التطاول اليهودي على المسجد الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح - رضي الله عنه - حَلْقة من سلسلة طويلة من العدوان المنظم لتهويد الأرض المباركة، وتغييب هويتها الإسلامية. وفي السياق نفسه تتواصل الحفريات اليهودية تحت المسجد الأقصى، ويتواصل تطاوُل المنظمات اليهودية على المقدسات الإسلامية، ويتواصل مسلسل التهجير والتهويد وتغيير المعالم التاريخية في مدينة القدس خصوصاً. واستمرار هذا التطاول، بل تصاعده يوماً بعد يوم، يدل على عدة أمور: الأمر الأول: أنَّ عمليـة السلام مـع العدو الصهيـوني لا يمكن أن تحفظ الحقوق والمقدسات، ودوامة المفاوضات العبثية واللقاءات الدبلوماسية، لن تثمر إلا مزيداً من الخسائر والاستسلام والخنوع والرضى بالأمر الواقع. الأمر الثاني: الصراع مع اليهود ليس صراعاً قومياً أو وطنياً، ولم يكن في يوم من الأيام صراعاً على الأرض، أو المصالح السياسية والاقتصادية، بل هو صراع ديني، تتجلى فيه بوضوح جذور وأبعاد العقيدة اليهودية المنحرفة التي تُعَدُّ البوصلة الحقيقية لتحريك مواقف الأحزاب اليهودية السياسية. وعلى الرغم من وضوح هذه العقيدة في الجانب اليهودي واستحضار ساستهم لها، إلا أن أدعياء العروبة يتحرجون أشد التحرج من إبراز الوجه الديني للصراع، ويسعون بكل ما استطاعوا من قوة لتغييب الإسلام وإبعاده عن ساحة الصراع! الأمر الثالث: الصمت العربي المريب إزاء انتهاك حرمات المساجد والمقدسات الإسلامية، ليس له تفسير إلا استمراء الضعف والخزي والمهانة. الجدير بالتأمل أن الهبَّة الفلسطينية لمواجهة العدوان في مدينتي الخليل وبيت لحم وغيرهما، تدل دلالة واضحة على أن الشعب الفلسطيني يزداد قوة وحيوية، ولم يستسلم لمشاريع الاستسلام والتهويد، وعُمَّار المساجد هم الأمل الحقيقي لاستنقاذ الأمة ومقدساتها من طغيان التهويد وخزي الخيانة.