مفاوضات بالنار على حدود غزة
قال محللون سياسيون فلسطينيون، إن حركة حماس، في قطاع غزة، تحاول فرض "قواعد اشتباك" جديدة، مع الجيش الإسرائيلي.
ورأوا في تصريحات منفصلة أن الاشتباكات التي جرت أمس، تشير إلى رغبة "حماس"، في إجبار الجيش الصهيوني على عدم اختراق حدود قطاع غزة، ووقف البحث عن "الأنفاق".
واندلعت مؤخرا، اشتباكات بين قوات الجيش الصهيوني ومقاومين فلسطينيين، يعتقد أنهم يتبعون لحركة حماس على الحدود بين إسرائيل وغزة.
وقال الجيش الصهيوني، إن مسلحين فلسطينيين أطلقوا "قذائف هاون" تجاه دوريات تابعة له قرب حدود قطاع غزة، دون قوع أي إصابات.
ورد الجيش الصهيوني بقصف أهداف في غزة، مساء أمس وفجر الخميس، أسفرت عن إصابة مواطن فلسطيني، بجراح متوسطة.
ويقول اللواء المتقاعد، واصف عريقات، إن "حركة حماس" في غزة، تحاول فرض "قواعد اشتباكات جديدة"، تتمثل في إجبار إسرائيل على التراجع عن حدود القطاع، وعدم التوغل إلى مسافات داخل السياج الفاصل.
ورأى عريقات، وهو ضابط سابق في الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالضفة الغربية، أن البيان الذي أصدرته كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس، مساء أمس كشف بوضوح عن هذه المعادلة.
وأضاف:" البيان كان واضحا، القسام تقول للجيش الصهيوني: قلقكم لا يُعالج على حدود غزة، (...)، وإلا فآلياتكم وجيشكم في مرمى نيران المقاومة".
وكانت كتائب القسام قد دعت في بيان أصدرته مساء أمس الجيش الإسرائيلي بمغادرة قطاع غزة، وعدم التذرع بأي سبب كان.
وأضافت "القسام":" توغلت وحداتٌ هندسيةٌ تابعة للعدو في محورين مختلفين، (...)، وأمام ذلك فإن كتائب الشهيد عز الدين القسام والمقاومة الفلسطينية ترى في هذا التوغل تجاوزاً واضحاً لاتفاق التهدئة عام 2014م وعدواناً جديداً على قطاع غزة، وهي لن تسمح باستمرار هذا العدوان".
وفي 26 أغسطس/آب من صيف عام 2014، توصلت الحكومة الصهيونية وحماس، برعاية مصرية، إلى هدنة بعد حرب امتدت 51 يوماً، وتضمنت بنود الهدنة رفع الحصار عن غزة.
وتوقّع عريقات، أن تشهد الحدود جولة من الصراع في حال استمر الجيش الصهيوني بالتوغل إلى حدود قطاع غزة بحثا عن الأنفاق. لكنه استبعد أن تؤدي هذه الاشتباكات إلى اندلاع "حرب جديدة".
وأضاف:" لا أرى أن هناك إمكانية لاندلاع حرب، فالجانب الصهيوني وأيضا الفلسطيني، يتجنبان في الوقت الراهن الدخول في مواجهة عسكرية شاملة... قد نشهد بعض التوتر بين الفينة والأخرى، حتى تقوم المقاومة بتثبيت الأمر الواقع، وهو عدم تجاوز الجيش الصهيوني لحدود غزة".
وكثّف الجيش الصهيوني من بحثه عن "أنفاق غزة"، بعد إعلانه في 18 نيسان/إبريل الماضي، اكتشاف لنفق تابع لحركة حماس، قرب الحدود مع القطاع، امتد الى داخل الاراضي الاسرائيلية لمسافة ثلاثين مترا.
وأعلنت كتائب القسام، مسؤوليتها عن حفر النفق، وقالت في بيان لها:" ما أعلنه العدو ليس إلا نقطةً في بحر ما أعدته المقاومة من أجل الدفاع عن شعبها، وتحرير مقدساتها وأرضها وأسراها."
ويجري الجيش الصهيوني في الوقت الحالي، أعمال تجريف وحفر مكثفة، على طول الشريط الحدود الفاصل مع قطاع غزة وإسرائيل.
ويرى عبد الستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، برام الله، أن المقاومة بغزة وتحديدا كتائب القسام، لن تسمح للكيان الصهيوني بأن تفرض سياسة الأمر الواقع، وتجاوز الحدود مع القطاع بحثا عن الأنفاق.
ويضيف قاسم" أي تجاوز للحفريات الصهيونية من الواضح أن المقاومة ستقابله برد، (...)، ربما يكون مدروسا بحيث تتجنب المقاومة وقوع أي إصابات أو أحداث أمنية من شأنها أن تشعل مواجهة كبيرة، لكن ما هو أكيد أن قواعد اللعبة تغيرت بين القسام و الكيان الصهيوني".
ورأى قاسم أن الأنفاق تمثل لحركة حماس، خيارا استراتيجيا، ونوعيا، في المواجهة مع الصهاينة ولن تسمح بأن يتم اكتشاف ما يشكل بالنسبة لها "أهم الأوراق" في أي معركة قادمة.
واستخدمت كتائب القسام، الأنفاق بشكل مكثف، في الحرب الإسرائيلية الأخيرة (صيف 2014)، لشن هجمات على أهداف صهيونية.
ويعرب طلال عوكل، الكاتب السياسي في صحيفة الأيام الفلسطينية، عن اعتقاده بأن حركة حماس لا تسعى لحرب مع الكيان الصهيوني، في المرحلة الراهنة، وتحاول أن تتجنبها.
وأضاف عوكل:" لكن من الواضح أن الاشتباكات التي حدثت أمس، وإطلاق قذائف الهاون، إضافة إلى بيان كتائب القسام بلغته الصريحة، أن هناك مرحلة جديدة، تريد أن ترسمها المقاومة، وأنها لن تسمح بتجاوز قواعد الاشتباك، وتجاوز نقاط التماس المرسومة على الحدود".
وعقب انسحاب الجيش الصهيوني من داخل قطاع عام 2005 أنشأ "منطقة عازلة" على طول الحدود البرية على مسافة 1500 متر. وتشكل تلك المنطقة ما نسبته 15% من مساحة قطاع غزة، و35% من مجمل الأراضي الزراعية في قطاع غزة.
وتحظر القوات الصهيونية على الفلسطينيين في القطاع، دخول المنطقة المحاذية للشريط الحدودي لمسافة 300 متر، وتطلق النار أو تعتقل كل من يتواجد فيها. ويرى عوكل أن كتائب القسام تسعى جاهدة إلى منع الكيان الصهيوني من اكتشاف الأنفاق، وإجبارها على سحب آلياتها إلى الداخل.
وتابع:" ما يجري بين الحكومة الصهيونية وحماس، أشبه بحوار لكنه بواسطة النار، والخطوات المدروسة، ومن الواضح أن الطرفين لا يريدان الدخول في حرب، أو مواجهة شاملة، المقاومة شعرت أن الجيش الصهيوني يريد فرض قواعدها على الحدود، وتثبيت سياسة التوغل اليومي، وهو ما قابلته المقاومة برسالة واضحة أنها لن تسمح بهذا الأمر".