وإلا فما سر زيارة كبير الروم للقدس؟
يجيب وزير خارجيته «بييترو بارولين» بأن البابا إنما جاء ليؤكد أموراً ثلاثة:
1) حق إسرائيل في «الوجود والعيش بسلام وأمن داخل حدودها المعترف بها دولياً».
2) حق الشعب الفلسطيني في أن «يكون له وطن مستقل يتمتع بالسيادة».
3) الاعتراف بالطابع المقدس والعالمي لمدينة القدس. [الجزيرة الإخبارية].
أليس هذا هو قرار التقسيم بعينه؟! أليس من حقنا أن نخشى أطماع قومٍ كانت لهم مملكة في بيت المقدس؟