• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الانقلابيين و

الانقلابيين و"داعش" والقاعدة في اليمن!


لا تعدو البيانات ومحتويات مقاطع الفيديو، التي تداولتها وكالات الأنباء ومعظم وسائل الإعلام المحلية والعالمية، ونسبت إلى ما يسمى بـ تنظيم الدولة " داعش" في اليمن، سوى مواكبة للخطاب السياسي والإعلامي للإنقلابيين (صالح والحوثيين)، وتغطية وستر على البواعث الأمنية والسياسية التي اتسمت بها عمليات وحوادث التفجير في العاصمة صنعاء وما جاورها، التي رافقت إعلان التعبئة العامة وغزو الجنوب وإسقاط المدن والمناطق تحت يافطة محاربة القاعدة والدواعش.

وكان من الملفت استبعاد المتحدث باسم البيت الأبيض "جوش إيرنست " في وقت سابق أن يكون منفذي الهجمات ينتمون لتنظيم الدولة الإسلامية، نافياً وجود علاقة واضحة بين الأشخاص الذين نفذوا الهجمات ومتشددي الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.   

ولم يأتي نفي "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب "،الموسوم بالتطرف والتشدد في هذا السياق صلته وعلاقته بالتفجيرات التي استهدفت مسجدين في العاصمة صنعاء من فراغ وبصورة عفوية، إلا ليؤكد في الواقع رجحان الدوافع الأمنية والسياسية للتفجيرات، ونزع الباعث المجتمعي والديني والطائفي المذهبي عنها، عدا حالة الاستنكار الجمعي العام في اليمن التي أعقبت الحادثة وردود الفعل من كل الأطراف المجتمعية والتيارات الدينية والأحزاب السياسية، التي نددت صراحة بالتفجيرات واستهداف المساجد، بمافي ذلك خصوم جماعة " أنصار الله" الحوثيين، الذين تعرضت مساجدهم ومساكنهم للتفجير والتدمير، ورفضوا غير مرة التخريج الطائفي والمذهبي للصراع والخلاف السياسي معهم .

وكانت وسائل إعلامية قد تناقلت إعلان ما يسمى بـ تنظيم دولة العراق والشام "داعش" في اليمن، عن نفسه رسمياً في مقطع مصور معلناً تأسيس ما تسمى "ولاية صنعاء"، وإعلان البيعة لـ "أبوبكر البغدادي"، الذي وصفته الولاية بـ "خليفة المسلمين"، حيث تضمن المقطع المصور الذي نشره الحساب الرسمي لما تسمى "ولاية صنعاء" على "تويتر"، تهديد الحوثيين، ودعوة أهل السنة إلى النفير إلى حيث "جنود الخلافة" والعمل على إسقاط من وصفهم بـ"الروافض".

يقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، نبيل البكيري، في تعليق لـ البيان ": "الحديث عن تنظيم "الدولة" في مثل هذا التوقيت يحمل من الاستفهامات أكثر ما يقدم من إجابات باعتبار التسييس الكبير لملف الإرهاب في اليمن في إطار الصراع الدائر بين الشرعية والانقلاب".

مرجحاً فرضية عدم وجود تنظيم باسم "الدولة" في اليمن بالنظر إلى أن "المنطقة حكراً على القاعدة التي هي الأخرى تعاني من اختراقات كبيرة من قبل أجهزة مخابراتية عدة" مستشهداً بمرحلة قاسم الريمي الذي أعلن عن مبايعته مؤخراً خليفة للوحيشي، التي تعد أهم فصول هذا الاختراق.

لكن الصحفي والمحلل السياسي، رشاد الشرعبي، يرى أن "داعش اليمن" هو مولود جديد سيستخدمه الانقلاب (الحوثي وصالح) حليفاً لمواجهة خصومهم واستعطاف الولايات المتحدة والغرب وربما جزء من الشرق. واعتبر مراقبون"، أن "ما يدور في اليمن جزء ممّا يحدث في بلدان المنطقة مثل سوريا والعراق وليبيا في إطار مشروع الفوضى الخلاقة وتعديل خارطة الشرق الأوسط"، مؤكداً أن الإرهاب لا دين له ولا مذهب، كما اتهم الدول الكبرى بالوقوف خلف هذه الجماعات التي وصفها بالأدوات الاستخباراتية للحفاظ على مصالحها وتحقيق أطماع توسعية".

وقال باحثون متخصصون في شؤون جماعة الحوثي، إن "إعلان داعش عن تواجده في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين في هذا التوقيت الحساس، الذي يتصدى فيه اليمنيون للحوثيين، قد يكون لعبة إيرانية لإطالة عمر الحوثيين، وتحت الأنظار الأمريكية، وإثارة المزيد من التخريب في اليمن".

على الصعيد السياسي، ربط العديد من الناشطين المناوئين للحوثيين في تعليقاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، التفجيرات بمشاورات "جنيف"، التي جرت مؤخراً وبأنها رسالة تحاول التذكير بـ "الجماعات الإرهابية المتطرفة" كخصوم للحوثيين.

فيما رأى آخرون، أن التفجيرات قد تكون مقدمة لتبرير حملات تشديد أمنية وتشويه "المقاومة الشعبية"، التي تخوض مواجهات مع الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع، علي عبد الله صالح، في العديد من الجبهات. وقد اعتبر زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، في خطابه الأخير، أن "المقاومة" تسمية جديدة لـ "القاعدة".

في السياق نفسه، جاءت التفجيرات مع تصاعد مجموعات "المقاومة الشعبية" في مناطق تحت سيطرة الحوثيين، مثل صنعاء والحديدة وإب وذمار، والتي تستهدف تعزيزات الجماعة وقوات الأمن والجيش الموالية لها أو حواجز التفتيش. ومن المتوقع، أن تؤدي التفجيرات في صنعاء لتشديد الإجراءات الأمنية خلال الفترة، وتكثيف عمليات الاعتقال والمداهمة التي تطال المعارضين للجماعة من القوى المؤيدة لـ "المقاومة الشعبية".

 وفي المحصلة يبدو جلياً أن ثمة رغبة وجنوح صوب صناعة "داعش" في اليمن من أكثر من طرف، محلي ودولي، في حين أن الواقع اليمني يرفض مثل هذا التنظيم وخلق الحالة الداعشية تماماً، فعلى المستوى المحلي هناك إصرار بات واضحاً من قبل الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وهناك محاولة موازية من قبل إيران بالنظر إلى حليفها الأساسي جماعة الحوثي، في تكرار لتجارب دول أخرى أبرزها العراق وسوريا.

 ولذلك يذهب عدد من المتابعين والمراقبين إلى أن هناك إصراراً عجيباً ينتهجه الانقلابيين، في إدخال اليمنيين في صراع قد يطول، يلعب بوتر حساس، يدخل في إطار الطائفية والمناطقية وأشياء أخرى سولت لهم بها أنفسهم الطامحة لحكم اليمنيين الى الأبد، وإن كان على حطام أجسادهم وبيوتهم.

وكثيرة هي المؤشرات التي كانت ممهدة للمخطط في التنفيذ، بدءاً من صعدة، شمال البلاد، معقل الشيعة الزيدية، التي لا تتجاوز الثلث من عدد اليمنيين، قاطبة، فبدأت المسألة هنا معكوسة تماماً.إذ أن من البدهي كما يقول متابعون، أن تكون الزيدية هي الأضعف لأنها الأقل في عدد السكان، وهناك من يستبعد استخدام الطائفية، لكن حدث عكس ذلك، وكما خطط له الانقلابيون بدقة.

فقد هُجرّت "دماج" القرية التي تقع في وادٍ جنوب شرق مدينة صعدة بشمال اليمن، وقتل الكثير من سكانها، وهنا نظر إلى الأمر على أنه بداية التأسيس والتمهيد لتخلق "داعش " التي تستخدم التهجير القسري اليوم في العراق والشام.

وعقب سقوط واحتلال العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر من العام الماضي، ظهر المخطط جلياً وواضحاً للعيان، انطلقت مليشيات وقوات الانقلابيين، إلى مناطق سنية شافعية، الأمر الذي زاد في الاستهجان وعمّق الغرابة لدى الناس والعالم أجمع، كون سكان هذه المناطق غالبيتهم، لا يفكرون هذا التفكير، الكثير منهم "نسوا" ماذا تعني الشافعية والزيدية، مُهد لذلك بحوادث قتل في أوساط الجنود، وبالسكاكين، لتكون ذريعة لهجوم الحرس الجمهوري ومليشيات الحوثي التي أسميت باللجان الشعبية، التي أخذت تقتل الشعب وبدم بارد، في الجوف ومأرب والبيضاء.

ولم يتوقف الأمر، فقد سمح لهم بالدخول واختفت ما أسميت بالقاعدة حينها، لم يجدوا الحاضن لتفريخ مثل هذه الألعاب، التي قتلت مئات الآلاف في بلدان عربية أخرى.غير أن الفرصة سنحت لهم مجدداً مع وصول رئيس الجمهورية إلى عدن، وبدأ التحدث باستعادة الشرعية والدولة المنهوبة من قبل الانقلابيين، ليبدأوا مشروعهم في تفجير مسجدين في العاصمة صنعاء، نتج عنه عشرات القتلى والجرحى، دون أن تخرج أي تقارير أو تحقيقات تؤكد من يقف خلف تلك الحوادث بصورة قاطعة.

وتحت ذريعة "داعش" والقاعدة كان القتل والدمار والخراب ولا "داعش" بتاتاَ إلا في إعلام يروج لها، ظهر مقاتلو هذه المدن من عامة الناس وأعلنت قيادات المقاومة عن نفسها فكانت من الناس أنفسهم ومن السلطة المحلية في المحافظات، وخاض أبناء هذه المحافظات حرباً مصيرية، مع فارق التسليح، إلا أن النصر كان حليفهم، خصوصاً مع إسناد طائرات التحالف العربي.

ونُسيت في الأثناء وجولات الصراع والمعارك في الميدان "داعش " والقاعدة تماماً واختفت قيادات الانقلابيين من المشهد، وعلى وجه الخصوص من يقودون معركتهم على أبناء تعز والجنوب بصمت غير معترفين بالهزيمة ودون أي تنازل للتفاوض وخوض حوار، يحفظ لهم ماء الوجه ويعيد الأمور إلى نصابها.

غير أن مؤتمر "جنيف" الذي أردوا استثماره والاستفادة منه، قد أتاح لهم الفرصة مجدداً بعد أن مهدت لهم الكثير من العوامل لـلعب بأوراق سياسية أخرى، إذ أن الأمم المتحدة نفسها أوصلتهم إلى العاصمة السويسرية، ولا نية لهم للتفاوض الجدي، غير اللعب بورقة القاعدة و "داعش"، فكانت أربعة مساجد وعشرات القتلى في أول أيام رمضان ومسجد خامس آخر في اليوم الثالث.

ويبقى في الجملة المواطن والإنسان اليمني العادي في هذه الدوامة التي وجد نفسه فيها، فهو يبحث عن لقمة العيش لا أكثر، في وضع غابت فيه كل الخدمات من ماء وكهرباء وصحة، تتخطفه الأمراض والحروب.

ويبحث اليمني البسيط في المقابل بإصرار منقطع النظير عن مشروع ينتشله من مستنقع الانقلابيين، لا أن يغرق أكثر وفي مخططات ومشاريع قتل وإبادة، لا قبل له بها من أمثال "داعش" وأخواتها.

أعلى