الاتفاق النووي الإيراني .. أوروبا تستثمره وأمريكا تعاقبه
إزداد الخلاف حول الملف الإيراني بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة، حيث هدّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالانسحاب من الاتفاق النووي، حال فشل الكونغرس، وحلفاء واشنطن في معالجة "عيوبه"، متوعدًا بفرض "عقوبات قاسية" على طهران.
في المقابل، تدافع الدول الأوروبية عن الحكومية الإيرانية، وتقول إنها ملتزمة بالاتفاق النووي المُبرم بين إيران من جهة والولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى، في يوليو/ تموز 2015.
وبموجب الاتفاق، وافقت بموجبه طهران على تقييد برنامجها النووي، مقابل تخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب هذا البرنامج.
خبير العلاقات الدولية في مركز السياسات التابع لجامعة صبانجي التركية (خاصة) في إسطنبول، ألطاي أطلي، يقول إن الموقف الأوروبي المدافع عن إيران ضد الولايات المتحدة ناجم عن مصالح اقتصادية أكثر من كونه التزامًا بمبادئ القانون الدولي.
ورأى أطلي، أن إيران تعدّ حاليًا محط أنظار وتنافس المستثمرين الأجانب والأوروبيين، بسبب غناها بالنفط والغاز الطبيعي، إلى جانب سوقها الضخم واليد العاملة الرخيصة والمؤهلة فضلًا عن استقرارها مقارنة مع بقية دول الشرق الأوسط.
وأوضح أن الشركات الغربية لديها استثمارات ضخمة في إيران، مشيرًا إلى توقيع طهران صفقة ضخمة مع الشركة النفطية الفرنسية العملاقة "Total"، في تموز/يوليو الماضي، بقيمة 5 مليارات دولار.
ولفت الخبير التركي أيضًا إلى الصفقة التي أبرمتها مجموعة "سيمنس" الصناعية الألمانية في مجال الطاقة مع مجموعة "مابنا" الإيرانية للطاقة الكهربائية، في مارس/آذار 2016، وبلغت قيمتها 3.5 مليار دولار.
وبحسب أطلي، فإن الشركات الأوروبية ليست الوحيدة المهتمة بالسوق الإيرانية، فهناك مباحثات تجري في الوقت الراهن لشراء الخطوط الجوية الإيرانية 80 طائرة من شركة "بوينغ" الأمريكية، بقيمة 8 مليارات دولار.
وبعد إعلان دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ، مطلع 2016، رفع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، الحظر الذي فرضته بلاده منذ 1980، على بيع طائرات الركاب المدنية لإيران.
ومع رفع الاتحاد الأوروبي للعقوبات التي كان يفرضها على إيران، بسبب برنامجها النووي، بات بإمكان الأخيرة شراء طائرات ركاب من "بوينغ" الأمريكية أو من شركة "إيرباص" الفرنسية.
واعتبر أطلي، أن الولايات المتحدة قد تلجأ إلى فرض عقوبات على إيران، من طرف واحد، إلا أن هذا الأمر من شأنه أن يُحدث جُرحًا عميقًا بين واشنطن والعواصم الأوروبية يصعب تضميده في وقت لاحق.
وأوضح أن هذا الخيار الأمريكي قد يضع الشركات الأوروبية المستثمرة في إيران، أمام مشاكل متعددة، من بينها دفع عقوبات ضخمة للولايات المتحدة؛ بتهمة التعاون مع إيران والحرمان من الوصول إلى السوق الأمريكية.
وقبل أيام، أعلن المجلس الأوروبي، في بيان، أن الاتفاق النووي مع إيران جاء بعد جهود دبلوماسية استمرت 12 عاما، وأنّ هذا الاتفاق يعتبر من أهم ركائز نزع السلاح النووي في العالم.
وأشار البيان أنّ وكالة الطاقة الذرية الدولية، أكّدت 8 مرات، التزام إيران بفحوى الاتفاق، الذي ساهم في بقاء البرنامج النووي الإيراني لأغراض سلمية. وأفاد أنّ المجلس الأوروبي، سيستمر في دعم الاتفاق النووي مع إيران؛ لا سيما في هذه المرحلة التي زادت فيها التهديدات النووية.
ولفت المجلس إلى أنّ رفع العقوبات المفروضة على إيران بسبب برامجها النووية، ساهم في تعزيز التعاون التجاري وتأسيس قواعد الحوار مع هذا البلد.