الحمد لله الواحد القهار قاصم الجبارين ومُذِلّ المتكبرين، وبعد:
فقد عِشْنا فترة الحرب الباردة وانتهائها بسقوط الاتحاد السوفييتي ومنظومته الاشتراكية، وتفرُّد الغرب بقيادة أمريكا بأسباب السيطرة والقوة، وابتلائهم بالغلبة؛ كما حكى الله -تعالى- عن بني إسرائيل: {قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 129]، وكما كان العلو كبيرًا فالسقوط سيكون غاليًا.
ونحن الآن أمام إرهاصات صراع من نوع جديد؛ فقد تفتَّق ذِهْن خبراء الحروب الغربيين عن نظرية جديدة في الحروب، والتي هي في حقيقتها صراع من طرف واحد، وهو ما يسمَّى بالحرب الهجينة التي تعني إنهاك الضحية المستهدَفة بالصراعات الداخلية والتدمير البطيء لهياكل الدولة والمجتمع، ويكون التدخل من أجل استمرار الصراع وليس حلّه، وهكذا ينهار البلد المستهدَف بدون تدخُّل مباشر، فكلّ الخسائر والتكاليف يَدفعها الضحايا، ويصدق هذا على اليمن، وبصورة أوضح ليبيا.
وقد شهد العالم عمليات تدمير منظَّمة للبنى الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وفرض رؤًى وأفكار، وحتى عقائد السيد الأوحد، ولكنَّ الخطأ القاتل للغرب أنه حاول تطبيق النظرية على روسيا، من خلال إغراقها في أوكرانيا.. ولكن الأحداث بيَّنت أن هذه الحرب لا تنفع مع قوى قادرة على الرّد بحرب موازية، ووقع الغرب في مصيدته، ولنتخيَّل نهاية صراع الوعول عندما تتشابك قرونها؛ فالإنهاك مُتبَادَل، وغالبًا يكون الفائز أحد المتفرجين.