• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
لماذا يصر ليبرمان على تشديد الحصار على غزة؟

لماذا يصر ليبرمان على تشديد الحصار على غزة؟


لم يكن من سبيل الصدفة أن يختار وزير الحرب الصهيوني الجديد أفيغدور ليبرمان الخميس الماضي أن يعبر عن مواقفه من قطاع غزة وحركة حماس والسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس دون أن ينسب هذه المواقف إلى نفسه شخصياً، بل إلى "مصدر أمني كبير". فقد أراد ليبرمان أن يمنح نفسه هامش مناورة واسع، بحيث أنه من ناحية يعيد الاعتبار لنفسه وأن يدلل على أن مواقفه لم تتغير بعد توليه المنصب الذي ظل يحلم به، ومن ناحية ثانية، فأن نسب هذه التصريحات لـ "مصدر أمني كبير" تمنحه مرونة كبيرة في كل ما يتعلق بتطبيق هذه المواقف، سيما لجهة التأجيل. فحسب ليبرمان، فأن مواجهة قادمة مع حركة حماس في قطاع غزة باتت "حتمية" وأن هذه المواجهة في حال حدثت فيجب أن تكون الأخيرة بحيث تفضي إلى "إسقاط" حكم حركة حماس مرة وللأبد. لكن ليبرمان حرص على الاستدراك بأن تحقيق هذا الهدف يجب أن يكون نتاج تطور ظروف تسمح بتبرير شن الحرب القادمة، مشدداً على أنه لا يفضل القيام بحروب "استعراضية". وفي الوقت ذاته، فقد عاد ليبرمان للتأكيد على مواقفه من محمود عباس واتهامه بإدارة "إرهاب سياسي" ضد الكيان الصهيوني. موقف ليبرمان هذا بدا متناقضاً بشكل كبير مع موقف رئيس أركان جيشه جادي إيزنكوت، الذي عزا خلال اجتماع عقده مؤخراً المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن عدم تعاظم وتيرة عمليات المقاومة في الضفة الغربية وعدم انضمام قطاعات أوسع من الشعب الفلسطيني لانتفاضة القدس، إلى الجهود الحاسمة التي تبذلها السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية. فحسب إيزنكوت، فأن هناك تبادل أدوار متفق عليه بين الجيش الصهيوني وأجهزة عباس الأمنية. ويقر إيزنكوت بأن جيش الاحتلال يقوم في كثير من الحالات بتطويق البلدات والقرى الفلسطينية؛ في الوقت الذي يقوم أمن عباس في هذه الأثناء بتمشيط هذه القرى وتلك البلدان وشن حملات اعتقال واسعة تطال من تدور حولهم الشبهات بشأن التخطيط لتنفيذ عمليات فردية. من هنا، فأن موقف ليبرمان يتصادم مع موقف المؤسسة الأمنية الصهيونية بشكل كبير. لكن نظرة متفحصة لما ورد على لسان ليبرمان في حديثه لكبار المعلقين والمراسلين العسكريين الصهاينة يدلل على أن ليبرمان يتحدث عن "الإرهاب السياسي" لعباس، ليس لأنه يصدق ما يقول، بل لأنه ببساطة عازم على مخططه المتمثل في الاستعانة بمحمد دحلان، المفصول من حركة "فتح"، والذي يعمل حالياً مستشاراً لنائب رئيس دولة الإمارات العربية، في إدارة شؤون قطاع غزة بعد إسقاط حماس والتمهيد لتوليه مقاليد الأمور في الضفة الغربية. إن الولوج إلى هذا الاستنتاج تسنى من ردود ليبرمان على الصحافيين الذين سألوه عن الجهة التي يتوجب أن تتولى مقاليد الأمور بعد إسقاط حكم حماس، حيث أصر على أن عباس لا يمكنه أن يلعب دوراً في ذلك "بل جهة أخرى".  وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن رهان ليبرمان على دحلان بات سراً معلن، فأنه يمكن القول إن الأخير يمثل "الجهة الأخرى" التي يتحدث عنها وزير الحرب الصهيوني. ويتضح أن تخطيط ليبرمان لجلب دحلان لغزة لا يعتمد فقط على شن حرب جديدة على غزة، بل على تشديد الحصار على قطاع غزة من أجل إبراز دحلان كـ "مخلص". من هنا، فقد خرج ليبرمان بقوة ضد فكرة تدشين ميناء لغزة أو أية فكرة يمكن أن تحسن الظروف الاقتصادية وتقلص مظاهر الحصار بشكل جدي. من هنا، فأن نظرية ليبرمان السياسية والأمنية تجاه غزة تتمثل في تشديد الحصار من جهة والاستعداد لحرب "فاصلة" ضد حماس وتهيئة الظروف أمام دحلان.

ما لا يريد ليبرمان إدراكه أنه إن كان بإمكانه شن حرب على قطاع غزة، فأنه ليس بوسعه فرض قيادة على الشعب الفلسطيني تأتي على ظهور الدبابات الإسرائيلية. هذا الزمن قد ولى بدون رجعة. ولا حاجة للتذكير مجدداً أن ليبرمان يختلف في الواقع مع كل المستويات الأمنية والعسكرية والاستخبارية في تل أبيب التي تؤكد أنه لا يمكن أن يخلف عباس إلا شخصية "متطرفة" بسبب حالة الإحباط من عوائد التسوية السياسية.

لكن ما تقدم لا يقلل قيد أنملة من خطورة  ما ورد على لسان ليبرمان في كل ما يتعلق بالحاجة إلى شن حرب على غزة، على اعتبار أنه يعد جزءاً مهم من دائرة صنع القرار في تل أبيب، وبالتالي يتوجب التعاطي مع تصريحاته بالجدية والمسؤولية اللازمة.

 

 

أعلى