الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، وبعد:
لا شك أن العالم يعاني حالياً من انفجار معلوماتي هائل؛ بدلاً من محاور تواصل محدودة تدور حول الأحياء من خطيب أو شاعر أو أديب أو كاتب، أو تواصل مع بعيد عبر الكتاب أو التراث الفقهي المحفوظ... ومن ثَمَّ فهناك تجانس كبير في كل شعب من ناحية العقائد والتقاليد وحتى في اللباس وطابع البناء، ويُلاحَظ كثرة اللهجات المحلية... والمحصلة أن هناك استقراراً في كل شيء ودورات التغيير متباعدة، ولكن مع ثورة التواصل خلال السنوات القليلة الماضية تعرَّض الإنسان إلى كمٍّ هائل من المعلـومات المتناقضة التي يختلط فيها الصدق بالكذب، وتطور الأمر إلى أنَّ الكذب أصبح صناعة حتى أنك لا تستطيع معرفة ماهية ما يحدث من حولك؛ ليس بسبب انعدام المعلومة بل بسبب كثرة المعلومات الموجَّهة؛ فمن كثرة المعروض يصعب تكوين فكرة حقيقية بل يُفرَض على الإنسان المسكين فكرة أو مبدأ أو موقف نتيجة الاستهداف الممنهج، وأصبح الإنسان ضحية لصناعة الجهل ولا مخرج من هذا إلا اتباع التوجيه الرباني الذي هو أساس في الحكـم على الأشخاص والتجمعات بل حتى الدول، ومنه يسهل معرفة الحقيقة، قال تعالى في سورة آل عمران : {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [آل عمران: ٧].