الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
على خلاف الانطباع المسبق، فمن يتابع البرامج العلمية الجادة في شبكات التواصل الاجتماعي يلفت نظره التفاعل الكبير معها، واهتمام شرائح كبيرة من الناس بها، فالدروس العلمية التأسيسية في كافة الفنون وبرامج القراءة ومنصات التعلم وأكاديميات التعلم عن بعد تحظى بمشاركة أعداد كبيرة، إلى الحد الذي يبدي فيه كثير من أصحاب هذه التجارب دهشتهم من قوة التفاعل.
هذه الحقيقة تصحح الصورة النمطية عن البرامج العلمية الجادة، وأن طبيعة مادتها العلمية وطرحها الجاد يقللان من عدد المتفاعلين معها إلى حد تثبيط همم كثير من الناس عن القيام بأي برامج علمية جادة، وهذا خلاف الواقع، فشبكات التواصل الاجتماعية كما أنها خلقت بيئة لاشتهار بعض الشخصيات والبرامج التافهة والفاسدة، فإنها في المقابل أوجدت مجالاً خصباً للبرامج العلمية الجادة.
ميزة البرامج العلمية في هذا الفضاء أنها تتجاوز في العادة توقعات من يقوم بها، فالبرنامج يتمدد في فضاء افتراضي مفتوح، فيأتي إليه مستفيدون كثر راغبون في التعلم والاستفادة من بقاع مختلفة لم يكن يعلم عنهم أي شيء، كما أنها لا تحمل أي متطلبات مسبقة تثقل كاهل الشخص، ولا تحتاج إلى خبرات تقنية عالية قد يصعب توافرها.
هي دعوة للدعاة والعلماء والتربويين والمثقفين، ولكل متخصص في أي علم نافع، ولمن يمتلك أي مهارة مميزة أن ينتهز هذه الفرصة في نفع الناس، وتعليمهم، وتزويدهم بما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وسيجد من تفاعلهم ودعائهم وقبولهم ما يشجعه ويقوي من عزمه.