• - الموافق2024/11/25م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الهند وإيران والتقاء المصالح

الهند وإيران والتقاء المصالح


في شهر مارس عام 2015 توقفت الهند عن استيراد شحنات نفطية إيرانية استجابة لرغبة واشنطن تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن الخاصة بتشديد العقوبات على إيران، لكن لم ينقض وقت طويل حتى وقَّعت الهند اتفاقية مع السلطات الإيرانية لتطوير ميناء استراتيجي جنوب شرق إيران، على الرغم من تحذيرات الولايات المتحدة. وقالت الحكومة الهندية في بيان لها: "الشركات الهندية ستستأجر رصيفين موجودين في الميناء وستشغلهما كمحطتين للحاويات والشحنات متعددة الأغراض"، مضيفة أن التنفيذ يتطلب إبرام اتفاق تجاري. هذا الأمر مؤشر على أن الهند لا تريد التضحية بإيران لإرضاء أمريكا.

في دراسة أعدها الباحث "كريستين فير" ونشرتها (MERIA JOURNAL)، وقامت مجلة مختارات إيرانية بنشرها مترجمة في العدد 82 تشير الدراسة إلى أن البيئة الاستراتيجية للهند هي الممتدة من مضيق هرمز إلى الخليج العربي،  وفي الوقت التي تحاول فيه الحصول على دور عالمي بارز فإنها ستحتاج للحفاظ على مصالحها في تلك المنطقة المليئة بالنفط؛ فالهند حالياً تُعد سادسَ أكبرِ مستهلك للطاقة في العالم، ويعتقد بعض المحللين أن الهند بحلول عام 2020 قد تصبح رابع أكبر مستهلك للطاقة بعد الولايات المتحدة والصين واليابان، وكذلك ترى الهند أن إيران لديها إمكانيات هائلة للسوق الاستهلاكية الهندية. كذلك فإن العداء للعالم الإسلامي السني وخصوصاً تركيا وباكستان يحملان الهند لتعزيز التحالف مع إيران لا سيما أن جميع الأطراف يشملهم حيز إقليمي واحد.

في عام 2001 وُقِّعت مذكرة تفاهم بين الجانبين تنص على التعاون المشترك بينهما للمحافظة على علاقة استراتيجية من أجل منطقة أكثر استقراراً ورفاهية، واستغلالِ الفرص من أجل تعاون في مجال الدفاع في المجالات المتفق عليها، بما في ذلك تدريبات، وزيارات تبادل. في حينه عقبت أسبوعية "جاين ديفنس" على الاتفاق بالقول إنه "حرّك الميزان الاستراتيجي". لم يكن ذلك الاتفاق الأول فقد سبقه عام 1983 دعماً هندياً لإيران في حربها على العراق من خلال التنسيق بين الجانبين في مجالات الدفاع والأمن حيث طلب المرشد الإيراني الخميني تشكيل لجنة تنسيق مشتركة لهذا الغرض.

يقول الباحث نويد أحمد في مقالة بصحيفة العربي الجديد، سيمكِّن ميناءُ شاباهار الهندَ من الولوج إلى أفغانستان وتجاوز باكستان تماماً، وهو ميناء سيكون بمثابة نقطة إنشاء خط أنابيب الغاز الطبيعي المقترح بين إيران وسلطنة عمان والهند. ومن المقرر أن يصبح هذا الميناء متعدد الاستعمال قاعدة بحرية في مرحلة لاحقة. وتُقرّ كل الأطراف بخططٍ طموحة للقاعدة البحرية الهندية في مصب مضيق هرمز.

تتشاطر الهند وإيران مجموعة من الأهداف في المنطقة، أولها رفض الجانبين أحادية القطبية التي تمارسها الولايات المتحدة في المنطقة، ورفض كثير من سياساتها. أيضاً القلق الكبير من الدعم الباكستاني للإسلاميين في أفغانستان وكشمير ولذلك يعتقد الطرفان أن تصاعدَ النفوذ الباكستاني يمثل خطراً كبيراً عليهما لا سيما أن باكستان من محاضن جماعات الجهاد السني خصوصاً؛ الجماعات الكشميرية والبلوشية التي تعمل ضد إيران والهند مثل جماعة جيش العدل، وهذا الأمر يفسر تعزيز الهند مؤخراً علاقاتها ببعض الدول المعادية للإسلام السني مثل إيران والكيان الصهيوني فمنذ وصول حزب بهارتيا جاناتا الهندوسي إلى الحكم عام 1998 بدأت حقبة جديدة للتعاون بين نيودلهي والكيان الصهيوني، وسرعان ما أضحت علاقات تعاون إستراتيجي في بعض المجالات وخاصة الدفاع بين الطرفين.

كذلك على المستوى الداخلي تحاول الهند الاستفادة من التأثير المذهبي لإيران على الأقلية المسلمة خصوصاً مع وجود إحصائيات تؤكد وجود ما لا يقل عن 9 مليون شيعي في الهند. ولا يمكن إنكار الطموحات الهندية في استثمار تدخلاتها في المنطقة لصالح تعزيز نفوذها السياسي على المستوى العالمي.  فالتعاون الإيراني مع الهند تمدد إلى مساندة الهند للنظام السوري في مواقفها السياسية، وفي شهر يناير زار وزير الخارجية السوري وليد المعلم الهند بهدف الحصول على الدعم الدبلوماسي الهندي للنظام السوري على طاولة جنيف خصوصاً، وأن الموقف الهندي لم يخرج منذ بداية الحرب في سوريا عن الموقف الروسي الصيني الإيراني، من خلال رفض التدخل الغربي في سوريا ووضع جميع الفصائل السورية في سلة " الإرهاب" الإيرانية. 

أعلى