• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
 لماذا جاءت الصهيونية إلى العالم؟!

لماذا جاءت الصهيونية إلى العالم؟!


خلافا للصيف الماضي، فإن هذا الصيف هادئ. اللهم لا حسد. البحر عاصف من حولنا: "داعش" في تونس وليبيا وسيناء وسوريا والعراق. ومن حولنا تهب الرياح: اليونان تنهار (ام لا)، اوروبا تتفكك (ام لا)، مئات آلاف اللاجئين يهاجرون من الجنوب إلى الشمال، بسبب انهيار النظام في الجنوب، وبالذات لدينا، في وسط العاصفة، هدوء نسبي.

في كل لحظة يمكن للأمور أن تتغير وأن تحدث أسوأ الأمور، ولكن الآن، الوضع ليس رهيبا. صحيح انه يوجد بعض "الإرهاب"، ولكنه يسود الردع في الشمال والجنوب، ولدينا الجيش والشاباك، و"اسرائيل" ليس أرملاً، والدليل على ذلك: المزيد من الرافعات ترتفع في جميع أنحاء البلاد، والمزيد من ناطحات السحاب تغطي سماء "تل أبيب".

والمزيد من السياح، والمزيد من الشباب، والمزيد من المتعة. المطاعم تعج بالرواد، والشواطئ مكتظة. جيد هنا. حقا جيد هنا. لا تحكوا ذلك لأحد و لا تشكروا أحد، ولكن على الرغم من حكومة نتنياهو وعلى الرغم من الخطوط العريضة لمشروع الغاز - الحياة هنا قوية وجميلة. باستثناء مسألة صغيرة واحدة: المستقبل. القدرة على تحقيق المشروع الصهيوني. لماذا جاءت الصهيونية إلى العالم؟ كي يتواجد مكان واحد في العالم لا يكون اليهود فيه أقلية وإنما غالبية. وكي يحظى اليهود بفضل تلك الغالبية بما لم يحظوا به طوال ألفي سنة: السيادة، وكي تسمح الغالبية (الكبيرة) للشعب اليهودي بإنشاء سيادة (مستنيرة) في سياق ديموقراطي.هذه هي المسألة كلها. لهذا جئنا إلى هنا واجتمعنا هنا، ومن أجل هذا ضحينا بكل ما ضحينا به. ولهذا، لأن الفكرة الصهيونية صحيحة، نحن هنا، وحققنا إعجوبة. ولكن منذ الصيف الملعون في عام 1967 ونحن ندنس الاعجوبة التي صنعناها. منذ 48 عاما ونحن نسحق الأغلبية اليهودية ونقضي على السيادة اليهودية. وبسبب ذلك، فإننا، أيضا، نمزق الديموقراطية الإسرائيلية التي لن تتكرر.

 بهدوء، بهدوء، وبالخفاء، نفقد عالمنا. مستوطنة أخرى، ومستوطنة أخرى، ومستوطنة أخرى، حتى لا يبقى بيت قومي نرجع إليه. المزيد والمزيد من المستوطنين حتى لا تتبقى لدينا هنا إمكانية إنشاء دولة يهودية ديموقراطية. لقد أطلق شبتاي تابيت اسما رائعا لكتابه حول بداية الاحتلال: "لعنة النعيم". ولكن في العقد الأخير أصبح هذا المصطلح الذي رسخه تابيت، يحظى بمعنى جديد يثير القشعريرة. بالذات بسبب النعيم الذي يسود هنا – النمو، الهايتك، تل ابيب، الحياة الجميلة – فقدنا قدرتنا على رؤية ما يحدث من حولنا. وبالذات لأنه جيد جدا لنا – ناطحات السحاب، المطاعم، الشواطئ، الشبان – لا نستوعب حقيقة أن الأرض  تنزلق من تحت أقدامنا. بسبب كوننا ضحايا لأنفسنا، فإننا نحتسي الحاضر المُسكر بدون وعي ونسمح له بجعل حواسنا خاملة، وتشويش وعينا وتخديرنا.

 قبل عشر سنوات تماما، نهضنا كأمة وتصرفنا كدولة وحاولنا إنقاذ الأغلبية اليهودية والسيادة الإسرائيلية. في خطة فك الارتباط كانت الكثير من العيوب وتم ارتكاب الكثير من الأخطاء الصعبة أثناء تنفيذها، ولكنها اعتمدت في أساسها على  فكرة شرسة ودقيقة. ما فهمه الأب الروحي للمستوطنات ارييل شارون هو أنه ما لم نأخذ مصيرنا في أيدينا وإذا لم نصمم حدودنا - فإن المشروع الاستيطاني سيدفننا ونحن على قيد الحياة. هذه الرؤية تعتبر صحيحة اليوم أكثر مما كانت عليه في صيف عام 2005. يجب استخلاص الدروس من الانسحاب الأحادي الجانب من غزة ويمنع السماح لحماس ببناء قاعدة للصواريخ في الضفة الغربية، ولكن يجب العودة إلى الخطوط العريضة الأساسية والمنسية لتقسيم البلاد. إذا لم نفعل ذلك عاجلا، فإن الحاضر المسكر سيبيد المستقبل، واللعنة ستقضي على النعيم بشكل نهائي.

أعلى