الحمدُ للَهِ ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه، وبعدُ:
في القدس حيث تقف الأحجار بجانب إنسانِه تقذف مستعمريه، في القدس يكتب التاريخ حروفه بمداد من لحم ودم، في القدس شاهدٌ على أمَّة حيَّة لا تموت آمالها، لأن بذورها غرستها آيات من الرحمن تنبت كلَّ يوم.
في القدس تمشي البشارات على قدمين، لا تُوهِن الآلامُ من عزم أبنائه بل تهون، وحين يُسأل عن تلك الجبال الشامخات مصدرِ ثباتِها، نقول: ذلك سرٌّ لا يعلمه إلا المستيقنون.
لا هراوات المستوطنين، ولا هرولات المطبعين ولا نكوص الساقطين الراقصين على أشلاء شهدائها يقتل الحلم البريء فوق أفواه أطفالها.
قرارات أممية، اتفاقات السلام، مؤتمرات أو تعهدات، صفقة القرن أيّاً كان الوصف أو المعنى أو الأهداف خفيُّها وجليُّها... وتبقى القدس أرض الأنبياء ومسرى نبيِّه عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين، لا تسلم نفسها للطامعين.
ثمة تجربة أجريت على عجماوات تُركت في إناء تصارع الموت دون أيِّ نجدة أو مُعين، فلم تلبث إلا 15 دقيقة واستسلمت للموت.
وحين أعيدت التجربة مع مجموعة أخرى أضيفت لها جرعة من أمل بأن أُنقِذت في لحظتها الأخيرة، ثم أعديت مرة أخرى إلى إناء الموت فظلت تقاوم 60 ساعة؛ ذلك أن يد المنقذ أحيت في نفوسها الأمل فقاومت وقاومت حتى إذا يئست هلكت. هذه قصة تجربةِ عجماواتٍ مع بني الإنسان.
فما بالنا ونحن نفخة من روح الرحمن الذي وعد عباده أنهم لَهُم المنصورون، وأن جنده لهم الغالبون. القدس لا نرى غدها اليوم حلماً بل يقيناً إنَّا عائدون.