• - الموافق2024/11/25م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
ولد الشيخ.. مبعوث التفاؤل الكاذب

ولد الشيخ.. مبعوث التفاؤل الكاذب

على نهج سابقه يتحدث المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ بلغة تفاؤلية بمثابة مسكنات وقتية تعطي جرعة أمل بالتقدم في العملية السياسية وإيقاف الحرب والوصول إلى حالة سلام شامل في البلاد.

في كل اللقاءات الصحفية التي يظهر فيها المبعوث الأممي ولد الشيخ متفائلاً بقرب الأطراف المتصارعة بالوصول إلى حل شامل لإنهاء الحرب الجارية والدخول في حوار شامل يقضي بإنهاء حالة الانقلاب وعودة الدولة.

أصبح لدى الكثير من الناس سوداء في اليمن أو في سوريا أو ليبيا أو في مناطق الصراع المختلفة بالمنطقة نظرة واضحة عن المسؤولين التابعين للأمم المتحدة خصوصاً من يحمل اسم "المبعوث الأممي" فلا يوجد أي مبعوث نجح في إنهاء حرب أو إعلان سلام شامل في أي دولة بالمنطقة.

قضى المغربي جمال بن عمر خمس سنوات منذ 2011- وحتى 2015 مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة إلى اليمن، كانت نتائج مساعيه دخول الحوثيين إلى العاصمة صنعاء والانقلاب على السلطة بعد عام كامل من الحوار اليمني اليمني برعاية الأمم المتحدة كلفت الدولة مبالغ هائلة، وذهبت كل تلك المفاوضات أدراج الرياح على وقع بنادق الحوثيين وخيانة قادة الجيش اليمني، من دون أن يكون للأمم المتحدة أي موقف واضح تجاه ما جرى سوى بعض البيانات الدبلوماسية التي تدعوا للتهدئة والعودة إلى طاولة الحوار.

وبالعودة إلى سيرة بطل قصتنا لهذا اليوم، إسماعيل ولد الشيخ أحمد المولود عام 1960 بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، الذي تحول من الاقتصاد إلى العمل الدبلوماسي والبعثات الأممية، فقد درس في جامعة "مونبلييه" بفرنسا وحصل منها على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد، وانتقل إلى جامعة "مانشستر" بالمملكة المتحدة وحصل على شهادة الماجستير في تنمية الموارد البشرية، ثم التحق بكلية "ماستريخت" للدراسات العليا بهولندا فحاز شهادة متقدمة في الاقتصاد وتحليل السياسات الاجتماعية.

عمل ولد الشيخ في ملفات كبيرة، من بينها ملف مواجهة "إيبولا" الوباء الذي اجتاح غينيا، وليبيريا، وسيراليون، وهدد بلداناً أخرى في الغرب الأفريقي.

وعلى مدى 28 عاما شغل عدة مناصب في الأمانة العامة لهيئة الأمم المتحدة بنيويورك أهمها منصب المنسق الإنساني في سوريا بين عامي 2008 و2012، ثم مبعوثا إلى اليمن بين عامي 2012 و2014 ثم رئيسا لبعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، في ظل الأجواء الملتهبة بعد مقتل العقيد الليبي معمر القذافي.

وبعد فشل المبعوث السابق إلى اليمن جمال بن عمر، واتهام التحالف العربي له بعدم النزاهة وتسببه في تسهيل الأجواء للحوثيين لاحتلال العاصمة صنعاء في يناير 2015، وقع اختيار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد ليكون مبعوثاً جديداً لليمن، نظراً لخبرته في الشأن اليمني ومعرفته بالفصائل السياسية والقبلية والحزبية.

ومنذ بداية استلام المهمة في اليمن، لم يقدم المبعوث الجديد أي تطور نوعي في فكفكة المشكلة اليمنية رغم الحوارات الطويلة التي خاضها مع أطراف الصراع، وعقد أربع جلسات مفاوضات ما بين سويسرا والكويت انتهت بالفشل الذريع من دون تحقيق أي تقدم في التفاوض وصولاً إلى حل شامل للأزمة الراهنة.

وقبل أسابيع أعلن ولد الشيخ إنهاء مشاورات الكويت بعد مرور ثلاثة أشهر من الجلسات التفاوضية من دون الوصول إلى أي فرص للتسوية السياسية وإنهاء الحرب وعودة الشرعية وإنهاء الانقلاب، في ظل تعنت واضح وتلاعب من قبل فريق الإنقلابيين (الحوثي وصالح).

وقدم المبعوث الأممي خارطة طريق جديدة تقضي بإجراءات ثقة بين الطرفين وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 2216، وترتيبات أمنية وعسكرية وانسحابات من بعض المدن، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، تم التوقيع عليها من قبل الحكومة اليمنية في ظل رفض حوثي لتلك الخارطة، ليخرج ولد الشيخ في نهاية المشاورات بمؤتمر صحفي يؤكد أن المشاورات لم تنتهي وأن هناك تقدم نوعي في سجل التشاور وبرنامج الثقة بين الطرفين داعياً أطراف الصراع إلى العودة إلى طاولة الحوار للمرة الخامسة في دولة أخرى لم يحددها.

كثير من السياسيين اليمنيين اعتبروا تلك التصريحات الصادرة من ولد الشيخ، مخيبة للآمال بل إنها أعطت للانقلابيين فرصة أخرى للتلاعب وممارسة مهام الدولة واعتقال المواطنين، واستمرار حصار المدن.

ويستغرب الكثير من المراقبين من النفس الطويل الذي يحمله هؤلاء الموظفين التابعين للأمم المتحدة، فلم يعرف عنهم حل قضية صراع في المنطقة إلا بعد سنوات طويلة من التفاوض والمشاورات، فالمنظمة الدولية أصبحت عاجزة عن فرض حلول ناجحة لإحلال السلام في المنطقة المشتعلة بفعل نيران محلية تثيرها أدوات إقليمية وغربية.

بل إن البعض يعد أن هذا التدليل الناعم للمليشيات الطائفية في اليمن وسوريا ولبنان والعراق جزء لا يتجزأ من عملية ممنهجة لتحويل المنطقة إلى نار مشتعلة بين الطوائف المتحاربة، وفرض الأقلية الشيعية للحكم على الأغلبية السنية التي دائماً ما يتم وصمها بالإرهاب رغم أن الإرهاب لا دين له ولا معتقد ولا مذهب.

مبعوث آخر يبدو أنه سيتجه نفس مسلك زميله السابق بن عمر، في توزيع الأمنيات والآمال المغلفة وفي باطنها الكذب الصريح، إذ لا تقدم في التفاوض ولا علامات حسن نية ولا توافق قادم، فالحرب هي التي تحتل الحيز الأكبر في المشهد اليمني وما سوى ذلك مجرد مسكنات وقتية واستغلال للوقت لتحقيق أكبر قدر ممكن من التوسع على الأرض.

والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هي الفائدة المرجوة من هذا النشاط المحموم للأمم المتحدة وإرسال موظفيها إلى كل دول المنطقة وتعيين مبعوثين برواتب ومصروفات هائلة من دون تحقيق أدنى قدر من السلام والكشف عن الأطراف التي تسببت بكل هذه الأنهار من الدماء التي تسال في الأرض العربية بدء من نظام بشار الأسد مروراً بالحشد الطائفي في العراق وليس انتهاء بالحوثي في اليمن، ومجموعات طائفية أخرى في عدة دول.

أعلى