• - الموافق2024/11/25م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha

"الإرهاب" المنظم والسياسات الخاطئة لأوروبا


في منتصف فبراير قتل 28 شخصاً وأصيب العشرات في هجمات استهدفت العاصمة التركية أنقرة، في هجوم إرهابي نفذته جماعة يسارية كردية، عقبه بأيام قليلة هجوم آخر استهدف مدينة اسطنبول ويحمل بصمات تنظيم "داعش" كما ذكرت السلطات التركية، لكن المثير للإهتمام أن وقع انفجارات اسطنبول وأنقرة لم يصل صداها لعواصم القرار الغربي لتعلم جيداً أن السماح باستمرار الحرب على الشعب السوري و الظلم الواقع لأهل السنة في العراق هو فوهة البركان التي تواصل صب حممها في الشرق الأوسط و المنطقة الغربية معاً.. صبيحة الثلاثاء، 21/مارس/2016 كانت الإذاعة الصهيونية الرسمية هي أول وسيلة إعلامية تنشر خبراً بالصياغة التالية" جاءنا من العاصمة البلجيكية بروكسيل أن هجمات استهدفت محطة للمترو و مطار في العاصمة تسببت بمقتل 23 شخصاً، وسمع صرخات باللغة العربية تبعها إطلاق نار وتفجيرات".. لم تكن حتى وكالات الأنباء العالمية مثل "فرانس برس/رويترز/شينخو/الأناضول وغيرها قد ذكرت عن الأمر شيئا.

لاحقا أعلنت السلطات البلجيكية أن عدد ضحايا الهجمات زاد عن 30 شخصاً، وقال رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل في بيان خاص للصحافة إن بلجيكا تواجه حاليا حربا.  بدأت وسائل الإعلام الغربية تنقل عن محللين ومصادر و مسؤولين و غيرها من التسميات أن "داعش" و "الإرهاب الإسلامي" هو المسؤول الأول عن الهجمات قبل حتى أن يعرف أسماء المنفذين و غاياتهم...

من التحليلات المثيرة للسخرية بشأن الهجوم ما نقلته شبكة الأخبار الأمريكية "سي أن أن" عن محللين، أشاروا إلى أن تحليل الصور أظهر أن المهاجمين كانوا يرتدون قفاز أسود واحد فقط في أيديهم، وهذا ما أظهرته الصور التي أخذت من كاميرات المطار.. وبحسب رواية المحللين فإن ارتداء قفاز واحد بهذا الشكل وباليد ذاتها لكلا المشتبه بهما قد يشير إلى محاولة لإخفاء جهاز التفجير الخاص بالحزام الناسف المخبأ تحت ملابسهما، في حين ذهب محللون آخرون للقول بأن هذا قد يكون محاولة لإخفاء آثار مواد كيماوية استخدمت في تصنيع الأحزمة الناسفة!!. و إن صحة الرواية كما يهرطق المحللين الغربيين، فلماذا لم يرتدي المشتبه بهم قفازات في كلتا يديهما لإخفاء ما يريدون إخفاءه؟! أم أنهم يمتلكون القدرة على التخطيط لمثل هذا الهجوم وليس لديهم نقود لشراء قفزات؟!. رواية أخرى صدرتها وسائل الإعلام الغربية تقول إن سائق السيارة التي أوصلتهما إلى المطار ذكر أنهما منعاه من الاقتراب من حقائبهما وكانا مرتبكان، أيعقل أن يكون شخص تمكن من اقتحام الحواجز الأمنية في مطار عاصمة القرار الأوروبي بهذا السلوك مع سائق سيارة؟! كذلك السؤال المطروح هو كيف تمكن من العبور إلى صالات المغادرة دون أن يمر بأجهزة تفتيش؟! و من المتعارف عليه في جميع مطارات العالم أن أي مسافر يمر بعدة مراحل تفتيش في المطار مع حقائبه ويتم استخدام تقنية عالية في ذلك..

وكالة أنباء سبوتنيك الروسية قالت إن المنفذين هما إيفان وإليكسي دفباش ويحملان الجنسية البلاروسية، و مراد يونوسوف الداغستاني الأصل و الحاصل على الجنسية البيلاروسية أيضاً، في حال صح هذا الإحتمال، هل سيقوم الغرب بالتضييق على حملة الجنسية البيلاروسية ام أنه سيرسل المزيد من طائراته لمحاربة " الإرهاب الإسلامي" في الشرق الأوسط؟َ! 

لكن الشرطة البلجيكية، قالت إن  الأخوين خالد وإبراهيم البكراوي هما منفذا الهجوم على مطار "زافنتيم"في العاصمة بروكسل.

من المعلوم أن بلجكيا تشارك في الحرب الدولية التي تقودها الولايات المتحدة على " الإرهاب" و بحسب بيان منسوب لتنظيم "داعش" فإن التفجيرات التي استهدفت بروكسيل جاءت ضمن سلسلة هجمات يتوعد التنظيم بتنفيذها ضد الدول المشاركة.. بروكسيل التي تعتبر موطن لأهم مؤسسات الاتحاد الأوروبي ومركز صناعة القرار في الاتحاد، كذلك موقعها الجغرافي الذي يتوسط ألمانيا وفرنسا وبريطانيا جعل منها نقطة مركزية لمثل هذه الهجمات، خصوصاً في ظل وجود تاريخ سابق لها مع مثل تلك الهجمات وإن اختلفت نوعية منفذيها أو غاياتهم. 

استثمر اليمين الأوروبي مثل هجمات بروكسيل دائما للتنديد بالتساهل مع سياسة اللجوء وتضخم الجالية المسلمة في أوروبا، ودعا في وسائل الإعلام للضغط على الأقلية المسلمة وتقييد حركة أبنائها ووقف استقبال المهاجرين، لكن آخرين يعتقدون أن الضغط والتهميش الذي يتعرض له المجتمع المسلم في الغرب ربما وفر بيئة خصبة لإستثمارها في تجنيد أمثال منفذي الهجمات، فقد تلقى المركز الحكومي البلجيكي لمكافحة التمييز العام الماضي 4627 شكوى متعلقة بالتمييز ضد مسلمين، وفتح 1670 ملفا للتحقيق، وهي نسبة أعلى بكثير مقارنة مع السنوات السابقة.

في التقرير الثالث لمرصد الأديان والعلمانية التابع للجامعة الحرة ببروكسل ذكرت الباحثة كارولين ساجيسير أن تركيز وسائل الإعلام على مسائل تتعلق بالإسلام والمسلمين أخرج صورة نمطية سيئة حلو مسائل تتعلق بالمسلمين.  تضيف إن الاعتقاد بوجود عدد كبير من المسلمين ببلجيكا يصل إلى 29%، في حين لا يتجاوز عدد كل الأجانب 10%. لكن مكتب الدراسات البريطاني"ايسوس موري" حول تصور الظواهر الإجتماعية يقول إن عدد المسلمين بمذاهبهم المختلفة يمثل 30% من عدد السكان البالغ بحسب إحصائيات عام 2013، 11.2 مليون نسمة.

تبقى عدة اسئلة بحاجة لإجابات، أهمها لماذا تتركز دائما الهجمات على دول معينة في الاتحاد الأوروبي مع أن إيطالياً مثلا حاضنة للفاتيكان مركز المسيحية الكاثوليكية في العالم؟َ! أيضاً تتعرض تركيا و المملكة العربية السعودية و أوروبا لهجمات لكن لم تتعرض إيران أو الكيان الصهيوني لمثل هذه الهجمات، رغم قربهما عسكريا و جغرافيا من مراكز الصراع؟ً! الأمر الأخير، تقول بيانات تنظيم "داعش" إن هدفها قتل الصليبيين كما تزعم، فلماذا لا تستهدف تفجيراتها بلدان أمريكا اللاتينية؟! و الإجابة واضحة، فالغاية من التفجيرات سياسية بحثة ولا يمكن أن يقف خلفها سوى جهات دولية لديها أغراض خبيثة أبرزها زيادة حدة الصراع في العالم الإسلامي و إجبار الغرب على إرسال المزيد من الجيوش إلى الشرق الأوسط تحت ذريعة " الحرب على الإرهاب"، كذلك التضييق على الجالية المسلمة في الغرب و التي حققت نجاحات واسعة خلال الفترة الماضية على صعيد الانتشار و التأثير، فقد ساهمت بشكل لافت في حملات المقاطعة التي نفذتها المؤسسات الأوروبية ضد المستوطنات الصهيونية، كذلك فإن مثل هذه الهجمات تستخدم كورقة للضغط على الاتحاد الأوروبي لتحدد سياساتها الخارجية خصوصاً من قبل أحزاب اليمين في الاتحاد أو في برلمانات دول الاتحاد... بقى أن نقول إن الطائرات التي يرسلها الغرب للمنطقة لقتل شعوب المنطقة و توفيره غطاء سياسي لطاغية مثل بشار الأسد سيكون نتاجها الطبيعة حالة من الفوضى الأمنية التي تستثمر باسم الإسلام... فالإرهاب الروسي قتل في سوريا الآلاف لكن لم نسمع عن إدانة أوروبية له، كذلك فعلت مليشيات الحشد الإيرانية في العراق، وفعل أضعافه الجيش الصهيوني في فلسطين، وبذلك نستطيع القول إن " الإرهاب" الذي تصدروه للمنطقة بمواقفكم السياسية وتدخلاتكم العسكرية سيرتد إليكم آجلاً أم عاجلاً...

تلجرام

أعلى