• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
هزيمة اليسار دفعته لأحضان إيران

هزيمة اليسار دفعته لأحضان إيران


تسعى إيران للهيمنة الإقليمية والدولية سياسيًا واقتصاديًا لنشر ثقافتها الفارسية وبرنامجها السياسي الخاص في أرجاء العالم المختلفة.

هيمنة تأتي في اتجاهين الأول يستهدف الإقليم العربي كونه المحور الأهم لطهران سعياً منها للسيطرة المباشرة على جميع دول الجوار والأخر على صعيد دولي تسلل لأمريكا الجنوبية وبعض دول أوروبا الشرقية.

في العالم العربي استطاعت إيران السيطرة على نصف العراق عسكريًا وفكريًا فيما أمتلكت النظام السوري ودعمته بالمال والسلاح وأرسلت المقاتلين لمآزرته فيما سيطر حزب الله الشريك الأساسي لطهران في لبنان على أجزاء واسعة من هذا البلد.

واستطاعت دول الخليج العربي بقيادة المملكة العربية السعودية صد التمدد الإيراني الشيعي في المملكة البحرينية بينما خاض الخليج معركة عنيفة لم تنته فصولها بعد لاستعادة الأراضي اليمنية بعد سيطرة الحوثيين على أجزاء موسعة من البلاد.

المصلحة تجمعهم

الكاتب والمحلل السياسي جهاد حسين، أوضح (لمجلة البيان) أن المصلحة هي السبب الذي جمع الشيوعية بالشيعة  في حين تناقض نظام طهران بحربه على الشيوعية في بلاده فاعتقل المنتسبين إليها وطرد الباقيين.

وأوضح حسين أن تلك الأحزاب قدمت المصلحة الذاتية على مصالح دولها وشعوبها بينما تستفيد إيران من الدعم السياسي لهذه الاحزاب والاهم من ذلك أنها تقوم بوضع موطن قدم في كافة البلدان التي تتسلل إليها عبر هؤلاء.

بدوره قال الكاتب الأردني محمد الحسيني، إن الانسان قد يتفهم موقف اليسار المعادي للمشروع الصهيوني باعتباره مشروعًا توسعيًا استعماريًا امبرياليًا كما أنه يستوعب أيضاً العداوة التاريخية بين اليساريين والقوميين وبعض الانظمة العربية التي يعتبرونها رجعية وديكتاتورية، لكنه أكد أن ما لا يمكن تفهمه هو تحول علاقة اليساريين والقوميين مع إيران إلى علاقة تبعية عمياء، بحيث أصبح معظم اليساريين والقوميين يعتبرون أن أي نقد لإيران هو بمثابة تجاوز للخطوط الحمراء واعتداء على ثوابت المقاومة وارتماء في أحضان المشروع الغربي، ليصل الأمر ببعضهم إلى تجهيل وتسفيه وتخوين من يتناول السياسات الايرانية بعين النقد حتى لو كان ذلك من منطلق التحليل السياسي لا أكثر.

وقال:"إيران هي إحدى دول الإقليم التي تسعى إلى بسط نفوذها من خلال سياسات توسعية تخدم مصالحها، وهي بذلك لا تختلف عن دول أخرى في المنطقة إلا بالأدوات، أما الغايات فهي متشابهة، كما أن ايران ليست دولة ديمقراطية وهي بالتأكيد ليست دولة تقدمية بالمنظور اليساري، فهي دولة دينية بالإسم والممارسة، كما أنها في سياساتها لا تنحاز إلا إلى مصالحها ولو على حساب الاخرين وتتدخل في دول المنطقة بشكل مباشر أو غير مباشر، ولا أعرغ إن كان في ذلك إختلاف عن ما تقوم به دول أخرى ومنها الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال فإن اليسار يهاجم الاخيرة لحربها على العراق لكنه لا يتخذ نفس الموقف من إيران التي استغلت حالة الفوضى لتتدخل في الشأن العراقي إلى درجة أصبح السفير الإيراني في بغداد يتدخل حتى في تشكيل الحكومات لفترة قريبة".

وأضاف:"ما أريد قوله أنه إذا ما كان مقبولًا في فترة من الفترات أن يقف اليسار إلى جانب ايران وحلفائها في مواجهة المشروع الصهيوني ولدواعي تكتيكية، فإنه من غير المقبول أن يتحول هذا الموقف الى تحالف استراتيجي بين اليساريين والقوميين من جهة وإيران من جهة أخرى، لأن الدولة الإيرانية تمثل وبكل وضوح الكثير من الأفكار والسياسات التي يعاديها اليساريون والقوميون، وما يدفع إلى الدهشة حقيقة أن نرى أن بعض هذه القوى وقد أصبح يضع إيران في موقع التقديس ويثور غضبًا على من ينتقدها أو يختلف معها أو حتى يختلف مع أدواتها، وكأن بعض الرفاق قدد قرروا أن يلبسوا عمامة الخامنئي حتى لو كانت هذه العمامة تمثل عكس كل ما يؤمنون به".

عزلة اليسار والإسلام السياسي

صُدِم اليسار بنتائج الانتخابات التي جرت في الكثير من البلاد العربية التي إختارت الإسلاميين، وذلك بعد أن اعتقدوا أن رفع صور جيفارا في مسيرات التغيير في العالم العربي يعني أنّ الشعوب تريد اليسار،كما يقول الكاتب صلاح حميدة.

ويقول حميدة:" نتجت هذه العزلة بعد تحول اليسار من حركة شعبية جماهيرية تتعاطى مع المسحوقين وتدافع عن مصالحهم، إلى نُخَب تمارس الفوقية على المجتمع ومرتبطة برأس المال المتوحش، وقد عرت ثورات الربيع العربي هذا اليسار ووضعته على قارعة السياسة العربية".ويضيف: “لذلك انقلب اليسار للمناصرة والتحالف مع إيران لأنهم أدركوا أن القطار الشعبي فاتهم".

وبدوره شرح الكاتب محمد موسى مناصرة موقف اليسار الأيديولوجي المعادي للإسلام والإسلاميين، فمخالفة حركات الإسلام السياسي واجبة عند اليسار حتى لو راح ضحيتها المبادئ الثورية لقيم البروليتاريا التي كانت تؤمن بحياة الشعب، وأصبحت تؤمن بذبح الشعب.

ويضيف:"اليسار بات لا يخجل من من التأكيد على أنه حليف لإيران “البلد الذي يعلق المشانق كل سنة لاكثر من 200 عربي وكردي وايراني فقط لأن لهم رأيًا مغايرًا لرأي “قدَّس الله سره”، على حد قول الكاتب.

الإنفاق المالي

على الصعيد المالي حاولنا في مجلة (البيان)، التواصل مع أحزاب يسارية فقوبلنا برفض فكرة الحديث اصلا عن تمويل الجماعات اليسارية وعلاقاتها مع إيران فكان التطبيل هو المشهد لايران حيث تغنى هؤلاء بما أسموه الدعم المقدم لمقاومة الامبريالة على حد تعبيرهم.

لكن ما يستدل من احصائيات غير رسمية يظهر جلياً أن الأنفاق المالي لطهران على الاحزاب اليسارية ليس بالكبير لكنه يغطي حجمها الصغير ففي اليمن مثلا كشف مصدر يمني عن حجم الدعم المالي الإيراني بالأرقام، الذي تتقاضاه مجموعة من الأحزاب والمنظمات اليمنية، منها قوى سياسية منضوية في تكتل اللقاء المشترك بصورة شهرية.

ووفقاً للمصدر فإن جبهة إنقاذ الثورة التي يرأسها البرلماني أحمد سيف حاشد، تتقاضى ثلاثين ألف بينما تتقاضى احزاب اخرى صغيرة ما يقدر بعشرة الاف دولار وجلها منضوية تحت لواء تكتل اللواء المشترك كالحزب الاشتراكي اليمني الذي يتحصل على مبلغ 50 الف دولار شهريا فيما حصل البعث على عشرة الاف دولار وحزب الحق على 20 الف.

وبالرغم من ارتكاز ايران على الدور المركزي لجماعة الحوثي في اليمن الا انها تحاول مرارًا وتكرارًا اختراق الأحزاب الأخرى خاصة اليسارية منها ونجحت في ذلك كالحزب الوحدوي الناصري الذي تحصل على 77 الف دولار كما قالت مصادر مطلعة.

وكما هو الحال في اليمن دعمت طهران بعض الاحزاب الصغيرة في فلسطين والمغرب وتونس سرب بعضها كاتهام القيادي في حركة فتح جمال نزال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بتلقي 300 الف دولار من طهران عام 2012، بينما نفت الجبهة الشعبية اتهامات نزال ووصفتها بالباطلة.

أما في المغرب العربي فتسللت إيران الى العديد من الأحزاب منها خاصة الأحزاب الشيوعية منها فباتت تلك الأحزاب تعقد الإجتماعات واللقاءات الخاصة بدعم ايران سياسيا مقابل الدعم المالي.

وتترواح الأموال المقدمة للأحزاب كما تذكر مصادر مطلعة في المغرب العربي ما بين 50 الى 300 الف دولار سنويًا سعيًا لتحقيق ذات الهدف وهو تحقيق الهيمنة على المنطقة العربية.

اقتباسات

ورغم نفيهم المتكرر لمسألة التمويل المالي الا أن المظاهرات والتصريحات المؤيدة لايران في زمن المصالح يؤيد النظرية فمثلاُ يشيد فمثلا يشيد امين عام حزب البعث العربي التقدمي في الاردن فؤاد دبور بالدور الايراني الملعوب بالشرق الاوسط.

ويقول صراحة  إيران  ليست بعيدة عن مصالحها لكنها ترى مصالحها مع مصالح حلفاءها من العرب فيما أوفد الحزب أمينه العام المساعد أحمد ضرغام لطهران للاتفاق على ملفات متعددة.

وبدوره اعتبر الامين العام للحزب الشيوعي اللبناني الدكتور خالد حدادة أن طهران لعبت دور مركزي في الشرق الاوسط واصفاً اياها بالخط الاول في مواجهة الصهيونية والامبريالية.

ماذا تريد طهران؟!

وفيما يخص الهيمنة التي تسعى إيران إليها فإنها تتلخص في فرض الهيمنة على الخليج العربي أو ما تطلق عليه الخليج الفارسي لتهيئة أنسب الظروف لفرض مصالحها الحيوية كما ترى الكاتبة المغربية أسيل عمران.

ويلعب النفط الايراني دورًا مركزيًا كما تقول عمران في المخطط الايراني الهادف إلى فرض الزعامة الشيعية على باقي دول الجوار الجغرافي لضمان الزعامة الرئيسية للحكم الإيراني .   

ويعني توجه طهران لليساريين في العالم العربي أن ايران استطاعت أن تنتقي هدفها بعناية فائقة لمجموعة تتلهف شوقًا لمن يستمع إليها بعد التهميش الكبير الذي منيت به في العالم العربي.

توافق المصالح وعزلة اليسار وظهور الاسلام السياسي دفع شيوعي العالم العربي لإرتداء القبعة الإيرانية الرامية لهيمنة طويلة الأجل في البلاد العربية.

أعلى