• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الموقف العربي الرسمي من

الموقف العربي الرسمي من "أجندة 2030 للتنمية المستدامة"

نبذة عن واقع الوثيقة المرتقبة وفحواها:

تتجه أنظار المجتمع الدولي الرسمي  وقواه المدنية الفاعلة إلى الوثيقة التي أعلنت مؤخراً عنها  الأمم المتحدة ووكالاتها والتي ستطلقها في اجتماعها بنيويورك في الفترة 25/27 سبتمبر/ 2015، تحت عنوان "تحويل عالمنا: أجندة 2030 للتنمية المستدامة"، و تهدف هذه الوثيقة في ظاهرها  لتشكيل خارطة طريق لإنهاء الفقر ومشاركة الرخاء، وتقدر نسبة المبالغ المرصودة لإنجاح هذا البرنامج  من3500 إلى 5 آلاف مليار دولار سنوياً، وإذا بدا هذا الرقم فلكياً فانه يتضاءل أمام معرفة إجمالي الناتج المحلي الأمريكي البالغ 17 ألف مليار، والفرنسي بحوالي 3 آلاف مليار، إضافة إلى دعوة القطاع الخاص من المؤسسات والمنظمات الأهلية والتي تعتبر خزان لآلاف مليارات الدولارات  للمشاركة في عملية التمويل. ونصت مقدمة الوثيقة على "نحن عاقدون العزم على تخليص البشرية من طغيان الفقر والعوز وللشفاء وتأمين كوكبنا، ونحن مصممون على اتخاذ خطوات جريئة وتحويلية لازمة لتحول العالم إلى مسار مستدام، ونحن نشرع في هذه الرحلة الجماعية، نتعهد أن لا يتخلف أي أحد عنها".

ويتفق الأعضاء في الجمعية العمومية على أن هذه الوثيقة يجب أن يتم تطبيقها بصورة كاملة  في فترة أقصاها 15 عاما، أي بالوصول لعام 2030.

ويكمن جانب من خطورة هذا الأمر في الترويج لهذه الوثيقة والتي تعتبر برنامجاً متكاملاً على أنها مطلباً عالمياً يكتسب صفة العمومية، وليست مطلباً لمنظمة الأمم المتحدة. وتتجلى خطورة هذا البرنامج انه يعمل على تغريب المجتمعات ذات القيم المحافظة، و إذابة الفوارق بين القيم والثقافات المتباينة، ويعمل على توحيد المفاهيم تحت مظلة العولمة ولا يحترم خصوصيات كل حضارة، ويكتسي بمسحة دينية مسيحية، بل في كثير من المواطن يضرب بكل الأديان عرض الحائط.

الجهات الداعمة لهذه الوثيقة:

ترعى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة مثل هذه النشاطات تحت عنوان التنمية وتحسين المستويات المعيشية والدفاع عن المرأة وحقوقها ورعاية الطفل الخ..  ولكن في اغلب الأحيان تتصادم تلك المبادئ التي تدعو لها وكالات وبرامج الأمم المتحدة مع الأديان والأخلاق والفطرة السلمية.

وبحسب بحث للدكتور  فؤاد آل عبد الكريم مدير عام مركز باحثات لدراسات المرأة بالرياض جاء بعنوان "الضغوط الخارجية لإلزام الدول بتطبيق مؤتمرات واتفاقيات المرأة"، فيمكن تلخيص الجهات الداعمة والمتبنية لهذه الوثيقة ولمثيلاتها على الشكل التالي:

·        جهات من داخل هيكلية هيئة الأمم المتحدة نفسها:  من أبرزها لجنة مركز المرأة ، شعبة النهوض بالمرأة ، لجنة السيداو.

·        جهات تابعة لهيئة الأمم المتحدة: منها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ((UNDP، صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة ( يونيفم (UNIFE، صندوق الأمم المتحدة للسكان (.(UNFPA

·        جهات دولية متخصصة: منها منظمة العمل الدولية (TLO): منظمة الصحة العالمية (:(WHO منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو (UNSCO: منظمة العفو الدولية (Amnesty International): منظمة هيومن رايتس ووتش (Human Rights Watch): البنك الدولي -  صندوق النقد الدولي – منظمة التجارة العالمية).

·        بعض الحكومات الغربية: ومنها الولايات المتحدة الأمريكية ، بريطانيا، فرنسا، هولندا، ألمانيا.

مكامن خطورة هذه الوثيقة:

تعمل على ترسيخ المبادئ الغربية بجميع صورها، تلغي قوامة الرجل وولايته، وتعمل على حرية الفكر والمعتقد والاستقلال المبكر للطفل، وإباحة المثلية الجنسية وتحديد سن الطفولة لما دون 18، وتلغي الفوارق بين الرجل والمرأة من ناحية المواريث، ولم تخاطب الأسرة بمكوناتها الطبيعية، وتهدم كيان الأسرة تحت مسمى "الجندر" وإقرار حقوق الشواذ، بل تخاطب الأسرة كأبوين مثليين (شواذ)، ولم تعط اهتمام للأمومة والأبوة الحقيقية. وتشجع اختلاط المرأة المسلمة بالأجانب، وتضع عراقيل أمام الطلاق، وتبيح الزواج بين المسلمين والكفار، وتقنن لإمكانية أن تتولى المرأة منصب وزير أو رئيس وزراء أو رئيس دولة.  فهي تدعي في البند رقم (5)  أنها: " مقبولة لكل البلاد وقابلة للتطبيق فيها جميعا". فهي بحق هجمة شرسة على جميع القيم والأديان السماوية. لأنها تضع الجميع في قالب واحد تحت قاعدة "one size fits all"، ويزداد الأمر خطورة، فان المعاهدات إذا ما أقرت رسمياً فسيصبح لها الأولوية على القوانين المحلية، ويجعل من هذه الوثيقة أمراً واقعياً، وستضطر الدول الموافقة على هذه الوثيقة بأن تغير من قوانينها الداخلية بما يتلاءم مع هذه الوثيقة. وقد جاء في الميثاق الخاص لأجندة 2030 بأنه "لا يُسمح بأخذ التحفظات بعين الاعتبار"، وبدا وكأنه تشريع جديد ملزم للعالم كله. وعندما تثير بعض المصطلحات خوف وشكوك الممثل العربي لدى الأمم المتحدة أو الوفود العربية المشاركة في اللقاءات والنقاشات يتم تنحية هذه المصطلحات المختلف عليها من النسخة العربية، وتظل النسخة باللغة الانجليزية كما هي في النص الأصلي للوثيقة.

ويظل اهتمام الغرب مطالبته بالإصلاح للدول النامية هو محل شك، وضمن سياسة الكيل بمكيالين، حيث لم يتبنى الغرب أي استراتيجيات لدعم المرأة وحقوقها في  ميانمار وبورما والتي تشهد إبادة جماعية وقتل للأطفال. وهنا يظهر النفاق الغربي بأوضح صوره، ففي الوقت الذي عجز عن الإيفاء بالتزاماته تجاه وكالة الغوث وتشغيل الفلسطينيين، وكان مبلغ (101) مليون دولار سبباً لتوقف الخدمات للاجئين الفلسطينيين، فهو الآن مستعد لدفع آلاف المليارات سنوياً من اجل الترويج ونشر برامجه الخاصة بعولمة قيمه معتقداته!

مؤتمرات واتفاقيات دولية سابقة:

سبق أن قامت وكالات الأمم المتحدة بالعديد من المحاولات من اجل عولمة القيم الغربية، وتصدير الفكر الغربي بما يحمل من انحرافات، فمن هذه المحاولات "اتفاقية سيداو" عام 1979 والتي تعتبر دستور الحركة النسوية الغربية المتطرفة، والتي تعتبر الدين هو عائق يحد من الحريات وينتقص من الحقوق النسائية. وأيضا  مؤتمر القاهرة  "مؤتمر السكان والتنمية" لعام 1994، ومؤتمر بكين  "المساواة والتنمية والسلم"  لعام 1995 وما ارتبط بهما، بسبب تبنيها عددا من التوجهات التي تصطدم بالشريعة الإسلامية والأعراف الاجتماعية.

وحسب ما جاء في حوار أجرته مجلة البيان بتاريخ 27/12/2010 مع الدكتور فؤاد آل عبد الكريم فقد "اعترضت جهات كثيرة على ما ورد في مؤتمر القاهرة 1994 ومؤتمر بكين 1995، سواء أكانت إسلامية (وفود الدول الإسلامية عربية وغير العربية)، أو جهات غير إسلامية، مثل الدول الكاثوليكية (الأرجنتين - البيرو - باراغواي...)"

الموقف العربي الرسمي من الوثيقة:

بالرغم من أن أكثر من 200 من هيئات العلماء والمنظمات الإسلامية أدانت في بيان موحد هذا الشهر ما جاء في الوثيقة وطالبت الأمم المتحدة باحترام خصوصيات العالم الإسلامي والعربي وإرادة الشعوب، وهو أمر ايجابي ومطلوب، إلا أن الخشية من المواقف الرسمية للدول العربية  والتي في العادة  تأتي هزيلة، وتأتي مختلفة عن مواقف تلك الهيئات والمنظمات الإسلامية، وذلك بفعل التأثير والضغط الغربي على الدول العربية والإسلامية. لذا، على تلك الهيئات والمنظمات الإسلامية متابعة الأمر بنفسها وممارسة الضغوط دوما من اجل عدم تمرير هذه المخططات، وضرورة احترام إرادة الشعوب وخصوصياتها.

فعلى سبيل المفاجأة، فان وثيقة بكين لعام 1995، والتي لا تختلف كثيراً عن هذه الوثيقة، وقعت عليها (184) دولة من أعضاء الأمم المتحدة، لتصبح مرجعية هامة، أي أغلبية من الدول العربية والإسلامية وقعت عليها. وسواء في اجتماعات بكين + 5 أو+10 أو ما يتعلق أيضا بالتقارير المقدمة فيما يتعلق باتفاقية السيدوا فقد قدمت تلك الدول العربية والإسلامية تنازلات متتالية.

وجدير بالذكر أن مواقف الوفود العربية والإسلامية كانت رافضة لما جاء في وثائق بكين والقاهرة، ولكن وبعد عدة أعوام تحول  موقفها الرافض إلى موقف متفهم ومرن، وتبدأ الدول العربية  تشارك فعلياً من خلال نخبة عربية (علمانية؛ انجلوسكسونية أو فرانكفونية) تتفق مع الرؤى والقيم الغربية تماما. وفي النهاية حتى التحفظات يتم سحبها، وما أشبه اليوم بالبارحة. بل العكس هو المتوقع، فالموقف العربي أكثر هشاشة وضعف هذه الأيام، ومرجح أن يقدم تنازلات اكبر في مثل هذه القضايا.

ففي بعض البلدان العربية، مثل سوريا والأردن  والمغرب ومصر، فقد تقدمت خطوات عديدة على طريق ما يسمى "المساواة بين الذكور والإناث" والعديد من القضايا المماثلة من خلال ما سمي بالإصلاحات، وفي مصر قوانين الأحوال الشخصية هي جزء من الالتزام بالأجندة الدولية واستجابة سابقة لها.

بنر الملف

أعلى