الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وبعد:
لقد أنزل الله تعالى الصحابة - رضي الله عنهم - المكانة الرفيعة وبوأهم المنزلة السامقة، وجعلهم في الفضل درجات ومستــويات. فــتواترت الأدلة على أن أفضلهم الخلفاء الراشدون - رضي الله عنهم - ثم بقيَّة العشرة المبشرين بالجنة ثم أهل بدر ثم أهل بيعة الرضوان، ثم من أنفق من قبل الفتح من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والعشرة كلهم من أهل بيعة الرِّضوان، الذي وعدهم الله جميعاً بالحسنى: {وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْـحُسْنَى} [الحديد: 10]، وهذا ثناء كبير وتزكية عظيمة من رب الأرباب، فهيهات أن يدرك غيرهم هذه الفضيلة؟ وعليه فإنه لا عبرة بعد هذا الوعد الحسن والثناء العطر بما كان من تسلط بعض أعداء الله تعالى عليهم؛ كما هو شأن أعداء الملة والدين من أهل الأهواء والرويبضة، فقد طفقت تلك الحثالة تسدد سهام طعونها نحو خيار الصحابة - رضي الله عنهم - بلمز أفاضلهم، واستمرؤوا الوقيعة في أعراض كوكبة منهم، كان على رأسها بعد الشيخين معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص - رضي الله عنهم أجمعين -، ولكن هيهات!! فقد تواتر عند علماء الأمة أنه لا يشك في جليل قدرهم وعظيم فضلهم إلا مبتدع منافق خبيث[1]، فأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هم خير الناس وأفضلهم بعد الأنبياء.
وقد اختصــر بيـــان هذه المكـــانة الجليلة عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - بقوله: (كانوا أفضل هذه الأمة، أبرها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، اختارهم الله لصحبة نبيه، ولإقامة دينه؛ فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم على أثرهم، وتمسكوا بما استطتعم من أخلاقهم وسيرهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم).
وتجرؤ بعض أهل الأهواء من المعاصرين ممَّن ينسَب إلى البدعة بأنواعها المختلفة، وممَّن ينسب إلى التيارات الغربية المعاصرة، وأشباههم من المهزومين، على بعض أولئك الأفذاذ، هو في الحقيقة جرح بالنبي صلى الله عليه وسلم وجرح في دين الإسلام، كما ثبت ذلك عن الإمام مالك وأبي زرعة الرازي وغير واحد من الأئمة.
إنَّ الانتصار للصحابة - رضي الله عنهم - انتصار للدين، وذبٌّ عن سيد المرسلين، وهو من أوجب واجبات العلماء والدعاة؛ بل هو واجب على كل مسلم يحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فاللهم انصر مَن نصر الدين.
[1] انظر: الكبائر للذهبي (236 - 240).