الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه، وبعدُ:
ساتوشي ناكاموتو، اليابانيُّ المجهولُ الذي يقالُ إنه واضعُ البرنامجِ التنفيذيِّ المرجعيِّ لعملةِ البيتكوينْ، يسلمُ المشروعَ رسمياً إلى آخرين ثم لا نسمعُ عنه ثانيةً ولا نعرفُ من هو! إنه يذكرُنا بناشرِ البروتوكولاتِ، سرجيه نيلوس، الذي يقولُ: «لقد تسلمتُ من صديقٍ شخصيٍّ - هو الآنَ ميتٌ - مخطوطاً يصفُ بدقةٍ ووضوحٍ عجيبين خطةً وتطوراً لمؤامرةٍ عالميةٍ مشؤومةٍ»، ثم لا نعرفُ عن أحدِهما شيئاً!
مما يجبُ أن يعلمَ عن هذه العملةِ - كما ينصُ الموقعُ الرسميُّ لها - ما يلي:
- ليست مأمونةً.
- سعرُها متقلبٌ. وهو ما يوردُ احتمالَ الاغتناءِ والفاقةِ بينَ عشيةٍ وضحاها.
- كلُ أحدٍ يمكنُه رؤيةَ رصيدِ ومعاملاتِ أيِّ حسابٍ مشاركٍ، مما يتيحُ سجلاً كاملاً لدى صناعِها.
إن عملةَ بيتكوين تشبهُ إلى حدٍ كبيرٍ ما حدثنا عنه أصحابُ نظريةِ المؤامرةِ الذين «تنبؤوا» بعملةٍ عالميةٍ تتحكمُ فيها نخبةٌ من أربابِ الأموالِ، بغضِ النظرِ عن دعاوى السريةِ والأمانِ التي تكتنفُها.
لقد نشرتْ الـ«إكونوميست» مقالاً بعنوانِ: «استعدوا لعملةٍ عالميةٍ». إن المقالَ لم ينشرْ قبلَ شهرٍ أو شهرين أو عامٍ أو عامين، وإنما نشرَ بتاريخِ 1/9/1988م أيْ قبلَ ثلاثين عاماً. يُستهلُ المقالُ بهذه الجملةِ: «بعد ثلاثين عاماً من اليومِ، ربما يدفعُ الأمريكيون واليابانيون والأوربيون وأناسٌ من دولٍ ثريةٍ أخرى، وأخرى فقيرةٍ نسبياً عن تسوقِهم بالعملةِ ذاتِها. ولن تسعرَ القيمةُ بالدولارِ، أو الينِ أو الماركِ الألمانيِّ وإنما لنقلْ بعملةِ الفينكس».
إن السطحيةَ في تناولِ هذا الموضوعِ ستضرُ حتماً، وإنما أوجزْنا النقاطَ أعلاه ليعلمَ من يتعاطاه أن الأمرَ ليس مصادفةً بريئةً، ولا يدارُ اقتصادُ الدولِ من قبلِ حاسباتٍ أو برامجَ مجهولةِ المصدرِ. والحكمُ الشرعيُّ المتعلقُ بهذه العملةِ مرتبطٌ بتصورِ وسائلِها ومآلاتِها والغرضِ منها.