• - الموافق2024/11/29م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
كيف تستفيد

كيف تستفيد "داعش" من التدخل الروسي؟!



بات واضحاً للعيان أن تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بــ"داعش" لا يجد غضاضة في لعب دور المحلل لأي عملية عسكرية على سوريا. بالأمس كان تدخل قوى التحالف الأمريكي الغربي من أجل القضاء على هذا التنظيم الإرهابي واليوم جاء التدخل العسكري الروسي لنفس السبب! لكن الأمر الذي يدعو إلى الحيرة إن تلك القوى الدولية قد تدخلت عسكرياً في سوريا لنفس السبب لكنها تجاهلت طرفين رئيسيين "نظام بشار وتنظيم الدولة" واقتصر هجومها العسكري على فصائل الثورة السورية بكافة أطيافها.

اتخذت روسيا من تنظيم "داعش" وسيلة لتبرير تدخلها في سوريا وكسب التأييد الدولي، حيث أظهرت ضرباتها الجوية ذلك منذ اليوم الأول، ففي 30 سبتمبر الماضي حصل الرئيس "فلاديمير بوتن" على موافقة مجلس الإتحاد الروسي من أجل استخدام القوات الجوية خارج حدود البلاد، وقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية حينها إن طيرانها الحربي قد قام بتنفيذ نحو 20 غارة على عدة أهداف لتنظيم "داعش" في سوريا، ولم تأتي على ذكر أي تفاصيل لهذه الغارات، التي اتضح أنها كانت موجهة إلى مدن وقرى، تلبيسه والرستن في ريف اللطمانة في ريف حماة، وهي مناطق لا تخضع لسيطرة "داعش"، كما تبين أن ضحايا القصف كانوا 18 من المدنيين.

الإصرار الروسي على تجاهل مواقع تنظيم "داعش" وتوجيه نيران طائراته الحربية لقوى المعارضة السورية بلغ مداه في اليوم التالي 1 أكتوبر، حينما أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن قصف مواقع داعش في محافظة إدلب، الخالية أصلاً من تنظيم داعش، حيث أظهرت المشاهد المصورة الضربات العسكرية الروسية، إنها كانت موجهة إلى لواء صقور الجبل التابع للجيش السوري الحر في منطقة ريف محافظة إدلب، وفرقة عاصفة الحزم وفرق أخرى في حمص تابعة للجيش الحر الذي نعى أحد قادته الملازم أول إياد الديك.

في هذه الأثناء أكدت شواهد وتقارير إعلامية مختلفة أن تنظيم الدولة كان أكبر المستفيدين من الغارات العسكرية الروسية ضد الثوار، وبالتزامن مع هذه العمليات العسكرية الروسية، حقق التنظيم تقدماً ملحوظاً على الأرض في محافظة حلب وسيطر على عدة قرى كانت تخضع لسيطرة المعارضة السورية، وفي هذا الصدد نقلت صحيفة "أوبزيرفر" البريطانية عن متحدث باسم "تجمع العزة"، أحد فصائل المعارضة السورية قوله "إن الطيران الروسي يوجه ضرباته الجوية إلى معاقل الجيش الحر ويُعبد الطريق لتنظيم الدولة، التي سيطرت مؤخراً على بعض المناطق الإستراتيجية في محافظة حلب"، وهو ما يؤكد عدم صحة المزاعم الروسية التي أعلنت عن تدخلها العسكري في سوريا تحت غطاء مكافحة الإرهاب.

وحسب شهادات العديد من قيادات الثورة السورية، أن حجم الغارات التي يتعرضون لها من الطيران الروسي لا تقارن مع بعض الغارات البسيطة على بعض معاقل تنظيم الدولة، معللين ذلك بإن التدخل العسكري الروسي يهدف بالاساس إلى تشتيت صفوف الثوار والتخلص منهم للحفاظ على بقاء نظام بشار.

في نفس السياق يقول ناشط سوري معارض إن تركيز قصف الطيران الروسي على مواقع الجيش الحر يعني أن الروس غير معنيين بقتال "داعش" وما يعنيهم فقط هو حماية نظام بشار، الذي يهتم فقط بقتال الثوار ولا يلقي بالاً لتنظيم "داعش" التي تتقاطع أهدافها معه، فكليهما يعتبر الفصائل الثورية عدوه الأول، خاصةً وأن النظام السوري مهتم بالقضاء على الثوار فقط ولا يتحرج في تقديم الدعم لتنظيم "داعش"، فما حدث في يونيو الماضي حينما دعم طيران النظام هجوم "داعش" على قوات الثوار في ريف حلب الشمالي خير دليل على ذلك، حيث أفضى ذلك الهجوم الداعشي المصحوب بدعم نظام بشار جوياً إلى سيطرة تنظيم الدولة على بلدة صوران وخمس قرى أخرى.

ولا شك في أن علاقة التعاون الواضحة بين النظام السوري وتنظيم الدولة قد ظهرت الكثير من ملامحها خلال الساعات الأخيره، حينما أقدم الأخير على تسليم بعض المناطق التي إنتزعها من قوى الثورة إلى النظام السوري في ريف حلب. والجدير بالذكر أن الإدارة الأمريكية كانت قد أوقفت برامج تدريبها لقوى ثورية سورية وتركتها وحيدة لتواجه الثالوث في آن واحد، الطيران الروسي وتمدد تنظيم "داعش" ونظام بشار.

من جانب آخر جاء تعليق رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الاوروبي في 7/10 الماضي، الذي أكد خلاله على أن تنظيم "داعش" هو المستفيد الأكبر، إن لم ننجح في تحقيق تقارب بين روسيا وأميركا ووقف حروب الوكالة بينهما، ليؤكد على إستغلال كافة الأطراف الدولية لهذا التنظيم من أجل إطالة أمد الصراع، حينها لن تكون حدود هذا التدخل الدولي أوسع من حدود تحقيق المصالح الروسية.

وأغلب الظن أن التدخل العسكري الروسي لم يكن معنياً بإستعادة النظام السوري للسيطرة الكاملة على كافة الأراضي التي فقدها وأصبحت الآن في قبضة تنظيم "داعش"، وهذا على الأقل ما تؤكده مناطق العمليات العسكرية الجارية الآن، والذي تتركز أغلبها على قواعد الجيش الحر وجبهة النصرة، وبذلك يمكن أن نكون أمام حالة استاتيكو يتم خلالها تأكيد سيطرة تنظيم الدولة "داعش" على جزء كبير من الأراضي السورية، أو على الأقل التخلص من كافة فصائل الثورة المسلحة التي تطالب بإسقاط نظام بشار لفرض معادلة جديدة تضع العالم أمام خيارين، إما النظام السوري وإما "داعش".

 

أعلى