الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، وبعد:
قيل لحمدون القصار - رحمه الله -: ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا؟
قال: لأنهم تكلموا لعزِّ الإسلام، ونجاة النفوس، ورضا الرحمن، ونحن نتكلم لعزِّ النفس، وطلب الدنيا، وقَبول الخلق.
هـذه الإجابة الـمُحْكَمة اختصـرت المقاصد التي يجب أن يسير عليها مَن يريد أن يُكتَب لعلمه البقاءُ، ومن يرغبُ أن يكونَ له تأثير عميق يبقى ذخراً له بعد وفاته:
1- مقصد تحقيق رضا الله (الإخلاص لله تعالى).
2- مقصد نجاة النفس (العمل الصالح).
3- مقصد السعي لعز الإسلام.
كما تضمنت القوادحَ المضرة بهذه المقاصد، وهي:
1- أهواء النفوس.
2- ومراءاة الناس.
3- والتكالب على الدنيا.
وليس عجيباً على من حقَّق هذه المعاني العظيمة، وألزم نفسه بالتمسك بهذه المقاصد السامية التي تتجرد فيها النفس للحق، وتُخلِص العمل لله، وتسعى لنصرة دين الله أن يكافئها الله بالأثر النافع والقبول الكبير في الدنيا.
هي رسالة لكلِّ قائمٍ بخير في هذه الدنيا: من نَشْر علمٍ، أو سعيٍ في إغاثةٍ أو نَفْعٍ عامٍّ، أو أَمْرٍ بمعروفٍ أو نَهْيٍ عن منكرٍ، أو غيرِ ذلك من أبواب الخير... أن يسعى في امثتال هذه المقاصد قَدْرَ طاقته، وأن يجتنب ما يضادُّها من المقاصد المزاحِمة، حتى يباركَ الله في سعيه، ويضاعفَ أجرَه، ويعظِّمَ من نفعه؛ فكم من عمل قليل وجهد يسير يكتب الله فيه من الخير والنفع والتأثير ما يفوق جهود غيره، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.