الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه، وبعدُ:
يمكن ملاحظة قاسمٍ مشترَكٍ في علاقة أكثر الأمم باليهود يتمثل بالصور التالية:
الأولى: أَمْن اليهود هدفٌ أسـاسيٌّ للقوى العظمى، فيدور على ألسنة زعمائها، وفي برامجهم الانتخابية، ويلبس كثير من ساستها الطاقية اليهودية (الكيباه) أمام حائط البراق (المبكى)، مع أنهم ليسوا يهوداً فيما يظهر!
الثانية: السكوت عن جرائم اليهـود من دول ومنظمات ربما يكون لها مواقف أكثر جرأة في حوادث مشابهة، ومع أن هؤلاء سلِموا من خزي التأييد الصريح للصهاينة، إلَّا أنهم وقعوا في هوان الصمت.
الثالثة: رضا اليهود عن الضعفاء يمنحهم ضمانات بمساندتهم سياسيّاً، أو بمعونتهم اقتصاديّاً، أو بإخماد الأصوات المطالبة بالحقوق داخل هذه الكيانات الضعيفة خارجيّاً المستأسدة داخليّاً.
ويفسر بعض المحللين هذه المكـانة اليهـودية باستحواذهم على الاقتصاد والإعلام، وهذا القول لا يخلو من وجاهةٍ بَيْد أنه لا يشرح الواقع كليّاً؛ لأن الاقتصاد والإعلام ليسا حكراً على اليهود، والمنافسة فيهما شرسة بين البلاد التي تبحث لها عن موضع صدارة وقوة.
بينما يذهب آخرون إلى طرح سؤال مفادُه: مَن يستفيد من الآخر بطـريقة أكبر: اليهود أم الغرب، وأمريكا تحديداً؟ ومن الإجابات المقترحة: أن دولة اليهود المغروزة في قلب عالمنا تعمل وكيلاً لأمريكا والغرب، ونقطةَ انطلاق لهم في حال الضرورة، ومِن ثَمَّ فهي أداة لتحقيق المصالح الغربية في المنطقة. كما يشير آخرون إلى البُعد الديني في العلاقة بين اليهود والنصارى.
وفي كلِّ رأي طرف من الحقيقة؛ بَيْدَ أن الأمر المؤكد لدينا أن بعضهم أولياء بعض حين تكون الأمة الإسلامية هي الطرف المقـابل، ومن ثَمَّ يذوب أيُّ خلاف بينهم ما دامت المواجهة قائمة معنا، ولو اختلفوا على أنصبتهم فلن يختلفوا على أولوية كبت هذه الأمة.
أما الأمر الأهم فهو رَفْع مستوى حذر المسلمين من أعدائهم، وزيادة وعيهم بأساليبهم الماكرة لتوهين المسلم، وخلخلة أسرته، وتشويه معالم ثقافته، وسلب إرادته، ونهب خيراته، ونشر الفوضى في دياره، وإحالته إلى مستهلك لا يقوى على شيء سوى انتظار ما يأتيه من عالَم يُضمِر له الخديعة والعداء، وما أهون مَن يرضى بهذه الصفة المزرية ولديه المقدرة على أن يكون فاعلًا لا مفعولاً به ولا مجروراً!