الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، وبعد:
تشير أسفار أهل الكتاب إلى شريعة الصوم في مواطن متفرقة من العهدين القديم والجديد، لكنها لا تتحدث عن فريضة محددة بمدة وزمن، إلا في يوم الغفران أو الكفارة المعروف في العبرانية باسم «يوم كيبور»، وهو اليوم العاشر من «تشرين»، أو «تشريه» بحسب التقويم العبري. وهو أقدس الأيام اليهودية على الإطلاق، ويجب صيامه على الجميع إلا ذوي الأعذار.
وهناك أيضاً «تِشعاه بآﭪ» أو التاسع من آب، وهو ذكرى خراب الهيكل، وهو يوم حزن. وليس في كتب اليهود ما يشير إلى فرضيته.
وثمة صيامات أخرى في اليهودية كـ«صيام جداليا»، و«العاشر من طيبيت»، وغيرها مما لم تأت به شريعة التوراة، وإنما أحدثه القوم من عند أنفسهم.
وليس النصارى بأحسن حالاً من اليهود في هذا الأمر، فالصيام عندهم يختلف باختلاف الطوائف. فهناك «الصيام الكبير» قبل «عيد القيامة»، و«الصيام الصغير» قبل «عيد ميلاد المسيح». وهناك «صيام الرسل» الذي جاء ذكره في سفر أعمال الرسل (13: 2): «وبينما هم يخدمون الرب ويصومون...»، وهو بعد «عيد العنصرة» بأسبوع. وهو من الصيامات التي حرصت عليها الكنيسة منذ عهد آباء الكنيسة، لكنه لم يرد على لسان المسيح عليه السلام.
وقد جاء عن المسيح عليه السلام أنه قال عن طرد الشياطين إنه لا يكون إلا بالصلاة والصيام (متَّى 17: 21). وهي عبارة عامة تشير إلى أهمية الصيام لكنها لا تقدم وصفاً لكيفيته.
وهنا ذكرى لكل مسلم بنعمة الله على هذه الأمة إذ بين لها شرائعها وفصل لها ما أحل لها وما حرم عليها فلا تختلف اختلاف أهل الكتاب.