الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه، وبعد:
التجديد في الأعمال وقياداتها سمة تميز لا تخلو منها أي مؤسسة ناجحة، أو تطمح للبقاء في دائرة المنافسة والسعي للتفرد. ومن سنة الله الثابتة ألا يظل شيء في الدنيا بمنأى عن التغيير.
إن رحيل القامات شديد على النفس، ويصعب قبوله مع طول الإلف؛ بيد أنه من ناحية أخرى، يؤكد على حيوية المكان ونجابته، وعلى أن الخانات لا تملأ تحت وطأة الضرورة، وأن حقول النفع والتأثير رحبة متنوعة؛ وفي مواهب الإنسان ما يستحق أن يشاع فتنتفع منه عدة أعمال ومؤسسات.
واليوم؛ يترجل عن رئاسة تحرير مجلة البيان فارس كبير، وقامة علمية وفكرية ذات آفاق واسعة، وعلاقات متشعبة، وحضور إيجابي فاعل في ساحة العمل الإسلامي الدعوي، والتربوي، وفي مسارات السعي الحميد للوفاق، والتآلف، والتطاوع.
وقد تطورت المجلة خلال السنوات التي تولى قيادة دفتها، ورئاسة تحريرها الشيخ أحمد بن عبد الرحمن الصويان، فتميزت بالعمق، والشمول، والمواكبة؛ مما حماها من السقوط تحت رماح الحضور الإلكتروني الرهيب، الذي أقصى المطبوع في أماكن شتى من العالم.
والمجلة إذ تودع رئيسها السابق بالدعاء له بالقبول فيما مضى، والتوفيق في أعماله القادمة، والتي منها رئاسة مجلس إدارة المجلة، لتسأل الله التوفيق والعون لخلفه وهيئة التحرير؛ فالحمل ثقيل، والفقد كبير، والمسؤولية تتعاظم، خاصة مع تلاحق الأحداث، وتتابع الفتن، فضلاً عن منافسة النشر الإلكتروني.
ولعل مما يطمئن قراء البيان وجمهورها العريض، أن مجلتهم ذات سياسة واضحة، ومنهج لاحب، وضوابط شرعية ومصلحية معلنة ومعروفة، من ثم فلن ينال التغيير جوهر المجلة، ولا مسارها العام؛ دون أن يكون ذلك مانعاً يحول دون التجديد والمراجعة، ومحاولة فرض الحضور في عالم تتناقص أوراقه المطبوعة!
ونهتبل هذه الفرصة لدعوة القراء والكتاب والمتابعين إلى التواصل الدائم مع المجلة عبر قنواتها المعلنة؛ فالمجلة وهيئة تحريرها تتسع صدورهم للمقترحات والملاحظات والتعقيبات، ولعل الناظر عن بعد أن يكون أبصر ممن يراقب من داخل العمل، ولربما تغيب عن المجلة فكرة أو زاوية، ويكون في ارتيادها خير عظيم لأمتنا في دينها ودنياها.
هذا، ومن الله نستمد العون، وعليه التكلان، والحمد لله أولاً وآخراً.